القصة الكاملة لشبكات تهريب المخدرات عبر الحدود السورية إلى الأردن
لكن الأخطر -وفق الجيش- هو وجود مليشيات ترافق المهربين، تؤمن لهم عمليات العبور لأراضي المملكة، تحمل معها عتادا وأسلحة بين الخفيفة والمتوسطة، وتتنقل في آليات ومركبات عالية الخطورة، ومجهزة لهذه الغاية.
ولا يقف الأمر عند ذلك -والحديث للجيش- بل تستخدم تلك المليشيات الطائرات المسيرة (الدرون) لرصد تحركات المرتبات العسكرية، وتقوم بتنفيذ عمليات تسلل وهمية لغايات التمويه وتشتيت أنظار حرس الحدود، وفي ذات الوقت يتم تنفيذ عمليات تهريب حقيقية في مكان آخر من الحدود.
تصريحات الجيش جاءت خلال جولة نظمتها مديرية الإعلام العسكري بالقوات المسلحة لوسائل إعلام محلية وعربية ودولية شملت مناطق التماس على الحدود الأردنية السورية بالمناطق الشرقية.
وعلى طول الطريق الحدودية، يقضي أفراد حرس الحدود يومهم متسمّرين تحت حر الشمس وأمطار الشتاء، يد على الزناد وعين ترقب الصحاري والوديان الشمالية والشرقية، لا يدعون سيارة أو مهربا يقترب من المناطق الحدودية، يفتحون النار على المتسللين دون رحمة.
تغير طبيعة التهديد
وفي مستهل الجولة، قال مدير الإعلام العسكري العقيد الركن مصطفى الحياري إن الأردن "يخوض حربا مع المخدرات ومهربيها نيابة عن دول المنطقة والجوار بأسرها، فالمخدرات لا تعرف إقليما معينا، وتهدد الأمن المجتمعي للعالم بأسره”.
وحول أسباب تغيّير قواعد الاشتباك، فقد جاءت لـ "تغيّر طبيعة التهديد” -والحديث للحياري- فبعدما "كنا نواجه جماعات إرهابية متطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية وغيره كانت تسعى للانتقام والتدمير، اليوم "نواجه مهربين مدعومين من جماعات مسلحة”.
أّما نتائج تغيير قواعد الاشتباك على أرض الواقع فكانت نتيجتها -وفق الحياري- ثقيلة على المهربين بعد مقتل 30 مهربا، وضبط 17 ألف كف حشيش و16 مليون حبة مخدرات، إضافة إلى "استهداف أي عنصر يدخل المناطق الحرام بين البلدين فيكون مصيره القتل”.
تغيير مناطق التهريب
إضافة لذلك، بدأ المهربون يبحثون عن مناطق أخرى للتهريب -والحديث للحياري- ففي السابق كانت المناطق الحدودية التي يستخدمها المهربون محددة ومعروفة، لكن بعد تغيير قواعد الاشتباك باتوا يبحثون عن مناطق جديدة يستخدمونها في التهريب.
وبخصوص جنسيات القتلى من المهربين إن كانوا سوريين فقط أم أن هناك جنسيات أخرى عربية أو إيرانية، قال الحياري "غالبية القتلى الذين يتم ضبطهم في المناطق الحرام أو داخل أراضي المملكة سوريون، ويتم التنسيق مع الجانب السوري لاستلامهم” رافضا الحديث حول وجود "مهربين من جنسيات أخرى”.
وأكد وجود إشكاليات لدى الجانب السوري في السيطرة على المناطق الحدودية، وأن المهربين يستغلون الظروف الجوية في الضباب والغبار لتنفيذ عمليات تسللهم، بهدف إغراق السوق بالمخدرات ونقل كميات لدول الجوار العربي.
وفي سؤال للجزيرة نت حول عمليات التهريب من منطقة مخيم الركبان الصحراوي، قال الحياري إنها "مازالت ساخنة نتيجة وجود اللاجئين، وهناك تزايد في عمليات التهريب من تلك المنطقة”.
وفي سؤال آخر حول تهريب السلاح إلى جانب المخدرات، قال الحياري "تم ضبط عمليات تهريب سلاح في عدة مناطق على طول الحدود، منها أسلحة خفيفة ومتوسطة، وبعضها يستخدمها المهربون في الهجوم على مرتباتنا العسكرية من حرس الحدود”.
درون وآليات مجهزة
وخلال مؤتمر صحفي عقد على هامش الجولة، قال العقيد الركن زيد الدباس من القيادة العامة للقوات المسلحة "مرتباتنا تخوض حربا مع مهربين للمواد المخدرة، مدعومة من جماعات مسلحة ترافق المهربين لتؤمن لهم عمليات العبور لأراضي المملكة، تحمل معها أسلحة متنوعة من الرشاشات وقذائف آر بي جي في آليات مجهزة لهذه الغاية”.
هذه الجماعات المسلحة -والحديث للدباس- "ترصد وتراقب تحركات المرتبات العسكرية على المناطق الحدودية، من خلال استخدامها طيارات مسيرة، لكن القوات العسكرية في حرس الحدود استطاعت السيطرة عليها وإسقاطها”.
وفي رده على سؤال للجزيرة نت حول الاشتباك مع قوات عسكرية من الفرقة الرابعة ومليشيات شيعية، قال الدباس "في الجانب السوري العديد من الجماعات والمليشيات، ونحن نعلم الواقع الحقيقي ومن نواجه، وزودنا الجانب السوري بكافة التفاصيل”.
وتابع الدباس "تمكّنّا من معرفة أين يتم تصنيع تلك المخدرات، وكيف يتم نقلها للمناطق الحدودية، وأين يتم تخزينها، وكان يتم نقل بعض منها من خلال الطائرات المسيرة (الدرون) ليتم إلقاؤها داخل أراضي المملكة، لكن تم ضبط تلك الكميات”.
لجان مشتركة
وتنسق القوات المسلحة الأردنية مع الجيش السوري من خلال قنوات ولجان خاصة تم تشكيلها لهذه الغاية -بحسب الدباس- وهناك "اتصالات أولا بأول ويتم تزويد الجانب السوري بكافة التفاصيل حول المهربين والجماعات المسلحة المرافقة لها”.
وتابع "رصدنا 160 شبكة تهريب مخدرات في المناطق الجنوبية للحدود السورية، وزادت أعداد تلك الشبكات حتى بلغ عدد بعضها 200 شخص، بعدما كانت تتشكل من 8-10 أشخاص سابقا”.
الدهام
العقيد الركن يوسف الدهام من قيادة المنطقة العسكرية الشرقية بالجيش العربي، قال خلال الجولة إن مرتبات حرس الحدود تمكنت من إحباط جميع عمليات التهريب من بداية العام الحالي، وضبط كميات كبيرة من المخدرات.
وحول جاهزية حرس الحدود بالمنطقة العسكرية الشرقية، قال الدهام إن قواته مجهزة بأعلى وسائل التكنولوجيا، ومزودة بآليات سريعة الحركة ووحدات مدرعة ووحدات من المدفعية، ويتم إسنادها بقوات منتخبة من القوات الخاصة، وقوات رد الفعل السريع، مسندة بطائرات من سلاح الجو الملكي.