اتساع فجوة الثقة بين المواطن والحكومة والنواب «1/3»

أخبار البلد ــ الاعتراف بوجود المشكلة بأمر ما، هو الخطوة الأولى لوضع خارطة طريق للحل الذي يعتمد على الحقائق، ولكن ثمة حقيقة الانكار التي نمارس عليها اسس التزلج فتنقلنا من رصيف الآمال لرصيف الأحلام لتتبخر بصدام مؤسف مع الواقع..

وللتوضيح، علينا الاعتراف بداية بوجود مشكلة أساسية تتمثل بولادة حاجز قوي يحجب الثقة بين المواطن والحكومة والنواب، نتيجة سلسلة من التراكمات عبر الزمن، عصفت بأسس التوافق، اعتراف مرير يحتاج للوقوف على أطلاله وعدم القفز عن أبجدياته إذا كان هناك جدية للحلول، بعيداً عن حماسيات الكلام..

فإذا كانت الثقة ركناً ببناء منظومة مجموعة القيم للدولة الحديثة التي ننشدها، فعلينا استثمار رقعتها بما يناسب طموحاتنا ضمن إقليم التحديات التي تعصف بنا، وربما الجديد في الأمر اعتراف صاحب الولاية العامة بهذه الحقيقة أمام مجلس النواب، بجرأة تبشرنا أو هكذا ظاهرها بمد اليد لمن يساعد بتفسير الأمر وتشخيص دقيق لتحديد الأسباب تمهيدا لوضع خارطة طريق للحلول، وربما أجد نفسي معلناً القول إن هذه الحقيقة المؤلمة هي جرح نازف بمقدرات الوطن بشتى أنواعها، وهي أيضاً أساس العلاقة الحالية بين مجلس النواب والمواطن بصورة أكبر بالرغم من أدبية الاعتراف أن هؤلاء النواب حصلوا على ثقة الناس وضمن وعود أسيرة الأدراج والذكريات التي لم تترجم لواقع بأي من جزئياتها بل قد تكون السبب الرئيسي لانصهار الثقة بنار الشك بين الحكومة والمواطن، ليتسع الشرخ بين مؤسسات الدولة والمواطن والتي يمكن نعتها بمصطلحات متعددة وعلى سبيل المثال لا للحصر؛ الواسطة، المحسوبية، والفساد أو الاستئناس برأي لتفسير حادثة بمقاس يناسب المسؤول وهي جميعا نماذج ولغة مبطنة ومتداولة ضمن أطر التفاهم التي نتلاقى فيها، ونجتهد بهامش خطأ بسيط بتفسيرها أو تسميتها بما يلائم الآمال أو التوقعات، فندركها بداخلنا بأدق تفاصيلها، ونختلف بطريقة الاعلان أو التعبير، فمنا المتحفظ بإبداء رأيه لقائمة طويلة من المبررات يغلفها قالب الخوف بتلفيق تهمة لجريمة لم يرتكبها أو ممارسة شكل من أشكال الأذى يساعد باغتيال الشخصية أو من فقد الأمل بالتغيير بعد انحصار المهمة والنتائج بفئة اجتماعية معينة.

هذه المقدمة وربما الخلاصة، جعلت مني مفكراً وطبيباً سياسياً يحاول التشخيص بهدف العلاج الشافي بعد تردد مرير حتى لا أتهم بعدم الاختصاص أو ممارسة الطمع لأنني بريء، ولكنني قررت المغامرة والغوص في باطن الأمور بحذر ودرجة من الجبن لتفسير ظواهر حاضرة في مجتمعنا لربط معطياتها لعلي أجد عاملاً مشتركاً يساعدنا بمرحلة صدق أن نرمم ونعالج ونوقف الهدر بالثقة والسمعة على حساب حياة المواطن المكافح الذي لم يفقد الأمل ويخزن همومه بداخله، كما أنني لن أدعي لنفسي بسحرية الحلول لمشاكل متراكمة عبر سنوات الزمن، أثقلها وخلط أوراقها الظروف الملتهبة المحيطة بوطننا، والضغوط التي تمارس علينا بكل المستويات من مستودعات الحقد المحيطة، بالرغم من قواسم الاطمئنان على مستقبل الدولة الأردنية بقيادة ربانها جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يحاول فتح منابر النقاش ويستمع للجميع، فخطاباته وخطواته تبرهن على الحرص على مستقبل كل منا كأفراد ونحن بالتالي نمثل الوطن، تعهد بكل مناسبة بالمحافظة على وجود الطبقات المتوسطة والفقيرة بتوفير وسائل المساعدة والراحة، وبعث بسلسلة من الأوراق النقاشية لأصحاب الشأن بتركيز على مبادئ العدالة والتعلم، وخلاصة الرسائل مفسرة لجميع تساؤلاتنا بحلول منصفة ضمن ثوابت الدولة الحضارية المتقدمة رغما عن الظروف التي تحيطنا والطموحات التي تسكن بداخلنا خصوصا بالدور السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي التي أخذت مسرب التركيز على السلبيات وقفزت عن حاجز الايجابيات بحسن نية أو قصد، وربما رسالته الأخيرة لشعبه الوفي لمناسبة الاحتفال بعيد ميلاده الستين، كانت خارطة طريق لمستقبل الدولة الأردنية، علينا تنفيذها لنعود بألق أحلامنا بمستقبل جميل، آمن، يوفر الحماية بكل مستوياتها واشكالها.

بداية، هناك صعوبة بتلخيص أو تفقيط الأسباب لأنها تتوالد وتتداخل على مدار الساعة من رحم الأحداث والأهداف حيث سأبحر ما اجتهدت في غديرها على أنغام خريرها وحفيف أشجارها، أنقش الأمنيات على جذورها، فإن استطعت الاجتهاد بطرحها من خلال ملاحظات تدون عبر وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف مسمياتها أو نتائج ألمسها، أكون قد قرعت الجرس، لأن من يجلس على كرسي المسؤولية ليس لديه الوقت ليسمع، محتفظ بقائمة طويلة من التبريرات الجاهزة التي تفسر الخطأ أو الإخفاق بدون اعتراف بالتقصير، وهناك زيادة بالمساحة والمسافة بين واقع الصعوبات والهموم، والجهود التي تبذل لتذليلها، حتى غدت أمنياتنا أسيرة للمجهول، وهناك حصرية لا نعرف معطياتها أو اسسها وتتمثل بحصر المراكز القيادية بثلة من الأشخاص ومن يدور بفلكهم، حتى بمواطن الإخفاق التي تلزمهم الانتقال لمراكز أخرى ضمن متتالية رياضية لم نفهم أحجيتها بعد ضمان توريثها، وكأن القدر كتب لنا وعلينا بتحجيم أمانينا ضمن سقف غير مرتفع ومحدد الأبعاد، وللحديث بقية.