جذب الاستثمارات.. ما زالت الفرصة ممكنة
الحديث عن الاستثمار والمستثمرين لا ينتهي، والدعوة لتحديث الأنظمة والقوانين والحوافز لهم مستمرة على الدوام، لأن العالم يتزايد سكانه والفرص تتزايد، كما أن أموال المستثمرين والشركات تتزايد وتبحث عن فرص مميزة هنا وهناك، والدول التي تثق بنفسها، وتحترم قدرات شعبها، وتؤمن بالكفاءات والقدرات البشرية التي لديها؛ هي التي تسعى لاستقطاب الاستثمارات بشكل دائم.
الرسالة الأخيرة لجلالة الملك كانت واضحة فيما يخص ضرورة التركيز على ملف الاستثمار؛ حيث أشار جلالته إلى أننا «نحتاج أن نحدد وننفذ خطوات فاعلة لجذب الاستثمارات الخارجية، ولتحفيز الاستثمارات الوطنية»، وهذا مؤشر صريح على أن جلالته يطمح بالمزيد من العمل والجهد، والخطوات العملية التي من شأنها جذب وتعزيز الاستثمارات في كافة القطاعات.
إذا تمعنا في واقعنا الاقتصادي، نجد أن ملف الاستثمار لم يأخذ حقه من الجهد الحكومي عبر الحكومات المتعاقبة، وفي الغالب كان الحديث عن جذب الاستثمارات والمستثمرين يأتي في مناسبات وأحداث اقتصادية تمر مرور الكرام، وللأسف الشديد فإن التراجع في جذب الاستثمارات يتم التغطية عليه كلما حدث تقصير أو تهاون من هذه أو تلك من الحكومات، أو أنه يتم تبرير تراجع الاستثمارات الخارجية بمبررات واهية تعلق الأسباب على الوضع الاقتصادي العالمي بشكل عام، أو أن هذه أو تلك من الجهات تضع الخطط والبرامج لجذب المزيد من الاستثمارات، لتبقى تل? الخطط حبراً على ورق؛ تحفظ في الأدراج، وتتراكم عليها الغبار!.
ملف الاستثمار يجب أن يناقش بكل شفافية، ويجب تغيير نمط التفكير التقليدي في جذب الاستثمارات وتحفيز المستثمرين، فلا المواقع الالكترونية للجهات الحكومية المعنية بالاستثمار هي التي تجذب الاستثمارات، ولا الرسائل الإعلامية والمقابلات الصحفية والتلفزيونية تعني المستثمر، ولا الكلام المنمق والاستقبال في المطارات تستهوي المستثمرين.
المستثمر يريد بيئة جاذبة من كافة النواحي النظرية والعملية، ونحن يجب أن نقدم أنفسنا برؤى وأفكار متجددة؛ فلماذا لا يطلب من مطور عالمي أن يقيم لدينا مدينة صناعية عملاقة في أراضي الدولة الواسعة، ويتم منحه امتيازات تعود بالفائدة على استثماره، ويسعى هو لتسويق تلك المدينة للمستثمرين حول العالم؟؟.
لماذا لا يتم دعوة مستثمر عالمي في القطاع الزراعي لإقامة مشاريع عملاقة في أراضي الدولة، لنصبح من الكبار في تصدير الخضار والفواكه وغيرها؟، لماذا لا يتم منح شركات التكنولوجيا العملاقة مساحات واسعة من أراضي الدولة لإقامة مصانع حديثة لصناعاتها المتقدمة ونصبح دولة مصدرة متطورة؟، لماذا لا نكون وجهة عالمية جاذبة للاستثمارات العالمية الخضراء في الهيدروجين الأخضر وغيره؟.
لماذا.. ولماذا.. ولماذا كبيرة تضعنا أمام أنفسنا وتقول لنا: لماذا لا نعمل لمستقبلنا ولوطننا بعقل منفتح يقدمنا للعالم برؤية حديثة متجددة؟، لينعكس ذلك كله على نمو اقتصادنا، ويوفر عشرات الآلاف من فرص العمل، ويحد من مشكلتي الفقر والبطالة.