مصائب واقعية

‏ يمكن للمواطن الأردني بكل بساطه أن يصدق بخلو باطن ارض الأردن من ‏النفط، في حين انه متوفر في كل البلاد التي تحيط بنا، ولكن هذا لا يعني بالضرورة ‏أن المواطن الأردني سيصدق أن الأردن بمنأى عن المشاكل الاجتماعية للبلاد التي ‏تحيط بنا، فدول تعاني من آفة المخدرات، ودولة ترزح تحت الاحتلال، ودولة ‏تحكمها عصابة مجرمين، ودولة حاكمها جلادها.‏
‏ فربيع العرب كشف لنا أننا كنا في غفلة عظيمة، فقد سرقت مقدرات الوطن على ‏مرأى من أبنائه، وحين شمر أهل الهمة للتصدي للفساد وأهلة، تلقتهم اكف المغفلين ‏بطشا وألسنتهم قدحا وذما.‏
‏ ونقول إن الربيع العربي كشف لنا كثير من القضايا التي كانت مخفية علينا، ‏وساهمت الصحافة الالكترونية بشكل كبير بكشف كثير من هذه القضايا، مستثمرة ‏مرونتها في التعامل مع الأخبار والتعليقات عليها من قبل المتابعين، وبذلك استطاعت ‏الصحافة الالكترونية أن تأخذ موقع الصدارة في دعم التحركات الشعبية بقصد منها ‏أو بغير قصد، وحتى تلك التي كانت تستثمر إمكانياتها في تلميع بعض الشخصيات ‏فقد ساهمت أيضا بتسليط الضوء على قضايا وجوانب إضافية تتعلق بها، فكل ‏شخصية تم تلميعها، تسلط عليها من يكشف ستورها ويجلي للناس حقيقتها.‏
‏ فإذا كانت هذه المواقع الالكترونية قد أثبتت قدرتها على التصدي لقضايا الفساد، ‏وكشف حقائق كثير من الشخصيات التي كانت تعتبر نفسها يوما من الأيام من رواد ‏خدمة الوطن وعشاق ثراه، فهل ستصل إلى اللحظة التي تستطيع من خلالها كسر ‏حاجز المحذور والتطرق لمشاكلنا الاجتماعية التي نخشى الحديث عنها حتى لأنفسنا، ‏من تسلل المخدرات إلى المدارس، وانحراف الشباب وتفشي ظاهرة التعاطي حتى لم ‏تسلم القرى من هذه الآفة فما بالك بالمدن، فلازلنا نسمع من الجهات الرسمية بأننا بلد ‏ممر لهذه الآفة ولسنا مستقر لها ولكن من يصدق ذلك.‏
‏ ثم تفشي ظاهرة الشذوذ في مناطق مختلفة من البلاد، وكثرة تكرار حالات ‏الاعتداءات الجنسية على المحارم، وجرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال، وجرائم ‏قطع الطريق والسرقة التي أصبحت مهنه، في ظل انشغال الأمن بقضايا بعيدة عن ‏ساحتهم وخلو الجو لهم، ولوجود من يقف معتصما لإطلاق سراحهم إن تم اعتقالهم.‏
‏ فحري بالمواقع الالكترونية الاعتناء بهذه القضايا وإثارتها وتوعية المجتمع ‏بخصوصها وحتى تستطيع هذه المواقع معالجة هذه المشاكل الاجتماعية الحساسة ‏جدا بطريقة علمية تؤدي إلى نتائج ايجابية وسليمة الاستعانة بعلماء الدين والاجتماع ‏والنفس ليقدموا حلول علمية ممكنة التطبيق وتتماشى مع طبيعة المجتمع، فحري بهذه ‏المواقع الالكترونية أن تطرق أبواب الجامعات للاستفادة من خبرات الأكاديميين فيها ‏وتقدم لهم قناة اتصال فعالة ليمارسوا دورهم الاجتماعي لخدمة أهلهم ووطنهم بعمل ‏تطوعي تتكاتف به تقنية الاتصال من جانب المواقع الالكترونية مع علم هؤلاء ‏الأكاديميين، عسى أن نكون بذلك استطعنا إيقاف عجلة التدهور والانحطاط من ‏الدوران ونعود إلى زمن التدين والفضيلة والخلق. ‏
‏ فيكفينا ضعف وخنوع وآن لنا إخراج رؤوسنا من الرمال لنعرف حجم الخطر ‏الذي يواجهنا ونعد له العدة اللازمة لمواجهته فالمواجهة تكسب القوة والتغافل في مثل ‏هذا الحال سمة الضعف والانهزام.‏
kayedrkibat@gmail.com