تسونامي ما بعد الربيع العربي
تسونامي ما بعد الربيع العربي
قد لا يختلف اثنان على أن العالم العربي يتعرض هذه الأيام إلى مؤامرة كبيرة تهدف إلى تمزيقه وتجزئته إلى دويلات عرقية أو طائفية أو دينية تتصارع مع بعضها البعض بعيدا عن الكيان الصهيوني، فتستنفذ طاقاتها وإمكاناتها وثرواتها في نزاعات وحروب داخلية، ما يمهد للعدو الصهيوني تنفيذ مخططاته الاستراتيجية المعروفة للقاصي والداني، تسانده في ذلك وتدعمه الدول الغربية التي ما انفكت تتدخل في الشؤون العربية والإسلامية، مستغلة الوضع الاستثنائي الذي تمر به الدول العربية بالخصوص، ومُتخذةً من القمع العربي للشعوب ذريعة للتدخل وبحجة حماية الشعوب العربية من القتل والتنكيل والتعذيب الذي تمارسه الأنظمة الحاكمة في هذه الدول.
إذا كانت الثورة التونسية قد خرجت بحمد الله من عنق الزجاجة إلى فضاءات رحبة من الديمقراطية والحرية والتعددية، فإن ثورات أخرى كالثورة المصرية والليبية واليمنية والسورية وحتى البحرينية ما زالت تعاني من مخاض عسير وتواجه مؤامرات داخلية وخارجية متعددة تهدف إلى إطالة أمد الصراع في هذه البلدان وإنهاكها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، مما يؤدي إلى حالة من الفوضى العارمة تجعل من هذه الدول لقمة سائغة وفريسة سهلة للمخططات الصهيونية والغربية على حد سواء.
لقد ذكر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي بأن تونس، برغم الانجازات التي حققتها، ستواجه تسونامي كبير، وأن الشعب التونسي قد نفذ صبره، نظرا للوضع الاقتصادي المتردي الذي تعاني منه البلاد، وأن المساعدات المالية التي وعدت الدول الغربية وبعض الدول العربية بتقديمها لكل من تونس ومصر لم يصل منها شيء حتى الآن. أغلب الظن أن هذه المساعدات لن تصل أبدا، وإن وصل منها شيء، فسيكون فتاتا لا يسمن ولا يغني من جوع، وكل شيء عند الغرب بثمن، وقد يكون الثمن استقلالنا وحريتنا وثرواتنا وكل ما ملكت أيدينا.
خرج الأمريكان من العراق وتركوه بلدا ممزق الأوصال، يتصارع ساسته على كرسي الحكم بينما يتضور الشعب جوعا، بلد يفتقد الأمن والأمان، ومرشح للانشطار إلى ثلاث دويلات هزيلة، وما السعي إلى تشكيل الأقاليم إلا بداية لانهيار هذه الدولة وفقدانها لهويتها العروبية لصالح قوى إقليمية أو أجنبية، وها هي نذر الحرب الأهلية الطائفية قد بدأت تلوح في الأفق بعد أن فجر المالكي قنبلة طائفية تطايرت شظاياها في جميع أرجاء العراق.
الثورة المصرية، التي افتخرنا وفاخرنا بها العالم تمر في منعرج خطر، فساحة التحرير لا زالت تشهد حشودا ثائرة تطالب بسقوط العسكر والانتقال السريع إلى الحكم المدني. وحدهم الإسلاميون لم يشاركوا في هذه الاعتصامات لأنهم، بخبرتهم الطويلة ووعيهم السياسي، يدركون أن البلد ستنهار إذا استمر الوضع على ما هو عليه، وان البلد سائر نحو التحول الديمقراطي لا محالة، وها هي الانتخابات النيابية تجري على قدم وساق بشفافية ونزاهة لم تشهدها مصر في تاريخها المعاصر.
أما في ليبيا، فقد زال نظام العقيد وانتهى إلى غير رجعة، لكن البلد ما زال يعاني من فوضى السلاح والمليشيات والتدخلات الخارجية، مما يجعل من مهمة الحكومة للسيطرة على الأوضاع غاية في الصعوبة.
اليمن السعيد بدوره ما زال يراوح مكانه، فالرئيس المنتهية ولايته لا زال موجودا في البلد ويمارس صلاحيته كأن شيئا لم يكن. وقد جاءت التصريحات الأمريكية، سواء من السفير الأمريكي في اليمن، أو على مستوى الحكومة الأمريكية بشأن الموافقة من عدمها على زيارة "الرئيس اليمني" إلى الولايات المتحدة لتصب في مصلحة النظام بمنحه مزيدا من الوقت ليتسنى له ترتيب أوضاعه بما يضمن بقاء النظام كما هو، ولكن بأقنعة جديدة.
العقدة الكبرى هي سوريا. اللاعبون على الساحة السورية كثر، كل يحاول تحقيق أجندته بالطريقة التي يراها مناسبة، لكن اللاعب الأساسي هو العدو الصهيوني، فالمسالة السورية بالنسبة له مسألة حياة أو موت. بقاء النظام السوري من عدمه مسألة يختلف فيها الصهاينة تماما كما يختلف فيها العرب. ثمة في الكيان الصهيوني من يفضل بقاء النظام، مبررهم في ذلك الهدنة غير المعلنة التي منحهم إياها النظام السوري منذ عام 1973، وآخرون يفضلون زوال النظام، ذلك لأن النظام السوري، برغم الهدوء على الجبهة السورية، يحارب على جبهات أخرى، ولو بالوكالة. الجبهة التي تقض مضاجع الصهاينة هي جبهة جنوب لبنان حيث يقف حزب الله شامخا ومستعدا لرد الصاع صاعين إذا تحرك العدو. زوال النظام السوري يعني زوال الغطاء والدعم عن حزب الله وانكشاف ظهره، مما يسهل على العدو الانقضاض عليه، بالتعاون طبعا مع جهات لبنانية وغير لبنانية، ومن ثم القضاء عليه، وبذلك يتحقق للعدو ما عجز عن تحقيقه في الماضي: هدوء على كل الجبهات.
قد يختلف الصهاينة فيما بينهم بشان سوريا، لكنهم بالتأكيد يتفقون على أن زوال النظام السوري سيؤدي، حسب المعطيات الموجودة على الأرض، إلى تفتيت سوريا إلى دولتين أو أكثر تتصارع فيما بينها وتتنافس لتخطب ود الصهاينة والأمريكان معا، وهذه غاية المنى بالنسبة لهم.
قد لا يختلف اثنان على أن العالم العربي يتعرض هذه الأيام إلى مؤامرة كبيرة تهدف إلى تمزيقه وتجزئته إلى دويلات عرقية أو طائفية أو دينية تتصارع مع بعضها البعض بعيدا عن الكيان الصهيوني، فتستنفذ طاقاتها وإمكاناتها وثرواتها في نزاعات وحروب داخلية، ما يمهد للعدو الصهيوني تنفيذ مخططاته الاستراتيجية المعروفة للقاصي والداني، تسانده في ذلك وتدعمه الدول الغربية التي ما انفكت تتدخل في الشؤون العربية والإسلامية، مستغلة الوضع الاستثنائي الذي تمر به الدول العربية بالخصوص، ومُتخذةً من القمع العربي للشعوب ذريعة للتدخل وبحجة حماية الشعوب العربية من القتل والتنكيل والتعذيب الذي تمارسه الأنظمة الحاكمة في هذه الدول.
إذا كانت الثورة التونسية قد خرجت بحمد الله من عنق الزجاجة إلى فضاءات رحبة من الديمقراطية والحرية والتعددية، فإن ثورات أخرى كالثورة المصرية والليبية واليمنية والسورية وحتى البحرينية ما زالت تعاني من مخاض عسير وتواجه مؤامرات داخلية وخارجية متعددة تهدف إلى إطالة أمد الصراع في هذه البلدان وإنهاكها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، مما يؤدي إلى حالة من الفوضى العارمة تجعل من هذه الدول لقمة سائغة وفريسة سهلة للمخططات الصهيونية والغربية على حد سواء.
لقد ذكر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي بأن تونس، برغم الانجازات التي حققتها، ستواجه تسونامي كبير، وأن الشعب التونسي قد نفذ صبره، نظرا للوضع الاقتصادي المتردي الذي تعاني منه البلاد، وأن المساعدات المالية التي وعدت الدول الغربية وبعض الدول العربية بتقديمها لكل من تونس ومصر لم يصل منها شيء حتى الآن. أغلب الظن أن هذه المساعدات لن تصل أبدا، وإن وصل منها شيء، فسيكون فتاتا لا يسمن ولا يغني من جوع، وكل شيء عند الغرب بثمن، وقد يكون الثمن استقلالنا وحريتنا وثرواتنا وكل ما ملكت أيدينا.
خرج الأمريكان من العراق وتركوه بلدا ممزق الأوصال، يتصارع ساسته على كرسي الحكم بينما يتضور الشعب جوعا، بلد يفتقد الأمن والأمان، ومرشح للانشطار إلى ثلاث دويلات هزيلة، وما السعي إلى تشكيل الأقاليم إلا بداية لانهيار هذه الدولة وفقدانها لهويتها العروبية لصالح قوى إقليمية أو أجنبية، وها هي نذر الحرب الأهلية الطائفية قد بدأت تلوح في الأفق بعد أن فجر المالكي قنبلة طائفية تطايرت شظاياها في جميع أرجاء العراق.
الثورة المصرية، التي افتخرنا وفاخرنا بها العالم تمر في منعرج خطر، فساحة التحرير لا زالت تشهد حشودا ثائرة تطالب بسقوط العسكر والانتقال السريع إلى الحكم المدني. وحدهم الإسلاميون لم يشاركوا في هذه الاعتصامات لأنهم، بخبرتهم الطويلة ووعيهم السياسي، يدركون أن البلد ستنهار إذا استمر الوضع على ما هو عليه، وان البلد سائر نحو التحول الديمقراطي لا محالة، وها هي الانتخابات النيابية تجري على قدم وساق بشفافية ونزاهة لم تشهدها مصر في تاريخها المعاصر.
أما في ليبيا، فقد زال نظام العقيد وانتهى إلى غير رجعة، لكن البلد ما زال يعاني من فوضى السلاح والمليشيات والتدخلات الخارجية، مما يجعل من مهمة الحكومة للسيطرة على الأوضاع غاية في الصعوبة.
اليمن السعيد بدوره ما زال يراوح مكانه، فالرئيس المنتهية ولايته لا زال موجودا في البلد ويمارس صلاحيته كأن شيئا لم يكن. وقد جاءت التصريحات الأمريكية، سواء من السفير الأمريكي في اليمن، أو على مستوى الحكومة الأمريكية بشأن الموافقة من عدمها على زيارة "الرئيس اليمني" إلى الولايات المتحدة لتصب في مصلحة النظام بمنحه مزيدا من الوقت ليتسنى له ترتيب أوضاعه بما يضمن بقاء النظام كما هو، ولكن بأقنعة جديدة.
العقدة الكبرى هي سوريا. اللاعبون على الساحة السورية كثر، كل يحاول تحقيق أجندته بالطريقة التي يراها مناسبة، لكن اللاعب الأساسي هو العدو الصهيوني، فالمسالة السورية بالنسبة له مسألة حياة أو موت. بقاء النظام السوري من عدمه مسألة يختلف فيها الصهاينة تماما كما يختلف فيها العرب. ثمة في الكيان الصهيوني من يفضل بقاء النظام، مبررهم في ذلك الهدنة غير المعلنة التي منحهم إياها النظام السوري منذ عام 1973، وآخرون يفضلون زوال النظام، ذلك لأن النظام السوري، برغم الهدوء على الجبهة السورية، يحارب على جبهات أخرى، ولو بالوكالة. الجبهة التي تقض مضاجع الصهاينة هي جبهة جنوب لبنان حيث يقف حزب الله شامخا ومستعدا لرد الصاع صاعين إذا تحرك العدو. زوال النظام السوري يعني زوال الغطاء والدعم عن حزب الله وانكشاف ظهره، مما يسهل على العدو الانقضاض عليه، بالتعاون طبعا مع جهات لبنانية وغير لبنانية، ومن ثم القضاء عليه، وبذلك يتحقق للعدو ما عجز عن تحقيقه في الماضي: هدوء على كل الجبهات.
قد يختلف الصهاينة فيما بينهم بشان سوريا، لكنهم بالتأكيد يتفقون على أن زوال النظام السوري سيؤدي، حسب المعطيات الموجودة على الأرض، إلى تفتيت سوريا إلى دولتين أو أكثر تتصارع فيما بينها وتتنافس لتخطب ود الصهاينة والأمريكان معا، وهذه غاية المنى بالنسبة لهم.