الأطفال والألعاب الرقمية القاتلة د. محمود أبو فروة الرجبِي جامعة الشرق الأوسط كلية الإعلام

أخبار البلد-

أطفالنا يعيشون فِي ظل خطر الإدمان على الألعاب الرقمية، وقلما تجد فِي مجتمعنا طِفلا لا يتعامل مع هذِهِ الألعاب، فمن لا يمتلِك جهازا رقميا مِنهم، يعتمد على جوال والِده، أو والدته، أو أجهزة الحاسوب المنـزلية، أو الأجهزة اللوحية الأخرى.

أصبح هؤلاء الأطفال "ديجتال"، لأنهم استطاعوا التعامل مع مثل هذِهِ الأجهزة، وواهم من يعتقد أن ضرر مثل هذِهِ الأجهزة، والألعاب التِي تأتي من خلالها منحصر فِي تضييع الوقت، وتقليل التركيز فِي الدراسة، وكراهية الـمدرسة، بل إن الـموضوع أكبر من ذلِك، ويتعداه إلى بِناء منظومة قيمية متكامِلة مأخوذة من هذِهِ الألعاب.

تركز هذِهِ الألعاب على تدمير الخصم، وترسخ الأنانية فِي عقول أطفالنا، فيتعلم الطفل من خلالها ألا يرى سوى مصلحته، وذاته، وِفقا لقوانين اللعبة، إضافة إلى كمية العنف الهائلة التِي تشحنه بِها، فيجب أن يقتل الآخرِين داخل الألعاب، وإلا فإنه سيخسر، وِفقا لمقولة "يا قاتل أو مقتول".

ترى ما هو الحل؟ ولا تستطِيع أي عائِلة فِي ظل الظروف التِي نعيشها أن تجعل الطفل يشغل وقته فِي أشياء بديلة، والتمدن الذِي نعيشه يجعل من الصعوبة الحصول على أصدقاء لأطفالنا يبقوا معهم لِفترات طوِيلة، كما كان يحصل مع أبناء جيلنا، إذ كنا نلتقي فِي الحارة، نمارس الألعاب الشعبية، ونلعب بالتراب، ونركض، ونتسلق الأشجار، ثم نعود مع غروب الشمس متعبين نستحم وننام.

لا يمكِن إعادة عقارِب الساعة للخلف، ولكل زمان طرقه، وحياته، وأساليبه، ولكِن يمكِن أن نتعاون جميعا ابتِداء من أجهزة الدولة، ومرورا بالمواطنين كي نصل إلى حل لِهذِهِ المعضلة الكبيرة.

فِي البِداية يجِب الإشارة إلى أننا لم نستطع للآن ابتكار ألعاب رقمية قيمية، ولا يمكِن فِي الـمدى المنظور القيام بِذلِك، وهذا له أسباب مالية، وتقنِية، وثقافية، فنحن لم نعتد على دفع ثمن الألعاب الرقيمة، ولا يمكِن أن نمولها من جيوبنا، وبِذلِك لا تتشجع الشرِكات العربية على إنتاج بديل لما هو مطروح فِي الساحة.

كما أن عقلنا العربي فِي الغالب غير إجرائي بمعنى أنه لا يقفز من خانة الأحلام والاماني إلى ساحة الإنجاز، والبِناء، وتقدِيم البديل، لِذلِك لا بد من تشجيع البلديات على افتتاح الـمزِيد من الحدائق لِتكون متنفسا لِلأطفالِ، وأن يشجع أصحاب الشقق فِي العمارات بعضهم على زيارات الأطفال المتبادلة، وأن يتِم فتح بعض الساحات القريبة (ممكِن ساحات الـمدارِس) لِتكون مكانا للعب تحت رقابة وزارة التربِية، إضافة إلى ضرورة تفعيل مكتبات أمانة عمان، وتمديد فترات دوامها، وإعطاء دورات لموظفيها لتقديم مزيِد من النشاطات الفاعلة لِلأطفالِ.

الألعاب الرقمية عدو يقتحم علينا بيوتنا، فهمن يستطِيع أن يقوقفه عِند حده؟