أمي.. إلى أن يرث الله الأرض
أخبار البلد-
منذ وجدنا على هذه الحياة وأمي ملازمة لنا في كل صغيرة وكبيرة, منذ اللحـظات الأولى وهي تبحـث عن راحتنا وتدير لنا أمورنا ولا نغيب عن تفكيرها، وإن أجبرتنا الظروف والحياة أن نبتعد عنها, حبها و قلقها يختلف حتى زعلها وعتابها له شأن آخر, نسير في دروب هذه الحياة وتسير معنا ولا تكل أو تمل أو تشكي أو تعلن بصراحة أنها تعبت, تكون في تعب ومرض ولا تصرح لنا أو تشعرنا بشيء, هدفها وغايتها أن تبقى تخدمنا، وإن زادت السنين بأعمارنا, نبقى بنظرها أطـفالا وإن تجاوزنا «الخمسين» وأصبح لنا أسر وبيوت خاصة بنا, من يمرض من أسرتها تحول ?هتمامنا كلنا لمن يمرض بأمر منها, من يمر بظرف مالي تأمرنا بأن نكون إلى جانبه في سبيل أن يخرج من ظرفه, كلنا في نظرها نحتاجها بقوة ولا تقتنع اننا امتلكنا مقومات تسيير أمورنا والاعتماد على أنفسنا, نحن نقر باعتقادها لأنها الوحيدة التي لا نستغني عن سؤالها ومتابعة شؤوننا.
في عزاء أمي تحدث أحد الأشخاص بأن الكل سيموت واننا جميعنا على نفس الدرب، كانت الليلة الأولى في قبرها كانت اجابتي وحديثي به بعض الغصة والوجع وقلتها بكل حرقة شعر بها الموجودون، سيدي هل كل الموتى واحد؟ هل موت الأم كموت الأخ والأخت والأب؟ اعاد صياغة حديثه بأن الأموات ليس واحدا, وبعضهم موته لا يشعر به أحد, نقولها ونحن نقر بإرادة الله بان الموت شيء لا يقارن بأي أمر اخر, وقد قهر الله عباده بالموت.
كانت حبيبتي ورفيقة كل المعاني الجميلة في حياتي, أعدت أن تكون الضوء الذي ينير تقدمي ونادراً ما تغيب عن يوم من أيامي, حياتي تزينها وتبث في أوصالها الأمل والسمو, أمي كانت سبيلي للعيش بسلام وسكينة وفرح، وكانت دائماً الملاذ والروح الهاربة من الجنة, يا الله كم سعيت بكل ما أوتيت من قوة أن اتنفس نفس الهواء المحيط بها.
لم ترهقني خدمتها عندما احتاجتني وبذلت كل طاقتي أن أخفف عنها قدر استطاعتي, كلنا أفراد أسرتها وأحفادها سعينا ان نقدم كل ما نملك لتكون في رضا وأطمئنان في مرضها, كنا رغم كل ما بذلنا نشعر بالتقصير وغيرنا يضعنا في مصاف البارين والمميزين في خدمة والدتهم, كأن البر أصبح استثناء ونادرا أن تجده في هذه الصورة, نقولها اننا نندم على كل لحظة لم نكن بقربها..
إلى أمي ولكل الأمهات نسأل الله أن يكون مسكنكن جنة النعيم والفردوس الأعلى؟!