هدية سياسية ضخمة للأخوان المسلمين في العاصمة بعد حرق ونهب مقرهم في المفرق و'إتجاه معاكس' لوزارة الخصاونة داخل الدولة


بسام بدارين - إطفاء آثار إحراق مقر الأخوان المسلمين في مدينة المفرق الأردنية شرقي البلاد ظهر الجمعة الماضية تطلب الإعلان صباح أمس الثلاثاء عن مفاجأة لم تكن متوقعة قريبا فقد حصل الإسلاميون من حكومة المستشار عون الخصاونة على هدية سياسية ضخمة جدا هي إعادة جمعيتهم الأم الخيرية الضخمة لأحضانهم بعد نحوخمس سنوات من إختطافها في عهد الحكومة السابقة للرئيس معروف البخيت.
وفصلت أيام قليلة فقط بين ظهور المشاهد المؤلمة لبعض المراهقين وهو يتجولون في أروقة المقر الأخواني المحروق شرقي البلاد وبين تصريح رئيس مجلس شورى حزب الأخوان المسلمين عبد اللطيف عربيات وهو يعلن عبر صحيفة 'الرأي' الحكومية بأن الحكومة ستعلن تشكيل هيئة جديدة لإدارة جمعية المركز الإسلامي برئاسته شخصيا.
ذلك لا يعني إلا حقيقة بيروقراطية وسياسية واحدة وواضحة فالإحراق العبثي لمقر الأخوان المسلمين وسط تواطؤ أمني إلى حد ما دفع الحكومة ومن ورائها الدولة لتقديم تنازل كبير للأخوان المسلمين إنتهى بإعادة جمعيتهم الأم إليهم بعد نهب مكاتبهم في المفرق .
وقد كان جمعية المركز الإسلامي وهي أم الجمعيات الخيرية في المملكة وأضخمها وأكثرها تأثيرا في أعماق المجتمع ورقة بيد حكومة الخصاونة يمكن التفاوض عليها مع الإسلاميين لتخفيف معارضتهم لكن من أحرقوا مقر المفرق ومن صمتوا على الأمر دفعوا الحكومة للتنازل عن هذه الورقة الحيوية قبل الأوان لإن الجمعية المقصودة بالعرف الأخواني هي المحور الأساسي لإمبراطورية الحركة الأخوانية الخيرية في البلاد.
وقد كانت المفاضلة بسيطة فالطريقة الوحيدة التي تستطيع وزارة الرئيس عون الخصاونة بواسطتها الرد على محاولات إعاقة تقدم ترتيباتها مع الأخوان المسلمين تمثلت في إعادة الجمعية للدكتور عربيات وصحبه بعد سيطرة لجنة حكومية عليها وفشلها في الواقع في إدارتها.
أحد السياسيين قال لـ'القدس العربي' تعليقا على المشهد: التساهل الغريب إزاء ظاهرة البلطجة إنتهى بمشهد مؤسف سياسيا فمن سمحوا بإحراق بقالة للأخوان المسلمين في مدينة غير مسيسة مثل المفرق دفعوا الحكومة بفعلتهم نحو إفتتاح سوق بأكمله بالعاصمة سيحيي نشاط الأخوان المسلمين في كل شارع وحي في المملكة حسبما كانت تفعل جمعية المركز الإسلامي .
لذلك يكشف عربيات دون غموض بأنه سيترأس الجمعية المخطوفة مجددا بموجب تفاهم مع حكومة الخصاونة في النتيجة الأسرع لحادثة إحراق مقر الأخوان المسلمين في مدينة الغالبية العشائرية في المفرق حيث بثت أشرطة توضح عمليات نهب وحرق مؤسفة قام بها شبان لا أحد يعرف من حركهم لمقر الأخوان المسلمين مع لقطات تتضمن تدنيس المسجد الكبير في المدينة لطرد الأخوان المسلمين منه .
ومن الواضح أن أثمانا أخرى ستدفعها الدولة قريبا للأخوان المسلمين بعد ما حصل فتسليم جمعية المركز بهذه السرعة للحركة الأخوانية وبدون تفاوض أو مساومة سياسية بمثابة رسالة من رئيس الحكومة للأشخاص أو لمراكز القوى التي حاولت التآمر على تفاهماته مع الإسلاميين داخل الدولة وخارجها.
وقد عبر الناطق الرسمي بإسم الحكومة راكان المجالي عن ذلك عندما إتهم علنا مراكز قوى لم يسمها بتقصد الإساءة للحكومة ولرئيسها بالإعتداء على مسيرة الإسلاميين السلمية الجمعة الماضية موحيا ضمنيا بأن ما حصل من مظاهر إنفلات عشائرية ضد الأخوان المسلمين خطوات موجهة أولا وقبل كل شيء ضد الحكومة وفاتحا الباب ضمنيا أيضا لتأويلات تتعلق بجهات داخل مؤسسات القرار.
وكانت غزوة المفرق ضد الإسلاميون كما سميت على صفحات 'الفيسبوك' قد سيطرت على مظاهر النقاش السياسي العاصف في البلاد طوال الأيام الخمسة الأخيرة فبعد إحراق مقرهم تحدث الأخوان المسلمين عن قطعان من البلطجية هاجمت مقرهم وأحرقته وإعتدت على قياداتهم وأطلق القيادي المهم الشيخ زكي بني إرشيد موقفا يحمل عدة اوجه عندما قال: المقاربة الأن إختلفت .
وتحدث بيان الإسلاميين أيضا عن قرار رسمي يسمح بمواجهات أهلية وبظهورميليشيات مسلحة فرد عليهم نشطاء بإسم عشيرة بني حسن بتهديدهم بملاحقتهم في كل أوكارهم قبل ان تنتبه السلطة وتحرس أمنيا مقرات الأخوان المسلمين في مكان.
بالتزامن يتبادل نواب وسياسيون همسات عن ضربة مقصودة وموجعة وجهها 'أحد ما في الدولة' لحكومة الخصاونة ووصل البعض لإستنتاج يقول بأن المؤسسات المرجعية أطلقت الضوء الأخضر لإسقاط حكومة الخصاونة بالتدريج ودخل الجميع في أزمة التواصل مع الحراك المنظم للحركة الإسلامية في الوقت الذي حذرت فيه شخصيات بارزة من بينها أحمد عبيدات وليث الشبيلات من تعميم نموذج التصدي 'العشائري' للحراك السياسي حتى تفلت السلطة من كلفة التصدي الأمني المباشر.
حتى البلطجي الذي سمح له بإسم الولاء والشرعية بإحراق مقر حزب مرخص لجماعة شريكة في الإستقرار منذ نصف قرن سيأتي يوما لن يقف فيه على الإشارة الضوئية كما يلاحظ النشط السياسي محمد الحديد وسيتحدى رجال الأمن فتجربة زعران وسط العاصمة عمان تقول ذلك لان من سمح للبلطجية بضرب المعتصمين يوما راقبهم وهم يفرضون 'خوات' على تجار وسط المدينة بحجة أنهم السبب في جعل التظاهر والإعتصام في المكان صعبا.
كل تلك التداعيات حصلت بعد نهاية الأسبوع في الأردن وبعد حادثة المفرق وقد برزت على سطح الأحداث لإن أحد ما يريد أن يظهر حجما مبالغا فيه بالولاء للملك وبالنفاق للقصر كما قال الكاتب الصحافي محمد الصبيحي الذي دافع عن حق أي مواطن أردني في التظاهر سياسيا في أي مدينة داخل المملكة مقترحا من باب السخرية تأسيس مناطق ديمقراطية خاصة بالمحافظات على غرار المناطق التنموية.