«سياسة النعامة» و«حالة الاستعصاء»..!

اخبار البلد -
 

حتى لا نمارس جميعنا سياسة دفن الرؤوس في الرمال، معتقدين أن ظهرنا المكشوف المليء بالرقع لن يراه أحد، علينا أن نقر ونعترف باننا امام حالة من «الاستعصاء السياسي» تمارسها ما يطلق النخب السياسية–وأنا لا اتفق مع التسمية–في طريقة التعاطي مع متطلبات الاصلاح السياسي والاقتصادي والإداري التي فصّلتها الرسالة الملكية قبل أيام.

وثمة حقائق لا بد من الإشارة إليها:

أولاً: لم تكن الرسالة الملكية أول رسالة، أو اشارة، يوجهها الملك لأداء المؤسسات الحكومية المختلفة. فقد سبق أن كان جلالة الملك يقوم بزيارات ميدانية متعددة، ويوجه وينتقد أداء وترهل وتباطؤ بعض المؤسسات. وبعدما يغادر الملك تدبّ الحمية برؤوس المسؤولين، ولكن دون أي تعاطٍ حقيقي مع المشاكل التي تحدث عنها جلالته، وكل ما في الأمر هو القيام بحملات إعلامية و«إعلانية» فقط.

ثانياً: أن واحداً من المفاصل المهمة في رسالة الملك هو تشخيصه لاداء المؤسسات وما سماه جلالته «ضعف العمل المؤسسي، والتلكؤ في تنفيذ البرامج والخطط والانغلاق في وجه التغيير» (اقتباس). إضافة إلى غياب «نهج المُساءلة للمقصرين في واجباتهم تجاه المواطن، لأن مفهوم الخدمة العامة يفرض تقديم الحلول وليس وضع العراقيل أمام المواطنين»..(اقتباس)

ثالثاً: للأسف أن اختيار القيادات المسؤولة عن المؤسسات يتم «بعقلية بيروقراطية».. وعلى أسس «المحاصصة» وليس الكفاءة والتميز.. وهو ما أشار له الملك في رسالته عندما قال «وواجبنا أن نوفر الحماية والدعم لكل مسؤول يتخذ القرارات الجريئة ويبادر ويجتهد، طالما أن قراراته تنسجم مع القانون.. ولا مكان بيننا لمسؤول يهاب اتخاذ القرار والتغيير الإيجابي، أو يتحصن وراء أسوار البيروقراطية خوفاً من تحمل مسؤولية قراره».. (اقتباس).

رابعاً: هناك حالة «استعصاء سياسي» تعيشها النُخب السياسية وكبار المسؤولين ناتجة عن ضعف القدرات السياسية والادارية والمعرفية، ما يشكل حالة من «الاغتراب» الحقيقي عن قضايا المجتمع الأردني و«القطيعة»، مع الحِراك المجتمعي الأردني، إضافة إلى عدم وجود روافع «كاريزماتية» تؤهلهم لما أكده الملك في رسالته عندما تحدث عن.. «الشراكة الحقيقية بين الحكومة والمواطنين» و«أن المواطن شريك أساسي في تسريع وتيرة التغيير الإيجابي والإفادة منه، وعلينا مواجهة من يعمل على إدامة الوضع الراهن... خوفاً من بذل الجهد والتضحيات المطلوبة لتحقيق الجديد الذي يعود بالمنفعة على الجميع»..(انتهى الاقتباس).

الأزمة الحقيقية هي «أزمة سياسية»، وليست «إدارية» فقط، كما يقول البعض، فالوزير في وزارته هو وزير سياسي يبدي توجيهاته للإداري.

وبالتالي فإذا أردنا قيادات فاعلة وذات قدرة على إدارة ومواجهة الأزمات فإن الكفاءة السياسية والملاءة المعرفية والتخصصية في مجال العمل والقدرات القيادية يجب أن تكون هي الفيصل في الاختيار.

وبغير الإصلاح السياسي، وتزامن الإصلاح الاقتصادي والإداري معه، سنبقى نراوح في نفس المكان..