رسالة الملك ماذا بعد؟

أخبار البلد-

 

الملك عبدالله الثاني في رسالته الشاملة لشعبه وللحكومات بمناسبة عيد ميلاده الستين وفي خضم دخول الأردن المئوية الثانية من عمر الدولة استعرض حقائق وواقع الدولة الأردنية بمكوناتها من مواطنين ومؤسسات وصناع قرار بتشخيص واضح وصريح ومباشر لنقاط قوتها وضعفها ومشاكلها البنيوية وقدم الملك من موقعه تصور واستشراف لشكل الدولة الأردنية المطلوب وحدد ملامح الرؤيا لمستقبل مكونات الدولة على أساس من المواطنة والشراكة الحقيقية في مقدرات الوطن ومسؤولياته وحقوقه وواجباته. لم تكن المرة الأولى التي يصارح فيها الملك مواطنيه بالمقام الأول بالتحديات والصعوبات التي يواجها الأردن واذا كانت الأوراق النقاشية أحد هذه المصارحات والرؤية والتي وعلى عكس ما اريد لها لم تحظ بالنقاش والتحليل بل والجدال العلمي المنهجي من قبل الحكومات المتعاقبة والتي فقدت مبررات وجودها وولايتها العامة لقصور في مدى تفكيرها وضعف افرادها وبيروقراطيتها وغياب الحلول الابتكارية والشجاعة في اتخاذ القرارات بما يعزز من وجودها أصلا ويسجل لها كإنجازات في رصيدها السياسي.

امام هذا الواقع جاءت رسالة الملك بالتذكير والمصارحة والمكاشفة بتطلعات الأردنيين الاقتصادية المتمثلة في نمو اقتصادي مستدام وتعليم يضاهي الدول المتقدمة وخدمات طبية وصحية تليق بالمواطن الأردني وشراكة حقيقية بين القطاعات المختلفة على أسس من تكامل الأدوار لا من خلال الغائها او تعطيلها من خلال تكتلات ومصالح جهوية وشخصية .الرسالة الملكية والتي اكدت على أساس التغير الإيجابي المبني على الحرية والانفتاح ونبذ التعصب والانعتاق من الانغلاق وتصغير الذات والانطلاق الى رحاب العالمية استنادا على الطاقات وبالذات الشبابية والتي تؤكد في كل مجال أتيح لها العمل بانها قادرة على صنع الفارق بل بالتميز والريادة وتجارب الابداعيين من الشباب وقوى المجتمع الفاعلة تثبت ان الأردنيون قادرون ان امتلكوا الإرادة على تغيير الواقع .الاردن الذي كان نموذجا بالخدمات الطبية والتعليم العالي والانضباطية تراجع وتقهقر لغياب التخطيط وسوء إدارة الموارد المالية والاقتصادية والفشل في الاحتفاظ بالكفاءات وتطوير القدرات مما جعل بيئة العمل طاردة للمبدعين والمتميزين مما اثر على شكل ومحتوى الدولة العميقة دولة المؤسسات والقانون وانعكس على ثقة المواطن بالإجراءات الحكومية والسياسات لأسباب موضوعية تتثمل في عدم تأثيرها على حياة المواطنين إيجابا ولضعف الرواية الحكومية في شرح السياسات والإجراءات وذلك لضعف القائمين عليها من اشخاص وبرامج عمل . في رسالته الصريحة يوجه الملك الحكومات بالعمل ضمن برامج تراكمية ومستهدفات واجندات وطنية تبني على ما سبق والملك اذ يوجه الحكومات لا يقوم بأخذ دورها وإلغاء ولايتها وانما يؤطر للمطلوب منها .الرسالة الملكية واضحة للحكومات بضرورة تقديم ما يشفع لها من الشرعية بالوجود وان الاختباء والاحتماء بمظلة الملك دون العمل الدؤوب غير مقبول منه شخصيا ولا شعبيا ولا دستوريا أيضا.

الملك أشر الى الفرص الكامنة في قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والأتمتة والزراعة النوعية والتكنولوجيا الرقمية والتي لنا باع فيها .

الرسالة الملكية استعرضت التحديات الاقتصادية المتمثلة في نسب البطالة المرتفعة وتراجع النمو وعدم القدرة على خلق الوظائف والتشغيل المنتج وافتقار البيئة الاقتصادية الى عوامل جذب الاستثمارات الخارجية بل . الفرق الاقتصادية العاملة في البلد مطالبة بتقديم حلول عملية وتصورات قابلة للتنفيذ والخروج من الاطار النظري والاقصاء لمكونات من المجتمع الأردني وهي مطالبة أي لاطواقم الاقتصادية بالعمل والتشبييك كوحدة واحدة .

السؤال المهم الان في كيفية تعامل الحكومات مع التوجيهات الملكية ومدى قدرتها على تنفيذ خطط وبرامج تصب في مصلحة المواطنين؟ واذا كانت الحكومات والمسؤولون المتعاقبون على إدارة الشأن الاقتصادي يدركون اهمية ما جاء في الرسالة فلماذا لم تبادر بتنفيذ التوجيهات بشكل مسبق ان كانت فعلا حكومات برامجية تمتلك الرؤية وتعي معنى الولاية العامة ؟ الحكومات كما المسؤولون يمتلكون الشرعية ومبرر الوجود والاعتراف من خلال العمل والابتكار والتطوير والابداع والا فالمحاسبة والسقوط شعبيا وملكيا مصيرها المحتوم .