سوق العمل الأردني: مشكلة العرض (2)

اخبار البلد - 
 

جانب العرض في سوق العمل الأردني يعاني اختلالات كما يعاني جانب الطلب أيضا، وحين نتحدث عن العرض في أي سوق عمل، فإننا ما نقصده رأس المال البشري من حيث كفايته وقدرته على تلبية احتياجات السوق المتجددة والاستجابة لها. لذا فأول هذه الاختلالات في جانب العرض بسوق العمل الأردني هو المشكلة التي بات الحديث عنها مملاً لكثرة تكراره.
فعدم مواءمة مخرجات التعليم لاحتياجات السوق الأردني أحد أبرز الاختلالات بهذا السوق، وهو ما أسهم ويسهم بزيادة معدلات البطالة لهذه النسب المرتفعة في الأردن. لكن علاوة على ذلك، فأيضاً عدم مواءمة التدريب المهني وظروف خريجيه ومخرجاته مع سوق العمل سبب اختلالا بارزا في سوق العمل الأردني؛ حيث إن ما يقارب 50 % من العاطلين عن العمل بفئة الشباب هم من غير الحاصلين على شهادة الثانوية العامة، ويتوجه أغلبهم للمؤسسات المهنية لغايات التدريب على مهن وحرف.
إلا أنه من الواضح أن مخرجات هذه المؤسسات لا تلبي احتياجات السوق من حيث الفرص المتاحة به أو من حيث الخبرات المكتسبة لهؤلاء الخريجين، وهنا يبرز دور وزارة العمل (المنظم لسوق العمل) ومؤسسة التدريب المهني وهيئة تنمية وتطوير المهارات المهنية والتقنية لسد هذه الفجوة التقنية والمهنية في سوق العمل الأردني؛ حيث يلاحظ في كثير من المهن والحرف عدم رغبة أصحاب العمل في توظیف العمالة الأردنیة نظرا لانخفاض إنتاجیتهم وارتفاع أجورهم مقارنة مع العمالة الأجنبیة، كما يشير المنتدى الاقتصادي الأردني بإحدى دراساته المهمة. كما تلعب الأجور وظروف وبيئة العمل والثقافة الاجتماعية دوراً كبيراً في عدم تقبل العمالة الأردنية للعمل في حرف ومهن معينة، وهنا نجدد دور المؤسسات المعنية بتنظيم سوق العمل الأردني، ونسأل لماذا لا تكون هناك رخص مهنية لجميع المهن والحرف صادرة عن الجهات المعنية ذات الاختصاص كشهادة على كفاءة واحترافية العاملين في هذا القطاع أو ذاك؟
أيضاً بجانب العرض بسوق العمل الأردني، هناك مشكلة بطبيعة وشكل الاستثمارات التي يتم استقطابها (على انخاض الاستثمارات المتدفقة للأردن)، فتلك الاستثمارت ذات كثافة عمالية منخفضة، وحتى التي تفرض طبيعتها أن تكون ذات كثافة عمالية مرتفعة فلا يتم توظيف عمالة أردنية بها.
ما يلزم اليوم للتعاطي مع مشاكل الطلب والعرض في السوق الأردني، هو أن تعمل الحكومات المتعاقبة على تحفيز النمو الاقتصادي من خلال المشاريع الكبرى، وتنظيم سوق العمل، فنحن نصدر العمالة الماهرة ونستورد العمالة غير الماهرة، إضافة الى تدريب وتأهيل الشباب مهنياً وتقنياً، فنحن نعاني قلة الخبرات المهنية والتقنية، هذا بالتوازي مع ضرورة العمل على تغيير ثقافة العمل عند الشباب، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال الحكومات والبنك المركزي.