صحيفة: بوتين سيد الألغاز المحيرة.. ما الذي يفكر فيه؟
أخبار البلد ــ في افتتاحيتها لهذا اليوم حاولت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية طرح أسئلة ترى أن تصرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -لا سيما في الأزمة الأوكرانية- يجعل الجواب عليها ملحا رغم صعوبته.
وبدأ كاتب الافتتاحية فيليب جلي مقاله بالتنبيه إلى أنه لا أحد في رأس بوتين، لكن كثيرا من الناس -بدءًا بالرئيس الأميركي جو بايدن- يحاولون الوصول إلى هناك لفهم طموحه وتخمين إستراتيجيته وتوقع تحركاته التالية.
وتساءل جلي: هل يخادع رئيس الكرملين لملاحظة رد فعل الغربيين وترددهم وانقساماتهم، أو أنه على وشك تحديهم مباشرة بمهاجمة أوكرانيا؟ هل يريد أن يكسب بضعة أفدنة من الأراضي الناطقة بالروسية أو يريد أن يستعبد البلد بأكمله من خلال وضع نظام عميل له هناك؟ ما التحليل الذي أجراه بشأن تكاليف وفوائد عملية مسلحة تهدف إلى تدمير "التوازن" الإستراتيجي الأوروبي الذي نشأ إثر سقوط الاتحاد السوفياتي؟
ويرى الكاتب أن طموح بوتين يمكن استنتاجه من المهمة التاريخية التي حددها "القيصر" لنفسه منذ تسلمه السلطة قبل ما يقرب من 23 عامًا؛ وهي: تصحيح الخطأ الناجم عن "الكارثة الجيوسياسية الكبرى في القرن العشرين"، أي استعادة دور روسيا كقوة عظمى ويكون لها -مثل الولايات المتحدة والصين- "مجال للمصالح المتميزة".
ذلك المجال الذي يقول جلي إن الدول فيه لا تتمتع إلا بسيادة محدودة فقط، ويكون بذلك بوتين وضع حدا للهيمنة الغربية على العالم بفضل دعم بكين.
في صراعه مع الغرب غيّر بوتين اسم الحرب العالمية الثانية لتصبح "الحرب الوطنية العظمى" (الأناضول)
وفي ضوء ذلك -كما يقول الكاتب- يجب أن نقرأ المطالب "غير العادية" في مسودة المعاهدات الأمنية التي قدمها الكرملين إلى واشنطن، والتي تهدف إلى عودة حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى مواقعه الإستراتيجية قبل 25 عامًا.
وهذا ما دفع الكاتب للتساؤل: هل ذهب الغربيون بعيدًا أم أنهم -على العكس من ذلك- كانوا متساهلين جدًا مع سيد الألغاز الروسي؟
ويرى الكاتب أن مناقشة مثل هذه القضية تبدو عبثية، إذ إن حلم بوتين هو بناء حلف وارسو جديد، واللغز المحير في ذلك هو الوسائل التي هو على استعداد لتوظيفها لتحقيق ذلك الهدف.
وهنا يقول جلي إن بوتين -الذي عايش 5 رؤساء أميركيين ويرى الآن الولايات المتحدة مقسمة في داخلها ومنسحبة من العالم- ربما يرى أن الوقت قد حان للتحرك.
لكن الكاتب يخلص في تحليله إلى أن "وحشية بوتين" تسحق بلاده أولا، كما أنها تدفع جيرانه إلى أحضان أوروبا، لتتسع بذلك الفجوة بين مصالح نظامه ومصالح روسيا، وهو ما وصفه الكاتب بأنه السمة المميزة للدكتاتورية، ليختم بسؤال: "منذ متى كانت الدكتاتوريات تتخذ الخيارات الصائبة؟"