أبعاد المؤامرة
في البداية أرجو أن أتوجه بكل إخلاص وصدق إلى بعض الإخوة الصحفيين وبعض السياسيين , كي يفتحوا عيونهم جيدا , وأن يدققوا بتأن وتفكير عميق في كل ما يجري هذه الأيام , وأن لا يتسرعوا في أحكامهم , والاعتماد فقط على ما تذيعه وتنشره بعض وسائل الإعلام التي أخذ يتضح أنها وسائل مغرضة وتنفذ أجندات كبيرة , وثبت بالدليل القاطع أنها تفبرك الأخبار والمعلومات بشكل متعمد وتنفذ مخططات معد لها , ورصدت الدوائر القائمة على هذه المؤامرة ملايين الدولارات تغدق بها على العديد من الناس لكي يسيروا في هذا المخطط .
وإني لأتساءل متى كانت الدوائر الإستعمارية في أميركا وفرنسا وبريطانيا حريصة على حرية شعوبنا وشعوب الأرض جميعها ؟
وحتى مع الأسف الشديد فقد غض النظر وتعامي الأمين العام للجامعة العربية , عما بيت للأمة العربية ودولها ,وقبل لنفسه أن يهين هذا الموقع الذي يحتله , ولا يمكن لأي مشاهد عربي ينظر إلى المحطات الفضائية , ويرى الأمين العام للجامعة العربية يجلس بجانب " الزعيم الجديد " للأمة العربية الشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء دولة قطر وكأنه تلميذ أمام أستاذه , وهل من الممكن مقارنة هذا الأمين العام بالدور الذي كان يقوم به الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى , وإني أتساءل من منا كان يشعر أو يعرف من كان يتولى رئاسة دورة الجامعة العربية في دوراتها السابقة ؟ لقد مسخ السيد العربي دور الأمين العام لجامعة الدول العربية وهزأه , وأظهره كموظف صغير يملي عليه السيد حمد القرارات التي يسجلها مسبقا ومعدة في جيبه لكي يمليها على ممثلي الدول العربية , أولم يبلغ الأمر حد إسكات ممثل دولة الجزائر وتهديده بالقول أسكت (جاييكم الدور ) . ولا يمكن للإنسان أن يدرك السر الذي يجعل دول عربية تلتزم الصمت أمام القرارات التي يفرضها حمد على الجامعة العربية, هذه الدول التي كان لها تأثير كبير في حياة الجامعة العربية وتترك الأمر لحمد أن يقرر للجامعة العربية ما يريده أسياده الأميركان , أولم يقل بعظمة لسانه أننا ننسق مع المخابرات الأمريكية والبريطانية في تآمره على السعودية .
لقد أعلن الأمير طلال بن سعود بكل وضوح عن الدور الذي تلعبه دولة قطر في هذا المخطط التآمري على الأمة العربية والذي لا يستثني السعودية , بهدف تقسيمها وإقامة دويلات صغيرة على أنقاضها .
إن المؤامرة لا تستهدف سوريا فقط , وحتى لو تمكنوا لا قدر الله من إسقاط النظام في سوريا فللمؤامرة أبعاد أخرى غير ذلك , وإذا كان الهدف الآن يتركز على سوريا , فهي الخطوة الأولى في سلسلة التآمر على شعوبنا , وبعدها يبدأون في تنفيذ باقي المخطط والذي يهدف إلى تمزيق البلدان العربية , وتفتيتها إلى قطع وكانتونات ودويلات صغيرة , على رأس كل واحدة منها شيخ كأمراء دول الخليج يلهث كل حاكم منهم لكسب رضى وود أميركا وإسرائيل ويصبح الجميع مثل دول الخليج .
وهاهي الآن أخذت تنجلي خيوط المؤامرة للقضاء على الجامعة العربية والإنتهاء من هذا الكيان الذي يجمع الدول العربية رغم ما يعتريه من نواقص وضعف .
إن الدول العربية لن تظل حالها على ما هي عليه , فسوف تنهض الشعوب العربية وقد بدأت بالفعل , وسوف تعيد للجامعة العربية دورها المنوط بها في تعزيز التضامن بين شعوبها ومساندتها في نضالها من أجل الحرية والديمقراطية والحياة الحرة الكريمة . لقد كانت الجامعة العربية رغم المآخذ عليها تجمع البلدان العربية في بعض الفترات من تاريخها وتقوم بدور تضامني ومساند في نضالها ضد المستعمرين , كما كان ذلك في تضامنها ومساندتها للشعب الجزائري في نضاله الشجاع وثورته الباسلة ضد المستعمرين الفرنسيين وكما كان موقفها التضامني والمساند مع الشعب المغربي ومع الملك محمد الخامس في نضاله ضد المستعمرين الإسبان , وكذلك مع مصر الشقيقة بقيادة الرئيس جمال عبدالناصر عندما تعرضت مصر لغزو القوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية .
إن الدوائر الاستعمارية تسعى الآن للقضاء على جامعة الدول العربية وإظهارها كمنظمة معادية للشعوب العربية ويلعب رئيس الدورة الحالية للجامعة العربية رئيس وزراء قطر الآن هذا الدور ولذا أخذنا الآن نسمع لأول مرة في تاريخ الجامعة التنديد بها , والتنصل من أعمالها وقراراتها وخرجت علينا قطر بمشروع جديد لتكوين منظمة باسم الإتحاد العربي الذي يهيئون له بعد تفتيت البلدان العربية إلى دويلات صغيرة على غرار دول التعاون الخليجي , وكي يصبح الجميع سواسية وتعلن قطر صراحة أن هذا الاتحاد العربي هو بديل عن الجامعة العربية .
إن على القوى الوطنية والتقدمية أن لا تقف مكتوفة اليدين إزاء المؤامرة التي تستهدف الشعوب العربية وبلدانها وتترك المجال للقوى المتآمرة كي تعمل براحة لتنفيذ خططها الإجرامية .
إن عليها أن تعمل بجد من أجل وحدة صفوفها وتجمع كل القوى الشريفة والوطنية المخلصة لمواجهة هذه المخططات وإحباطها , وأن لا تجعل أي شيء يلهيها عن هذه المهمة مهما كانت هناك من خلافات بينها فكرية أو سياسية أو غيرها والتصدي لهذه المؤامرة التي تستهدف أمتنا العربية وإعادة استعمارها من جديد بأساليب جديدة .