مذكرة عفو عام نيابية بأخطاء إملائية!

اخبار البلد - 
 

لا تعرف كيف تخرج بعض الأفكار في أوقات تبدو غير مناسبة تماما، أو أنها خارج السياق العام؛ فبينما يثار حراك كبير حول التعديلات الدستورية والقوانين التي قدمتها الحكومة بدفع من لجنة تطوير المنظومة السياسية وتحديدا قانوني الأحزاب والنواب، تصدر فجأة ودون مقدمات مذكرة نيابية تطالب بإصدار "عفو عام"، وذلك بعدما تبنتها لجنة الحريات وحقوق الإنسان في مجلس النواب، وذلك على الرغم من أن آخر عفو عام لم يمض عليه سوى عامين فقط، وهي مدة قصيرة تفصل بين العفو الأخير والعفو المقترح.
تبرير النواب لهذا العفو الواسع أنه يأتي بحسب المذكرة التي أرسلت إلى رئيس المجلس ليقوم بدوره بتوجيهها إلى الحكومة، تزامنا مع تحديث المنظومة السياسية من تعديلات دستورية وقانون الأحزاب وقانون انتخاب جديد، وهو ما اعتبرته المذكرة مرحلة جديدة في الإصلاح السياسي، واعتبرت المذكرة أن العفو هو جزء من "الإصلاح الأمني المجتمعي".
ولا أعرف كيف ربط النواب بين "الظروف التي مر بها العالم والأردن وما شهده الاقتصاد الأردني من تراجع نسب النمو وارتفاع في معدلات البطالة والفقر" وبين "ارتفاع ارتكاب مخالفة أحكام القانون الأمر".
ولا تعرف كيف سيساعد العفو في "اتخاذ خطوات متوازنة لحفظ الأمن المجتمعي والتخفيف عن كاهل المواطن ".
وبدا لي أن بعض السادة النواب وقعوا، ربما، مجاملة لصاحب الاقتراح الأول، وإذا وجدوا أن المطالبة غير مجدية سيسحبون تواقيعهم على الفور.
وأرى أن العفو العام هو إجراء يتنافى مع دولة القانون والمواطنة والمساواة؛ فبعض من هم بالسجن ارتكبوا أفعالا أضرت بالمواطنين وبالأمن الوطني، وليسوا هناك بدافع الانتقام منهم أو للحجر على حريتهم دون سند قانوني.
كما أن عددا كبيرا ممن قد يشملهم العفو لا يستطيعون الخروج من السجن إلا بعد إسقاط الحق الشخصي من قبل الشخص المشتكي، وهو شرط يضع صاحب الحق ومن تضرر من وراء هذا الشخص أمام خيار إسقاط الحق الشخصي تحت التهديد من قبل أعوان وأقارب من لا يزال خلف القضبان.
ولا تستطيع أي دولة في العالم أن تصدر عفوا عاما إلا في أضيق الحدود وفي فترات متباعدة، فآخر عفو عام في الأردن لم يمض عليه حتى الآن سوى عامين تقريبا، وهي مدة قليلة لا تستدعي صدور عفو جديد، ولا توجد أية مبررات وطنية تستدعي ذلك.
نتفهم أن بعض النواب يريدون صدور العفو تحقيقا لوعود أطلقوها إبان حملتهم الانتخابية، أو لوجود محكومين من دائرتهم الانتخابية أو من أقاربهم. لكن كنا نتمنى أن تكون مبادرة النواب متعلقة بصدور عفو أو مبادرة وطنية عن جميع الموقفين أو المحكومين لأسباب سياسية أو لأسباب تتعلق الحريات العامة، وكنا نتمنى أن تكون هناك مبادرة لإغلاق ملف نقابة المعلمين مثلا.
 
بالمناسبة المذكرة الجديدة غارقة بالأخطاء الإملائية والنحوية وركاكة الصياغة، ويبدو أنها كتبت دون مراجعة من أحد فكلمة ضلوا كتبت "ظلوا" وشاءت كتبت "شائت"! وأقترح سحب المذكرة وإعادة صياغتها لغويا على الأقل.