حزب السلطة أم سلطة الحزب !

أخبار البلد-

 

خلل بنيوي عميق في المشروع السياسي الوطني لم تستطع مشاريع التطوير السياسي الافقية كتلك التي جاءت بمبادرة استدراكية من سلطة الحكم والعامودية التي تزعم انها مولودة من رحم الشارع الاردني كنتيجة طبيعية للتحولات الاجتماعية والاقتصادية الاجابة على أهم تساؤل فلسفي وجودي والنهوض في التصدي له ومعالجته ومفاده (ما هي رسالة الدولة الاردنية!!؟) فالاجابة على هذا السؤال الوجودي تقرر اتجاهات المشروع الوطني العام واطاره ومحتواه واتجاهاته البرامجية التي تنعكس بالضرورة على احزابه المسجلة وتنظيماته الفعلية المؤثرة في المشهد وتوابع ذلك كله التي لا تفرد بحكم وليست استثناءً عليه..

الخلل أعلاه تسبب في فوضى هندسة الاعتقاد وامكانية العبث بالرأي العام وفتح المجال لامكانية اعادة تشكيل مفردات الوعي المجتمعي باتجاهات مناوئة للحالة الوجودية للدولة ككل فكنا ولا زلنا نسمع عملية اجترار لمصطلحات عابرة للحدود مثل (الدولة الوظيفية، الدولة العازلة، منتج سايكس بيكو.. الخ) وهذا الخلل ايضا ساهم بشكل كبير جدا في تغيير مفردات الانتماء للدولة بالنتيجة فعمل على تحويلها من حالة وطن وانتماء معنوي الى حالة دولة اجرائية بحقوق وواجبات مواطن وبذلك فقدنا حتى مفهوم الرسالة والواجب في الوظيفة العامة مثلا ليكتنفها عوار الامتيازات والمكاسب وما يمكن تحقيقه من هذه الوظيفة ومن ثم كان لانتشار ثقافة الاثراء السريع داخل المجتمع اثر سيىء على القيمة الوجودية والرسالية التي يحملها ويسعى اليها المجتمع لتتغير ثقافات القيم نحو ثقافات المادة بكل صراعاتها المستحدثة ولتزداد التباينات الطبقية ولينشأ عنها حالة من الحقد الاجتماعي تحت بند (من أين لك هذا..!؟).

ثلاثة مشاريع تتنازع اعادة بناء الذات الاردنية كنتيجة طبيعية للصراعات البشرية التاريخية تحتاج الى افرادها في تفصيل متخصص أولها (الملكية الكلاسيكية) التي تحاول اعادة انتاج وتقديم ذاتها للمجتمع بوسيلة او بأخرى ومنها (حزب السلطة) وثانيها (الملكية الحزبية) والتي جرى تقديمها بوصفه الملكية الدستورية ولا تعدو كونها جزءا من منظومة الوضع القائم الذي ساهم في تعثر الفكرة الوطنية وستنتج عاجلا ام آجلا (سلطة الحزب) التي لم يتم التحوط من محاذيرها وثالثها وهو المشروع الاهم باعتقادي والذي لم يتم الالتفات اليه حتى الان (الملكية الشعبية) وهو آخذ بالتبلور واستطاع فرض حالته الوجودية في الشارع لسبب بسيط ذلك أنه مولود من رحم المعاناة الاردنية..

مشروع (الملكية الشعبية) لابد من بلورته وتأطيره وتوظيفه لصالح العصبية الوطنية ورجاحة الانتماء الشعبي وهو القادر على اعادة بناء وحماية المشروع القيمي والرسالي للدولة اذا احسن توظيفه وقد ثبت خلال العقد الماضي ان محاولة تفكيكه او حرفه عن مساره يؤدي الى نتائج عكسية تماما واعتقد انه من الحكمة والمصلحة الاستراتيجية العليا للدولة الاردنية دعم هذا المشروع واستظهاره ونقله من مستوى الاحتجاج لمستوى المشاركة وهذا يحتاج الى اعادة ترتيب أفكار وأولويات صانع القرار الاستراتيجي..