الأردن.. دواءٌ مُرّ.


أنا أُحب الأردن، بِكُل ما فيها، أُحب أزمة الطُرقات في عمان، وَطريقَ المَفرق - أربد الذي لم يتم إنهاءُ "تَزفيتِه" منذُ ثلاثِ سِنين، أُحبّ سائق التَكسي الذي يتحايل عَليّ بباقي المَبلغ عَلى الدّوام، وأُحبُ كَيفَ تَتحول السيارات لأسماكٍ في الشوارع وَقت الشتاء .

أُحبّ أن أرى شارع البتراء مَليئاً بالسيارات والناس؛ مَن يبتاعون "العرانيس"، مع عدمِ وجودِ مَنظرٍ يَستحق المُشاهدة هُناك! أُحب إبن المسؤول؛ الذي يتجاوز الصَف في طوابير الأنتظار، أُحب مَنظر أبراج عمان، التي لم تكتمل، وكأنها أصبحت جُزءاً من أثار الأردن..

أصبحتُ أعشق الغلاء، وكَيفَ تُصبح البَندورة الراعي الرَسمي لأحاديثِنا ، أعشق الخُبز الساخن، وهؤلاء المُتمردين؛ مَن يَزيدون زُجاج السيارات غُباراً وهم يُحاولون تَنظيفَها على الإشارة الضوئية! أُحِبّ هؤلاء الشُبان الذينَ يَرقصونَ ويَدبكونَ في الشوارع دون أدنى سَبب، وهؤلاء الهاربينَ من المدارس، والرجالِ الأنيقينَ بالبدلات والحقائب الدُبلومآسية .

تَستَطيع القَول أني تَعودتُ على إزعاج صَوت المُذيع، ونَغم الأغاني الوَطنية التي تَرفع حِدة التَوتُر صباحاً، ولَكنّي أُحبها! أُحب أن يَقوم "دي جي وسيم" بتمرير أغنيةٍ "حَفرتلية" مَشهورةٍ في وقتها. أُحب ذَلك الحوار الدائم بيني وبين أبي في الصباح؛ فأنا أريد فَيروز، وَهو يُريد أن يَسمع شكاوي "الماسورة المَكسورة" في الإذاعة، أُحب كَيف يتحول الشَعب مِن طبقةٍ كادحةٍ، إلى سُكان اسبانيا ومَدريد في مُباريات كأس العالم .

أحُب الفتيات الأنيقات حقاً، ومَن يعتقدن أنهن كَذلك أيضاً، أُحب مَنظر العُشاق المُختبئين، أُحِب تِلك الأجواء؛ عِندما لا نَملك مالاً كافياً أنا وأصدقائي، فَنقوم بوَضع جَميع ما نَملك على الطاولة ويتم تَقسيمهُ بيننا بالتسآوي !

أحب الأردن ، و فارس الحلقة في برنامج يسعد صباحك، أُحب النساء في الأسواق، والأطفالَ يَنتظرون آبائهم في المقاعد الخَلفية للسيارة، وكيفَ تُسند أكياس النفايات على جوانب حاويات القُمامة وما بداخل الحاويات فارغ!

أحُب الأردن لأنهُ شيء يَخُصّنا نَحن وَحدَنا، وإن كانت هُنالك أشياء مُزعجة لا يُمكن تَغييرها، مَن يَعرف رُبما هيَ الأشياء نَفسُها الّتي يَطيبُ العَيش مَعها، ولا تحلو الأيام من دونها.