عن العشب

عن العشب

عندما كنت صغيرا كنت دوما أساعد جدي في البستان وأكثر ما كان يسعدني هو " سقاية الزرع " ، وفي مرة من المرات طلب مني جدي أن أساعده في قطع العشب النامي حول الأشجار وفي أرض البستان ، وقتها كنت محتارا بين ابقاءه وبين خلعه من جذوره تلبية لطلب جدي ، فمشهد الأرض بحلتها الخضراء كان يستهويني وقد تسائلت وقتها عن سبب ازالة تلك الأعشاب وخلعها ، رغم نضارة أوراقها وجمال ألوانها ، وما تعكسه من مشهد الخضار الجميل على أرضية البستان .

كنت أجري مقارنة بين الجزء الذي قمنا بخلع الاعشاب منه ، وبين الجزء الذي غافلت جدي عنه ، وكان المشهد الثاني دائما هو المشهد الفائز من وجهة نظري ، فايحاءات الجزء الأول أشبه بمنظر الرجل الذي حلق شاربه فبات شكله مضحكا حينا ومخزيا حينا آخر .
لكن جدي كان يصر على ازالة تلك الأعشاب واقتلاعها من جذورها ورميها بعيدا ، وكان علي سؤاله عن السبب .

اخبرني وقتها جدي بأن هذه الاعشاب على الرغم من جمالها وزهو ألوانها ، الا أن لا فائدة مرجوة منها ابدا ، فهي لا تسمن ولا تغني من جوع بالنسبة لنا ، ربما للبهائم والأغنام ، اما بالنسبة لنا فلا ، وهذا من ناحية ، ومن ناحية ثانية ، ان هذه الاعشاب والحشائش ، تؤثر على تغذية الاشجار والنباتات التي نزرعها ، فتستأثر بالغذاء والماء لنفسها مما يؤثر على متانة وقوة الشجر ونموه .

بصراحة .... هناك حشائش وأعشاب نمت في الساحة ، صحيح كلامها جميل وأفكارها خضراء ، وأسمائها ملفتة .... لكنها مجرد حشائش لا قيمة حقيقية لها ، وواجب علينا أقتلاعها وخلعها ، فقد تعبنا من الحشائش المتسلقة سابقا على ظهورنا .


المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com