غياب وضوح الرؤيا للبحث الزراعي
اجرى مؤخرا مدير عام المركز الوطني للبحث والارشاد الزراعي في الاردن لقاءً صحفيا بهدف ابراز دور المركز في النقلة النوعية للزراعة الاردنية.... قرأت تصريحات هذا المسؤول بتمعن وتوقعت ان اجد فيها الكثير ولكن للاسف من يدقق في تلك التصريحات يصاب بحالة من الاحباط بسبب غياب الرؤيا الحقيقية للعمل البحثي الزراعي في الاردن، وكما يلاحظ ضبابية او عدم وضوح الرؤيا لهذا المسؤول لمسيرة البحث والى اين يتجه البحث الزراعي الاردني بعد كل هذه السنوات الطويلة.
فمن المعلوم بان الحكومات الاردنية المتعاقبة ومنذ خمسينات القرن الماضي قامت بالانفاق على البحث العلمي الزراعي وقامت بتأهيل الكوادر الفنية وجهزت المختبرات باحدث الاجهزة والمعدات العالمية.....الخ. فاذا كانت نتائج ومخرجات هذه المسيرة الطويلة هو ما سرده المدير العام في تصريحاته فان المركز الوطني اصبح كبعض المؤسسات الحكومية الاخرى والتي لا هدف لموظفيها الا الانتظار لنهاية الشهر لاستلام الراتب . هل كان انشاء المركز الوطني او مؤسسة البحث العلمي الزراعي منذ الخمسينات هو الوصول الى هذه النتائج؟
انا اعتقد ان المدير العام قدم معلومات مبتورة او مغلوطة بقصد او بغير قصد حول انجازات المركز الوطني التي لم ارى انجازا واحدا فيها. وهل يعنى ان المركز الوطني حاليا يعمل على 16 مشروعا بحثيا هو انجازا؟ ام ماذا استفاد المزارع الاردني من هذا المركز هو الانجاز الحقيقي.
ومن اجل اظهار الحقيقة الجلية حول هذا الموضوع اجد نفسي مضطرا للكتابة في توضيح بعض الامور الهامة التالية :
اولا: من المعروف ان ما يهم المزارع عموما والاردني خصوصا هو الاستفادة من نتائج الاعمال البحثية وتطبيقها في مزرعته وعلى ارض الواقع من اجل زيادة دخله او ارباحه بالاساس، وذلك من خلال حل المشاكل الفنية التي يتعرض لها بالاضافة الى ادخال التقانات الزراعية وتعريفه بها والتي ترفع من مستواه ليكون عمله موازيا لما يتم عند مزارعي الدول المتقدمة من خلال اطلاعه على التطورات في المجال الزراعي المحلي والاقليمي وحتى الدولي.
والجميع يعلم ان هناك كوادر كفوءة في المجال البحثي والارشادي الاردني وهناك الاموال الكافية والعوامل اللوجستية لتطبيق كل ما هو مفيد للمزارع.
ثانيا: ان الناظر الى الاعمال البحثية الحالية بظاهرها يرى بان الاعمال التي يقوم بها المركز هائلة، بل ان بواطن او حقائق الامور والبعيدة عن الخطابات الانشائية والاعلامية يجد بان الادارة لا ترى المنهجية الواضحة للوصول الى المزارع في نهاية المطاف . وانما تعتقد ادارة المركز بان عرض النشاطات الزراعية في وسائل الاعلام هو الهدف. ولا تؤمن بان الهدف هو رفعة المزارع الاردني، وخاصة بان المركز لديه الجانب البحثي والجانب الارشادي تحت مظلة واحدة.
ثالثا: متوهم من يعتقد ان توفر الامكانيات المالية والكفاءات البحثية والارشادية معا يجعلنا بخير. بل ان توفر الامكانيات مع غياب الرؤيا لتحقيق الاهداف النهائية الحقيقية وليست الاعلامية فقط لا يصل قطعا الى نتائج ومخرجات لتحسين اوضاع المزارعين.
رابعا: بعد كل هذا الشرح المطول في تصريح المدير العام عن وجود 16 مشروعا بحثيا في 10 مديريات بحثية و 8 مراكز اقليمية ويقوم على تنفذها اكثر من 160 باحثا ومرشدا واكثر من 600 موظف اداري وفني داعم. هذه الارقام تعطينا دلائل واضحة بعدم استغلال هذا العدد الكبير من الموظفين بالفاعلية اللازمة. مع علمنا ان اغلب هذه الابحاث لا تخدم المصالح الوطنية بل اكثرها مشاريع مصممة من جهات خارجية قد تقوم بخدمة المنطقة وفي كثير من الاحيان تتعارض مع البرامج والتطلعات الوطنية في هذا المجال.
خامسا: من يقرأ تصريحات المدير العام يتوصل الى نتيجة بان المركز الوطني للبحث تم تصميمه بهدف اجراء الابحاث فقط، مع اننا في الاردن بامس الحاجة الى نقل نتائج الابحاث ومخرجاتها، والتي لم يستعرض المدير اي نتائج واضحة لما قام به فريقه البحثي.
وعموما جاء في تصريحاته الامور التي اجد من الضروري الوقوف عندها والتأمل فيها:
- جاء في عنوان اللقاء الصحفي بان" 2350 مزارعا استفادوا من خدمات المركز الوطني للبحث والارشاد الزراعي". فهل يعنى هذا العنوان الكثير؟ ان عدد المزارعين المستفيدين من المركز ليس مهما من ناحية الانجاز، بل ما هو مهم وضروري هو معرفة نسبة تبنى المزارعين لتقانات البحث العلمي وهو الهدف المنشود لكل مشروع بحثي، وعادة يتم معرفة ذلك بان يقوم المزارعون بتعبئة استمارات خاصة بالمشروع ولكن بعد 2-3 سنوات من انتهائه وليس خلال فترة تنفيذ المشروع عند المزارعين. فأين هذا الانجاز لاي مشروع بحثي من المشاريع التي ذكرت في تصريحات المدير العام.
- لم يورد المدير اي من نتائج الدراسات الاقتصادية ومدى استفادة المزارعين من هذه المشاريع، الامر الذي بدونه لم يكن هنالك مؤشرا لمسيرة المركز بصورة واضحة .
- ذكر ايضا "ان المركز يقوم بنشاطات البحث والارشاد الزراعي والتشبيك مع مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني لترسيخ قيم حب الارض ومهنة الزراعة والانتاج لدى جيل الشباب بدء من المدراس عبر تنظيم العديد من المسابقات والمشروعات المدرة للدخل والتي تساعد المواطن البسيط والمرأة الريفية على تاسيس المشروع الزراعي المنتج والمساعد على تحسين ظروف الاسرة المادية".... من يدقق بهذه العبارة يعلم يقينا ان هذا الكلام انشائيا ولا وجود له على ارض الواقع وحقيقة الامر تعجز دول كثيرة عن تطبيق مثل هذه العبارة.
- ذكر المدير العام ايضا بانه "يجري العمل على انشاء محطتين جديدتين هما : التوانا للاغنام والبربيطة للمحاصيل البستانية في محافظة الطفيلة".... للاسف هذا التصريح يتردد على لسان المدير على مدار اخر 4 سنوات بدون تنفيذ.
- واضاف المدير العام في تصريحاته "ان مركز التدريب والتأهيل للمهندسين الزراعيين الجدد يقوم بقبول المهندسين الخريجين لتدريبهم وتاهيلهم لسوق العمل"..... يعلم الجميع بانه ليس هنالك مركزا للتدريب والتاهيل في المركز الوطني للبحث ولم يرد ذلك حتى في هيكلية المركز الجديدة، بل هنالك مديرية التدريب والتأهيل ولم يتم اقرارها بعد. فعن ماذا يتحدث المدير العام؟
واخيرا فاننى اقترح على مدير عام المركز الوطني للبحث والارشاد الزراعي ان يكون واقعيا في تصريحاته لان المواطن الاردني قد مل من مثل هذه التصريحات التي اوصلتنا الى مصاف الدول المتقدمة او اكثر مع ان واقع الحال يقول غير ذلك. واقترح عليه ان يدعو جميع الصحفيين ويعقد مؤتمرا صحفيا وبوجود المدراء المعنيين في المركز الوطني ليشرح المدراء واقع الحال لكل هذه الامور.
سعيد فرحان
فمن المعلوم بان الحكومات الاردنية المتعاقبة ومنذ خمسينات القرن الماضي قامت بالانفاق على البحث العلمي الزراعي وقامت بتأهيل الكوادر الفنية وجهزت المختبرات باحدث الاجهزة والمعدات العالمية.....الخ. فاذا كانت نتائج ومخرجات هذه المسيرة الطويلة هو ما سرده المدير العام في تصريحاته فان المركز الوطني اصبح كبعض المؤسسات الحكومية الاخرى والتي لا هدف لموظفيها الا الانتظار لنهاية الشهر لاستلام الراتب . هل كان انشاء المركز الوطني او مؤسسة البحث العلمي الزراعي منذ الخمسينات هو الوصول الى هذه النتائج؟
انا اعتقد ان المدير العام قدم معلومات مبتورة او مغلوطة بقصد او بغير قصد حول انجازات المركز الوطني التي لم ارى انجازا واحدا فيها. وهل يعنى ان المركز الوطني حاليا يعمل على 16 مشروعا بحثيا هو انجازا؟ ام ماذا استفاد المزارع الاردني من هذا المركز هو الانجاز الحقيقي.
ومن اجل اظهار الحقيقة الجلية حول هذا الموضوع اجد نفسي مضطرا للكتابة في توضيح بعض الامور الهامة التالية :
اولا: من المعروف ان ما يهم المزارع عموما والاردني خصوصا هو الاستفادة من نتائج الاعمال البحثية وتطبيقها في مزرعته وعلى ارض الواقع من اجل زيادة دخله او ارباحه بالاساس، وذلك من خلال حل المشاكل الفنية التي يتعرض لها بالاضافة الى ادخال التقانات الزراعية وتعريفه بها والتي ترفع من مستواه ليكون عمله موازيا لما يتم عند مزارعي الدول المتقدمة من خلال اطلاعه على التطورات في المجال الزراعي المحلي والاقليمي وحتى الدولي.
والجميع يعلم ان هناك كوادر كفوءة في المجال البحثي والارشادي الاردني وهناك الاموال الكافية والعوامل اللوجستية لتطبيق كل ما هو مفيد للمزارع.
ثانيا: ان الناظر الى الاعمال البحثية الحالية بظاهرها يرى بان الاعمال التي يقوم بها المركز هائلة، بل ان بواطن او حقائق الامور والبعيدة عن الخطابات الانشائية والاعلامية يجد بان الادارة لا ترى المنهجية الواضحة للوصول الى المزارع في نهاية المطاف . وانما تعتقد ادارة المركز بان عرض النشاطات الزراعية في وسائل الاعلام هو الهدف. ولا تؤمن بان الهدف هو رفعة المزارع الاردني، وخاصة بان المركز لديه الجانب البحثي والجانب الارشادي تحت مظلة واحدة.
ثالثا: متوهم من يعتقد ان توفر الامكانيات المالية والكفاءات البحثية والارشادية معا يجعلنا بخير. بل ان توفر الامكانيات مع غياب الرؤيا لتحقيق الاهداف النهائية الحقيقية وليست الاعلامية فقط لا يصل قطعا الى نتائج ومخرجات لتحسين اوضاع المزارعين.
رابعا: بعد كل هذا الشرح المطول في تصريح المدير العام عن وجود 16 مشروعا بحثيا في 10 مديريات بحثية و 8 مراكز اقليمية ويقوم على تنفذها اكثر من 160 باحثا ومرشدا واكثر من 600 موظف اداري وفني داعم. هذه الارقام تعطينا دلائل واضحة بعدم استغلال هذا العدد الكبير من الموظفين بالفاعلية اللازمة. مع علمنا ان اغلب هذه الابحاث لا تخدم المصالح الوطنية بل اكثرها مشاريع مصممة من جهات خارجية قد تقوم بخدمة المنطقة وفي كثير من الاحيان تتعارض مع البرامج والتطلعات الوطنية في هذا المجال.
خامسا: من يقرأ تصريحات المدير العام يتوصل الى نتيجة بان المركز الوطني للبحث تم تصميمه بهدف اجراء الابحاث فقط، مع اننا في الاردن بامس الحاجة الى نقل نتائج الابحاث ومخرجاتها، والتي لم يستعرض المدير اي نتائج واضحة لما قام به فريقه البحثي.
وعموما جاء في تصريحاته الامور التي اجد من الضروري الوقوف عندها والتأمل فيها:
- جاء في عنوان اللقاء الصحفي بان" 2350 مزارعا استفادوا من خدمات المركز الوطني للبحث والارشاد الزراعي". فهل يعنى هذا العنوان الكثير؟ ان عدد المزارعين المستفيدين من المركز ليس مهما من ناحية الانجاز، بل ما هو مهم وضروري هو معرفة نسبة تبنى المزارعين لتقانات البحث العلمي وهو الهدف المنشود لكل مشروع بحثي، وعادة يتم معرفة ذلك بان يقوم المزارعون بتعبئة استمارات خاصة بالمشروع ولكن بعد 2-3 سنوات من انتهائه وليس خلال فترة تنفيذ المشروع عند المزارعين. فأين هذا الانجاز لاي مشروع بحثي من المشاريع التي ذكرت في تصريحات المدير العام.
- لم يورد المدير اي من نتائج الدراسات الاقتصادية ومدى استفادة المزارعين من هذه المشاريع، الامر الذي بدونه لم يكن هنالك مؤشرا لمسيرة المركز بصورة واضحة .
- ذكر ايضا "ان المركز يقوم بنشاطات البحث والارشاد الزراعي والتشبيك مع مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني لترسيخ قيم حب الارض ومهنة الزراعة والانتاج لدى جيل الشباب بدء من المدراس عبر تنظيم العديد من المسابقات والمشروعات المدرة للدخل والتي تساعد المواطن البسيط والمرأة الريفية على تاسيس المشروع الزراعي المنتج والمساعد على تحسين ظروف الاسرة المادية".... من يدقق بهذه العبارة يعلم يقينا ان هذا الكلام انشائيا ولا وجود له على ارض الواقع وحقيقة الامر تعجز دول كثيرة عن تطبيق مثل هذه العبارة.
- ذكر المدير العام ايضا بانه "يجري العمل على انشاء محطتين جديدتين هما : التوانا للاغنام والبربيطة للمحاصيل البستانية في محافظة الطفيلة".... للاسف هذا التصريح يتردد على لسان المدير على مدار اخر 4 سنوات بدون تنفيذ.
- واضاف المدير العام في تصريحاته "ان مركز التدريب والتأهيل للمهندسين الزراعيين الجدد يقوم بقبول المهندسين الخريجين لتدريبهم وتاهيلهم لسوق العمل"..... يعلم الجميع بانه ليس هنالك مركزا للتدريب والتاهيل في المركز الوطني للبحث ولم يرد ذلك حتى في هيكلية المركز الجديدة، بل هنالك مديرية التدريب والتأهيل ولم يتم اقرارها بعد. فعن ماذا يتحدث المدير العام؟
واخيرا فاننى اقترح على مدير عام المركز الوطني للبحث والارشاد الزراعي ان يكون واقعيا في تصريحاته لان المواطن الاردني قد مل من مثل هذه التصريحات التي اوصلتنا الى مصاف الدول المتقدمة او اكثر مع ان واقع الحال يقول غير ذلك. واقترح عليه ان يدعو جميع الصحفيين ويعقد مؤتمرا صحفيا وبوجود المدراء المعنيين في المركز الوطني ليشرح المدراء واقع الحال لكل هذه الامور.
سعيد فرحان