وجوب استقالة الحكومة فاقدة الولاية

الأردن ليس استثناءً عما يجري في المنطقة، لا بل إنّه أكثر من يتأثّر، وخصوصاً مما يجري في دول الجوار، مضاف إلى ذلك أنّه مستهدف من العدو الإسرائيلي، ما يضيف زمناً إضافياً للعبث فيه واستغلاله.
وبالمقارنة، فإنّ الواقع الأردني لا بد أنّه يشبه أحد الواقعين، العراقي أو السوري، وأنّ هناك دفعاً ما ليكون مثل أحدهما، إذ أنّ استمرار الحراك الشعبي على ما هو عليه دون لمس لنتائج حقيقية، ومن جهة أخرى، بقاء التعامل الرسمي على ذات السوية، فإنّ الوصول إلى تلك النقطة لن يكون بعيداً.
على الأرض الآن، مؤشرات عديدة، وآخرها ما جرى في مدينة المفرق، وفي انتخابات الجامعة الأردنية، هي تكشف حجم الانقسام، ومدى الاستعدادات لمزيد من الاصطفاف الجاهزة لمقابلة ومناصرة بعضها البعض.
لقد تم إسقاط نظام صدام حسين، والمطروح في سوريا الآن هو إسقاط بشار الأسد، وقد حدث ما يحدث حتى الآن في العراق، وما يجري في سوريا النظام بالأردن من قبل أيّ فريق إننا في مأمن.
إنّ معادلة الحراك الأردني والتعامل معه فيه دفع نحو كل الاحتمالات، وذلك طالما أنّ دائرة الانقسام مرشحة فيها للاتساع أكثر فأكثر. وليس خافياً أنّ هناك عملية زج لفئات الشعب لمواجهة بعضها، ويبدو أنّ ذلك يتم في إطار منظمة ويدار أمره بالخفاء، وما جرى في مدينة المفرق يقع ضمن هذا الترتيب. أما درجة الخطورة منه فإنّها تتأتى من عدم سيطرة الدولة على الأوضاع، إذ لا يعقل أن تكون الحكومة خلف ما جرى وإنما قدرة أطر اجتماعية سياسية محددة على فرض تصورها لإدارة المنطقة واعتبار المفرق خاصة على تلك الأطر.
الفرق بين ما يجري في سوريا وما يحدث هنا، أنّ الأجهزة الأمنية السورية تواجه الشعب، في حين لا مواجهات أردنية بين الأجهزة والناس، وإنما مواجهات بين فئات وأخرى، وأنّه بمقدور الأجهزة الأردنية وقف حالة التسيب بفرض السيطرة على الفئات التي تستقوي على الدولة والقانون.
بطبيعة الحال، لا أحد يريد مصيراً كالعراقي أو السوري، غير أنّ بقاء المعادلة بالشارع على ما هي عليه منذ شهور سيدفع نحو أحدهما.
وبالإمكان تفادي ذلك من خلال اختيار مصير أردني يكسب الجميع من خلاله، فلا مصلحة لأحد بأن تدار الدولة من وراء ستار، أو أن يجري تسييرها بأدوات مسيرة من الخارج.
الصمت عن عملية تحريض فئات الشعب ضد بعضها البعض سيذهب بالجميع نحو الكارثة، وبعدها لن ينجو أيّ طرف، إذ أنّ معادلة إما الأمن أو الإصلاح ستفضي لاختيار الإصلاح، ثم خسارة الاثنين معاً، وهكذا تبدأ عادة عمليات الجري نحو المجهول.
بقي القول أنّ على الحكومة التي تقول أنّها بريئة مما جرى بالمفرق وغيرها من المناطق، أن تعلن حقيقة ولايتها الكاملة، أو أن تقدّم استقالتها إن هي غير قادرة على فرض هيبة الدول في مدينة المفرق وغيرها أيضاً.

: