تأجيل الفصل الدراسي: الأولوية للصحة الآن
اخبار البلد -
أحسنت لجنة التخطيط في وزارة التربية والتعليم؛ بالتنسيب للجنة الأوبئة التي ستتخذ القرار حسب المعطى الوبائي وتنسب للجنة الإطارية العليا للتعامل مع جائحة كورونا بتمديد عطلة منتصف الفصل ثلاثة أسابيع للتعامل مع الموجة الرابعة من الوباء التي يبدو أننا دخلنا فيها مباشرة مع نهاية الموجة الثالثة، ولعل تزايد أعداد الإصابات التي وصلت يوم الأحد ما يقارب من 12 % وهو ما لم يتحقق من أكثر من ستة أشهر ما يؤكد الحاجة لهذا القرار.
ثبت وبالأرقام أن المدارس كانت أخطر بؤر انتشار متحور دلتا في الموجة الثالثة، والدليل على ذلك تراجع المنحنى الوبائي منذ انتهاء امتحانات الفصل الدراسي الأول وهو الموعد الذي تعاملت فيه الوزارة بشكل استباقي وموفق عندما عدلت التقويم واختصرت الأيام الدراسية دون أن يؤثر على المقررات.
هناك حملة قاسية على القرار للحد الذي تشعر معه بأن هناك من يريد المناكفة وعلى طريقة "عنزة ولو طارت”، لا أحد يريد أن يقتنع بأن لا عودة للتعليم عن بعد وأن التعليم الوجاهي قرار لا رجعة عنه، ولكن هناك أمر واقع يستدعي آليات للتعامل مع انتشار الوباء بنسخته الأسرع للآن "أومكرون” دون أن يتأثر الطلاب من خلال ترحيل الفصل الدراسي لأسابيع محدودة تكون ذروة الموجة قد انتهت وعندها يمكن التعامل بمرونة أكبر مع عودة الطلاب لمدارسهم خاصة مرحلة الصفوف الأساسية.
التعامل مع القرارات الحكومية وكأن من يتخذها لا هم له إلا التضييق على الناس هو كلام عدمي لا يستند لمنطق عاقل؛ قد ننتقد العديد من القرارات الحكومية ونتفق ونختلف معها في بعض السياسات الاقتصادية والقرارات الإدارية، ولكن علينا أن نتذكر أننا أول من يذكرها بأنها ملزمة دستورياً بحماية مواطنيها وسلامتهم وهو ما يتطلب اتخاذ إجراءات قد تبدو غير مريحة ولكنها ضرورية ومؤقتة بنفس الوقت، ومن يتابع يجد أن العديد من دول الإقليم والعالم سبقتنا لذلك.
مصدر القلق الذي يجب أن تأخذه الحكومة في الحسبان؛ أن المتحور "اومكرون” ينتشر بسرعة كبيرة قد تؤثر على قدرة العاملين في القطاع الطبي من القيام بواجبهم والشواهد أمامنا واضحة؛ بعض الولايات الأميركية استعانت بالجيش للتعامل مع الزيادة في الإصابات لأن الإصابات في الكادر الطبي بلغت ذروتها وعلينا ألا ننتظر للوصول لتلك الحالة وهذا يحدث في أوروبا أيضاً.
الغاضبون من مقترح التأجيل ومن سارع منهم لتشكيل حملات وطنية للعودة للمدارس وهو جهد مقدر لا أحد ينكره، ولكن ينقصه حتى يكتمل القيام بحملة مكثفة وشاملة لإقناع الأهالي بإعطاء أبنائهم اللقاحات وهي السلاح الوحيد الأوحد المتوفر للآن للتعامل مع هذا الوباء بدل الاكتفاء بانتقاد إجراءات وزارة التربية والتعليم.
نتفهم أن حجم الضرر الذي لحق بالمستوى التعليمي للطلاب خاصة لمن دخل التعليم مع بدء الجائحة كبير ونشعر مع الأهالي بحجم القلق ولكننا بنفس الوقت نعرف عشرات القصص المؤلمة التي تسبب فيها الطلاب بنقل الوباء لأهاليهم ودفعوا حياتهم ثمنا لذلك.
ربما من المناسب دراسة مقترح وزير الصحة الأسبق الدكتور وليد المعاني الذي دعى لإضافة يوم الأحد كعطلة مؤقتا لأنه سيساهم بالتخفيف من حدة الانتشار وإذا ما تم تأجيل التعليم الجامعي أيضاً عدة أسابيع سيكون أمرا إيجابيا.
التفاؤل مع كورونا عمره قصير، ولكن هذه المرة هناك ارتفاع واضح في منسوب الأمل المبني على الدراسات العلمية وليس التنجيم والخرافات؛ بأننا قد نقترب من ضوء في نهاية النفق ينهي هذا الارتباك والقلق الذي اجتاح الكوكب وما علينا إلا الصبر قليلا لعبور هذا التحدي الأقسى والأصعب عبر المائة عام الأخيرة من حياة البشرية.