المناصب الدينية في التعديلات الدستورية
تضمن مشروع تعديل الدستور الأردني لعام 2021 إضافة عدد من المناصب التي سيجري تعيينها بإرادة ملكية منفردة، حيث تُعطي المادة (40/2) من الدستور جلالة الملك الحق في اختيار عدد من الوظائف الهامة في الدولة وإنهاء خدماتهم دون مشاركة رئيس الوزراء والوزراء. وتشمل هذه المناصب شخصيات عسكرية وأمنية ممثلة بقائد الجيش ومدير المخابرات، وأخرى سياسية ممثلة برئيس وأعضاء مجلس الأعيان، وشخصيات قضائية ممثلة برئيس المجلس القضائي ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية.
وسيضاف إلى هذه المناصب شخصيات دينية ممثلة بالمفتي العام وقاضي القضاة ورئيس المجلس القضائي الشرعي، حيث حدد قانون الإفتاء العام رقم (60) لسنة 2009 المركز القانوني للمفتي العام بأنه الشخص الذي يرأس دائرة الإفتاء العام، التي تختص بالإشراف على شؤون الفتوى في المملكة وتنظيمها، وإصدار الفتوى في الشؤون العامة والخاصة وفقا لأحكام القانون. كما تقوم دائرة الإفتاء العام بتقديم الرأي والمشورة في الأمور التي تعرض عليها من كافة أجهزة الدولة، وإعداد البحوث والدراسات الإسلامية في الأمور الهامة والقضايا المستجدة.
كما يرأس المفتي العام مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية، حيث يتولى بهذه الصفة مهام على درجة عالية من الأهمية تتمثل بالإشراف على السياسة العامة للإفتاء في المملكة، وبيان الحكم الشرعي في الشؤون العامة المستجدة التي تحتاج إلى اجتهاد، وفي الأمور التي بحاجة إلى دراسة وبحث في المذاهب الفقهية والقضايا المحالة من أي جهة رسمية.
أما قاضي القضاة، فقد جرى تحديد مركزه القانوني في نظام خاص به يسمى «نظام صلاحيات قاضي القضاة» الذي ينص صراحة على ارتباط قاضي القضاة برئيس الوزراء مباشرة، وبأنه يمارس جميع الصلاحيات الإدارية المنوطة بالوزراء بمقتضى نظام الموظفين وتعليمات الإجازات ونظام الانتقال والسفر وأية أنظمة أخرى، وذلك فيما يتعلق بموظفي المحاكم الشرعية والأوقاف والشؤون الإسلامية.
كما تتسع صلاحيات قاضي القضاة في قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (19) لسنة 1972 وتعديلاته لتشمل حقه في الإشراف على جميع المحاكم الشرعية وقضاتها العاملين فيها. كما أنه يقوم بالتنسيب إلى المجلس القضائي الشرعي بتعيين مدير المحاكم الشرعية والنائب العام الشرعي ليتولى وظيفة النيابة العامة أمام المحكمة العليا الشرعية.
ويملك قاضي القضاة من تلقاء نفسه تنبيه القضاة الشرعيين شفاها أو كتابة عما قد يقع منهم من أعمال مخالفة لواجباتهم أو مقتضيات وظيفتهم القضائية. وله أن يطلب من المجلس القضائي الشرعي كف يد أي من القضاة الشرعيين عن العمل أثناء إجراءات التحقيق معه أو المحاكمة عن جريمة وقعت منه.
كما يقوم قاضي القضاة برفع قرارات المجلس القضائي الشرعي بتعيين القضاة الشرعيين لاستصدار إرادة ملكية سامية بخصوصها، وتقدم إليه طلبات الاستقالة أو الإحالة إلى التقاعد من القضاة الشرعيين ليحيلها إلى المجلس القضائي الشرعي، حيث يستعرض المجلس ملاحظات قاضي القضاة عليها قبل اتخاذ القرار المناسب بشأنها.
أما رئيس المجلس القضائي الشرعي، فهو يقابل رئيس المجلس القضائي من حيث ترؤسه للمجلس الشرعي الأعلى للقضاة، الذي يصدر قراراته بتعيين القضاة الشرعيين وترفيعهم بعد صدور إرادة ملكية سامية بهذا الخصوص. كما أنه لا يتم نقل أي قاض شرعي أو عزله أو اعتباره فاقدا لوظيفته إلا بموافقة المجلس القضائي الشرعي.
إن هذه المناصب الدينية التي سيتقرر إسناد الصلاحية في تعيينها لجلالة الملك منفردا تعد على درجة عالية من الأهمية في مجال الإفتاء ومتابعة الشؤون الدينية في الدولة. كما أن لها اختصاصاً وثيقاً بالقضاء الشرعي، مما يبرر إبعادها عن أية تجاذبات سياسية وحزبية في المستقبل أسوة بالقضاء النظامي.