النهر العربي الاحمر

.

 اخبار البلد سوف نعيش لحظات جدا مؤلمة وسيكون لها أثرا كبيرا على مستقبلنا ويموت الكثير من البشر ليشكلوا نهرا من الدماء, هاهي فلسطين تنزف , ليبيا , سوريا , البحرين , مصر التي كلما ضمدوا الجراح عادت لتنزف من جديد , اليمن الحزين والعراق الجريح .

هاهي فلسطين كلما رفعت رأسها من السجود أخذت تنزف وكلما وقفت لتصلي وجدت جثة أخرى لتدفنها , لم يكتب لها الفرح حتى في تحرير أسراها نزل الدم من عينيها فهذا الاحتلال الذي أفرج عنهم اخذ يجهز في قبورهم , لقد تزينت الأرض بهم وفرحت السماء بحملهم .

العراق الذي لم تنضب دمائه منذ الأزل فهو مكتوب لهذا البلد أن يبقى محاربا , محاربا صامدا في وجه الطغاة , العراق الذي روي الفرات من دماء شهدائه وتزينت دجلة لتودعهم فشربت هي الأخرى نصيبها من الدماء , وهاهو الآن يتلقى طعنات تلو طعنات في عز فرحته بالانتصار بخروج الاحتلال الأمريكي وحلفاؤه , فتقصف تركيا شماله لتزداد الأرض احمرارا من دماء البشر وتلك إيران تعتدي على جنوبه لترفد الخليج العربي وتطعم الأسماك من جثث الأطفال والشيوخ وتُدخل اللون الأحمر على الخليج ليصبح أكثر جمالا بنظرهم .

هاهي السودان التي قسم الدم بلاده وجعلوا من الجثث رافدا للنيل كما جعلوها نفطا ليستفيد منه الآخرون , كي لا ننسى فضل أي دم يضاف إلى هذا النهر فتلك تونس , المغرب والجزائر بين الفينة والأخرى تزدان شوارعهم باللون الأحمر فأصبحت الأيام تخطئ في تحديد أيهما للحب وأيهما للحرب فجميع الأيام أصبحت حمراء اللون .

هاهي الدماء تختلط ببعضها البعض فهذا دم شهيد وهذا دم صديق وهذا دم عدو وهذا دم أخ , وهذا دم , وهذا دم , وهذا دم ... تطول قائمة الدماء التي ستنساب مع النهر أو ستشكل لنا نهرا عربيا باللون الأحمر .

سيحتفل الغرب وكل من يعادي الأمة على ضفاف النهر الأحمر كما سيدعمون كل حروبنا بالعتاد اللازم والأسلحة المناسبة التي لا ينجو منها احد إلا من كتبت له الحياة وكل ذلك للاستفادة من فيضان النهر على كلتا ضفافه .

وأخيرا , لست متشائما ولا محرضا لكنه الواقع الأحمر الذي يفرض نفسه على أعيننا فلا نستطيع أن نغض الطرف عن فلسطين أو نترك مصر لوحدها تنزف أو نغير الوجه عن اليمن السعيد الذي أصبح حزينا كل البلاد , كل الأمة أصبحت تعشق الأحمر سواء أكان دما أم دما ... , فبعدما فرقتنا المصالح والخرائط اتمنى ان يجمعنا الدم والجراح .



مراد جلامده
Murad.saleem@gmail.com