لو كنت مسؤولا لطلبت المزيد



 
في صحيفة القدس العربي كتب رئيس تحريرها السيد عبد الباري عطوان مقالا بعنوان ( لو كنت مكان الأردنيين لاعتذرت عن أموال الخليج ) ، حيث أنه بجزئه الأساسي يعيب على مجلس التعاون الخليجي التلكؤ بالموافقة على ضم الأردن لمنظومة دول الخليج ألمسماه ( التعاون الخليجي ) ، وهذا الكلام والتحليل بالعرف والمنطق الصحفي التحليلي يعتبر كلام حق صحيح ومنطقي يراد به إحقاق حق طالما سعى القوميون العرب الحقيقيين لبلورة صيغة اتحاد ما يضم كافة الدول العربية بغض النظر عن الصيغة أو المسمى ، مع أنّ الحقيقة المرة هي أنّ دول مجلس التعاون الخليجي لم تتلكأ بضم الأردن فقط بل سوفت وماطلت لحاجة في نفس يعقوب فرضها سحاب الربيع العربي المركوم ، ثم رفضت لحاجة في أنفس بعض دول الخليج الضيقة الأفق بالسياسة أو المتلقية التعليمات من الدوائر الغربية ، مع أنّ الأردن هو خاصرة الخليج وبوابته الشمالية وليس دخيلا عليه ، وهو بالمفهوم الجيوسياسي والاجتماعي يعتبر جزأ لا يتجزأ من منظومة دول الخليج المهمة والفاعلة التي لا يفهم كثيرا لم توقفت عجلاتها الوحدوية والتنموية والتكاملية عند حدود اليمن من الجنوب ، وعند حدود الأردن من الشمال .

أما ما لم يصبه الأخ عبد الباري عطوان بجزئه الثانوي المهم فهو تمنياته على الأردن أن لا يقبل بالمال الخليجي احتجاجا على الرفض الخليجي لضمه لمنظومته ، وهنا يجدر القول وتذكيره أنّ القاعدة التي ترتكز عليها منظومة الشعب العربي صاحبت القرار والذي غيبت عنه ومنعت منه عقودا والتي بدأت رحاها بالدوران وتكسير النظم الشمولية الدكتاتورية هي أصدق حالا وهدفا وإنباء من أي منظومة عربية أخرى حتى من منظومة دول الخليج العربي المؤمنة بحرية وكرامة الإنسان والتي ما يزال بعض أطرافها يحبذ الفصل بين الشعب وأنظمته ، ويرغب بالفصل بين الشعوب وأصولها وفروعها ورغباتها وأهدافها .

فالمال الخليجي والعراقي والجزائري والليبي وكل الموجود بأرض الأغنياء منة وفضلا من الله مالك الملك وصاحب الأرض جميعا ، وحتى القطري الذي يبعثر يمنة ويسرى لتفتيت الوطن العربي من أجل حماية وضمان أمن وبقاء دولة إسرائيل ، هو بكله حق للعرب بمجموعهم وليس لجماعة أو أفراد شاء القدر أن يولدوا فوقها .

صحيح أنّ المبلغ المرصود للأردن يعتبر فتاتا قياسا بمركز الأردن وأهميته وبدوره الإيجابي البناء ، إلا أنه مع قليله هو حق مشروع للأردن والأردنيين أهل النخوة والعزة والشهامة والكرامة والعطاء ، ولو كنت مسؤولا لطلبت المزيد ، فالأردن وشعبه حامل الرسالات بأنواعها والواقف بصلابة وثبات أمام الأجندة الصهيونية المتحفزة لاختراق بوابة الوطن العربي المهمة والإستراتيجية ، هو أحق بالمال من حديقة حيوانات في غربستنان بلاد الرفق بالحيوان المتخصصة بقتل الأبرياء العرب والمسلمين ، أو من جزيرة مؤامرستان الغنية الشهيرة بالتخطيط لقلب أنظمة يكلف عشرات المليارات دون نتيجة أو طائل سوى تحقيق أهداف أمريكا والغرب بالانتقام من العروبة والإسلام ومنع تحقيق الوحدة العربية بلحظات ظنوا اقترابها ، وسوى تحقيق مآرب إسرائيل والصهيونية بالانتقام من الفلسطينيين بوقت اقتربوا منه من تحقيق حلمهم وأملهم وحقهم المشروع بالدولة الحرة المستقلة .

فالأردن يستحق الكثير والكثير دائما ، فهو عشق العرب وملاذ المحرومين وملجأ الفارين من دكتاتورية أنظمتهم وسيوفها الفاتكة ، وهو الذي يقدم الغالي والنفيس لشعوب الوطن العربي والعالم المتخاصم اللدود بغض النظر عن النظم أو الأحزاب التي تحكمها ، ففي غزة النضال والصمود لا يوجد من يقدم الخدمات الطبية المتقدمة دون منة أو تمييز سوى الخدمات الطبية الملكية الأردنية ومستشفياتها الدائمة هناك ، وفي الفلوجة العراقية التي في حين تخلى عنها الكثيرين كانت المستشفيات الأردنية المتقدمة تقدم خدماتها لضحايا آلة القتل الأمريكية والأخرى العاملة فتكا وتدميرا في العراق ، وفي أفغانستان تقدم الخدمات والرعاية الطبية الأردنية لفقراء الأفغان دون تمييز في وقت مر الكثيرين على محنتهم دون تأثر أو فعل أو تقرير ، وفي أفريقيا وبلاد شرق أوروبا الملتهبة يُشهد لنشامى الأردن العاملين هناك لفك الاشتباك بين الأخوة الأعداء ولحفظ النظام المصداقية والوقوف على مسافة واحدة من الجميع ، وتميزها عن غيرها بالعمل من أجل بناء ما خربته الحروب ونشر الوعي الوطني بين الجميع .

فما يقدمه العرب الأغنياء سواء من هم في الخليج أو في غيره أقل بكثير مما يستحقه الأردن وشعب الأردن الذي ما وجد بمكان إلا وكان إيجابيا بناءا يزرع الأرض بالمحبة والخير ويقدم الورود والصالحات ، وهو بالمحصلة والمنطق يجب ألا يعطى من الأهل والأشقاء الخليجيين للأردن العظيم كمنة ، بل هو يؤخذ منهم حقا فالفضل كله لله وبيده ، وذلك لسبب بسيط قد يفهمه الحكماء ويمر عنه سريعا أو دون تمعن العقلاء ، ولا ينتبه إليه أو يعيره اهتماما السفهاء ، وهو أنّ الأردن بوابة القدس وفلسطين وأرض الحشر والرباط ، وخط الدفاع الأول بالمشرق العربي وعن الخليج ، وأهلها الكرماء الفضلاء هم من المتحفزين دائما لتقديم يد العون لفلسطين وشعبها ولكافة الأخوة والأشقاء في الوطن العربي الكبير فهم من اللذين أوصى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ( لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لأوَاءَ ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ) .
Alqaisi_jothor2000@yahoo.com