أيهما الأهمّ: القطاع «الصناعي» أم «التجاري» ؟!

اخبار البلد - 
 

هذا سؤال أطرحه في ظل «جدليات « الأرقام التي يتم الاعلان عنها بين حين وآخر سواء على لسان الصناعيين أو التجار..أو على لسان وزراء ومسؤولين .. ومؤخرا على لسان رئيس الوزراء.
- أرقام ( الصناعة ) تقول أنه يوجد في المملكة ( 17) الف منشأة صناعية بحجم استثمار( 15) مليار دينار، توفر نحو( 254) الف فرصة عمل ، وتصل مساهمة الصناعة بالناتج المحلي الاجمالي الى نحو( 24.7%).
- كما ينتج القطاع الصناعي ( 1500) سلعة ، و يبلغ عدد السلع التي تم تصديرها نحو( 1400) سلعة ، تصل الى ( 142) دولة حول العالم.
- أما أرقام (التجارة) فتقول : أن مساهمة قطاعات التجارة والخدمات والزراعة في الناتج المحلي الاجمالي بأسعارالاساس الثابتة لعام 2020 ما نسبته ( 61.6%) مقابل ( 22.2%) لقطاعات الصناعة ، و( 16.2%) للخدمات الحكومية .
- عدد العاملين الاردنيين المؤمّن عليهم الزاميا في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ( 1.114 مليون عامل اردني ) لعام 2020 ، منهم ( 359 الف عامل) بقطاعات التجارة والخدمات ، يشكّلون ما نسبته( 32.2%) من اجمالي المؤمن عليهم.
- القطاع التجاري يوظف نحو( 500 الف عامل وعاملة ) ما يمثّل نحو ( 40%) من اجمالي العاملين بالمملكة وهو ما يشكّل ثلثي العملية الاقتصادية ( بحسب رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة أمام جلالة الملك خلال لقائه ممثلين عن القطاع التجاري الاحد الماضي ).
الأرقام تطول وذكرها يوحي وكأننا نناقش أي (جناحي) الاقتصاد الوطني هو الأهم ، متناسين أحيانا أن كلي القطاعين مرتبط بالآخر ولا يستغني عنه في الاقتصاد الكلي ، لذلك فاننا لا يجب أن نتوقف عند الأرقام لتحديد من هو القطاع المهم ومن هو الأهم ، لأن الرؤى ستختلف والتجاذبات لن تنتهي ، ولكن المتفق عليه أن هذين القطاعين هما عماد وقاطرة الاقتصاد الوطني .
من هنا لا بد وأن تراعي القرارات الصادرة عن الحكومة - أية حكومة - وأن توازن في قراراتها الداعمة لقطاع عدم الاضرار بالقطاع الآخر ، لان ذلك لن يضر ذلك القطاع فحسب بل ستنعكس أضراراه على الاقتصاد الوطني .
المثال على ذلك ما صدر منذ يومين من قرارات اعادة هيكلة التعرفة الجمركية التي رحب بها القطاع التجاري لانعكاساتها الايجابية ، في حين أشار القطاع الصناعي بأن تلك القرارات ستضر بصناعات تصنع محليا ، رغم أن الحكومة أعلنت بأن التخفيض الى نسبة الـ( 5%) سيشمل كل سلعة (لا نظير لها بالصناعة المحلية ) ورغم تأكيدات رئيس الوزراء في لقائه أمس مع « عمون» بأن الحكومة (في الوقت الذي تعلن فيه عن « تعرفة جديدة للجمارك « فانها في ذات الوقت تحرص على حماية الصناعة الاردنية التي تتطلب الحماية وتعزيز تنافسية القطاع الصناعي الاردني تزامنا مع تعرفة الكهرباء الجديدة التي ستدخل حيز التنفيذ في نيسان المقبل )..لذلك فاني أعتقد بأن الحكومة لن تتوانى عن حماية أية أصناف من الصناعات المحلية في حال ثبوت تضررها.
ونشير هنا الى قرارات حكومية سابقة لطالما شكّلت اختلافا في الرؤى وتقاطع المصالح بين القطاعين التجاري والصناعي في السابق ومنها على سبيل المثال لا الحصر..اتفاقية التجارة الاوروبية ، واتفاقية التجارة مع تركيا وأخيرا وليس آخرا قرارالمعاملة بالمثل مع دول الجوار والاقليم حماية للصناعة الوطنية.
باختصار .. من الصعب جدا قدرة أي قرار على ارضاء القطاعين الصناعي والتجاري حين تتقاطع المصالح ،لكن المؤكّد جدا أن كلي القطاعين حريص كما الحكومة على الاقتصاد الوطني ،وهذا ما تحققه «شراكة حقيقية» يحث عليها دائما جلالة الملك وسمو ولي عهده الامين وتسعى اليه الحكومات ،وهو ان لم يكن مجرد شعارات وتحوّل الى حقيقة على الارض فسيحقق الأمل المنشود في جذب الاستثمارات ورفع معدلات نمو قادرة على خلق مزيد من الوظائف ، والاقدر على ذلك دائما وأبدا هو القطاع الخاص عموما وتحديدا القطاعان « الصناعي «و» التجاري « بعيدا عن «جدلية الأرقام»!