بين الجمارك والمبيعات
اخبار البلد -
باختصار قدمت الحكومة هدية متوقعة للقطاع التجاري لكن الصناعيين ليسوا سعداء وربما كان الأجدر النظر إلى العبء الضريبي بشمولية ليشمل ضريبة المبيعات وعشرات البنود من الرسوم الأخرى..
هذا قرار إيجابي وقد كان متوقعا, وسيكون له أثر على أسعار بعض السلع لكنه سيحارب التهريب لأن مكاسب المهربين تفوق مكاسب عائدات الجمارك بأضعاف.
تجدر الإشارة إلى أن هناك دراسة أجراها صندوق النقد الدولي تضمنت 18 توصية للحكومة أهم ما أشارت إليه هو أن النظام الضريبي الأردني معقد جدا، بالإضافة إلى وظيفته المتعلقة بجمع الإيرادات، يتعين أن يعالج عددا من القضايا مثل تخفيض أسعار المواد الغذائية وجذب الاستثمارات ودعت الى مراجعة الإعفاءات الجمركية بغرض إلغائها.
والشيء بالشيء يذكر هناك توصية من اللجنة المالية في مجلس النواب في تقريرها عن موازنة العام الماضي بتخفيض عدد الشرائح الجمركية وتوسعة آليات محاربة التهرب الضريبي والجمركي.
ضريبة المبيعات تشكل نصف الإيرادات المحلية للحكومة بما يقارب 7ر3 مليار دينار، بمعنى أنها الدجاجة التي تبيض ذهبا وليست الرسوم الجمركية وهو خلل في الهيكل الضريبي، وليس دقيقا أن مكافحة التهرب الضريبي هو الوسيلة الأنجع لزيادة الإيرادات ولن نكرر هنا قاعدة تتبعها اقتصادات العالم تقول إنه كلما كانت الضرائب أقل كانت الإيرادات أفضل.
فتح صندوق الضرائب بات ضرورة إذا كانت التنمية والنمو هما الهدفان بعيدا المدى أما إذا كان الهدف هو تحصين الإيرادات بأي وسيلة لا بأس من الإبقاء على الأسلوب والسياسة الراهنة.
نسير عكس كل النظريات والتجارب التي تقول إن ضريبة أقل توفر عائداً أكبر والسبب ببساطة زيادة الانفاق الخاص والاستهلاك.. قبل رفعها إلى ١٦٪ كانت ضريبة المبيعات ٨٪ وكان الأمر عال.
تخفيض ضريبة المبيعات إلى ١٠٪ اتجاه كان مطروحاً لكن الحكومات لا تريد أن تجازف والسبب هو سيطرة المدرسة المالية على ادارة الاقتصاد بينما يغيب الاقتصاديون عن الساحة.
إيرادات الجمارك لا تتجاوز ٢٥٠ مليون دينار سنوياً ولن تخسر المالية شيئاً إذا ضحت بها لكن باليد الاخرى ما هو حجم الضرر على الصناعة الوطنية؟ الحل هو تخفيض ضريبة المبيعات مقابل الغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية.
إن عوائد تخفيض ضريبة المبيعات ستذهب الى بند الاستهلاك وإلى أرباح التجار والى التوسع في الاستيراد الا إن كانت ستختص فقط بالسلع المنتجة محلياً.
زيادة الضرائب أو تخفيضها بشكل مفاجئ ليست قضية مالية بحتة، فلها أبعاد اقتصادية واسعة، ووزارة المالية لا تتحمل وحدها مسؤولية اتخاذ مثل هذه القرارات.