المشهد الاقتصادي العالمي في ٢٠٢٢ - ٢٠٢٥ (3)
اخبار البلد -
السؤال المطروح هنا: هل القادم أسوأ؟ كثير من الاقتصاديين يصعب عليهم الإجابة على مثل هذا السؤال لأننا نعلم تماماً أن اندلاع أزمة مالية أو اقتصادية في إحدى الدول الكبرى كفيل بأن يربك المشهد العالمي مالياً واقتصادياً وسياسياً على غرار ما حدث في العامين 2008 - 2009 إبان الأزمة المالية التي عصفت بسوق العقار الأميركي وكانت له تداعيات مدمرة على كافة الدول وخاصة الدول النامية.
في تلك الفترة عصفت بالعالم أزمة اقتصادية صاحبها كساد وانكماش اقتصادي وركود وتضخم واندلاع نزاعات مسلحة في عدد من الدول مع ارتفاع اسعار الطاقة العالمي ما أدى إلى تدهور الأوضاع في الكثير من دول العالم النامي وإفلاس العديد من الشركات وحتى الدول التي غرقت في مديونيات قياسية صاحبها انهيار مؤسسات مالية.
في تلك الفترة، خسرت معظم بورصات وأسواق المال الرئيسة في العام حوالي 40 بالمائة من قيمتها السوقية، وهذا ما أجبر الكثير من الدول عبر وزارات المالية وبنوكها المركزية على ضخ المليارات للحيلولة دون انهيار الأسواق المالية لأن ذلك يعني سقوط الدول والحكومات.
اليوم لدينا المتحور أوميكرون المتسارع، حيث تعمل هذه الجائحة على عرقلة عجلة النمو الاقتصادي في الكثير من الدول. كما أن المخاطر الجيوسياسية والقلاقل تطل برأسها بين الحين والآخر ما يضعف ثقة المستثمرين في الأسواق المالية وخصوصاً في الأسواق الناشئة.
نعيش اليوم مراحل أولى من الحرب العالمية الثالثة التي نرى آثارها في زيادة حدة التوتر بين روسيا والصين من جانب وحلف الناتو من جانب آخر، وبين إسرائيل وإيران بين الحين والآخر.
إن حالة عدم اليقين في السياسة والاقتصاد تقود إلى انعدام الوزن في الجانب الاقتصادي؛ فالخطط الاقتصادية قد تتعطل أو تتأجل كما أن زيادة أسعار المواد الغذائية الأساسية قد ارتفعت وهي مرشحة إلى المزيد من الارتفاع في ظل رغبة الدول المنتجة للسلع الاستراتيجية الاحتفاظ بها خشية نشوب حرب كبرى تأكل الأخضر واليابس وتضعف الإمدادات الغذائية. فأسعار اللحوم والقمح والذرة والرز والزيوت والدقيق وغيرها من السلع الأساسية ارتفعت بشكل جنوني في الأشهر الأخيرة بنسبة اقتربت من 30 بالمائة في العام 2021.
أزمة الدين العالمي في عهد الجائحة وصلت إلى رقم قياسي. فارقام صندوق النقد الدولي تظهر أن الدين العالمي وصل إلى حاجز الـ 227 تريليون دولار تقريباً، وهو الأعلى منذ أكثر من سبعة عقود اي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. كما أن عزم الدول الكبرى رفع أسعار الفائدة على عملاتها، يعني ارتفاع كلف الاقتراض الخارجي، ما يشكل عبئاً كبيراً على الدول النامية إن هي اقترضت أو عزمت السداد.
اليوم تشهد منطقة اليورو والولايات المتحدة ارتفاعاً حاداً في معدلات التضخم حيث وصلت إلى مستويات خطيرة على المجتمع، ما قد يؤدي إلى نقص حاد في المواد الخام والطاقة والسلع الأساسية. كل تلك الاضطرابات تعني أن هناك وسيلة واحدة للخروج من الأزمات تلك وهي بنشوب حرب في مكان ما من العالم تعيد ترتيب أوضاع الدول الكبرى من حيث تصدير أزماتها إلى تلك الدول لترتيب البيت العالمي من جديد.