مَنْ يعتذر لأهالي المفرق؟

تربطني صداقة مع بعض قادة الحركة الاسلامية وكنت من المعجبين بتطور الخطاب الاخواني من الحالة الدعاوية الوثوقية التي لا ياتيها الباطل من اية جهة الى الاعتراف بعدم احتكار الحقيقة السياسية وصولا الى ما يسمى بـ «الاسلام المدني» الذي ينشط الاسلاميون في بلورته وتثقيفه.
سقت هذه المقدمة لكي اوضح درجة الصدمة التي شعرت بها وأنا اقرأ مفردات البيان الصادر عن الجماعة عقب احداث المفرق المؤسفة وللحقيقة فان مفردات البيان والعقل الجمعي الذي صاغه خرج عن كل اللياقات التي تعارف عليها متابعو سلوك الجماعة السياسي.
نعم هناك فعل مشين تمثل في احراق مكاتب لحزب مرخص وهناك تجييش عاطفي عشائري ضد حركة سياسية .. كل هذا حدث وكان يمكن ان يشكل نقطة استقطاب للمشاعر الشعبية تجاه تيار سياسي اراد ان يستعرض القوة خارج حاضنته الاجتماعية لكن ان يوصف الناس في محافظة المفرق بالقطعان فهو امر لا ينبغي التوقف عنده فقط بل ويستدعي الاعتذار من كل اهل المفرق بمعارضيهم ومواليهم فالقطيع لا تقال لبني البشر وهي تنم عن روح اقصائية تنزع الصفة الادمية عن كل المعارضين لتوجه الجماعة.
التحقيق الميداني مطلوب بذاته للوقوف على الاسباب التي اسهمت في وقوع الاحداث لكن هذا التحقيق لا بد وان يتوازى مع تحقيق سياسي اخلاقي تجاه من استخدم مفردات لا تليق بالبشر ليوصف بها بعض اهالي المفرق حتى وان لم نكن موافقين على سلوكهم.
بيان الجماعة يمكن قراءته سياسيا باعتباره علامة فارقة في النهج السياسي للتيار الاسلامي فالتحذير من غياب الدولة الحامية لمواطنيها والايحاء بان عهد المليشيات قد بدأ امرا لا ينبغي التوقف عنده فقط بل لا بد من فحص اهدافه السياسية ومراميه فالجماعة لا يمكن ان تكون تحت تاثير الانفعال خصوصا وان من صاغ البيان لم يكن شاهد عيان تاثر بالاحداث على الارض بل كان بعيدا وفي اجواء مسترخية لا تبرر هذا النزق.
كنت قد قرأت تصريح الشيخ حمزة منصور قبل 36 ساعة على المسيرة وانه اعلن عن الغاء الفعالية حقنا للدماء فماذا عدا مما بدا ليجري التراجع عن التراجع؟ هل ان القراءة السياسية للاخوة في الحركة الاسلامية تقتضي اختيار مكان وزمان الصدام مع العشائر الاردنية.
في الجماعة رجال عاقلون لكنهم كانوا غائبين او انهم غُيّبوا لحظة اتخاذ القرار وترك الامر للمغامرين في التيار وبعد كل الذي جرى لم تكن هناك مراجعة للاخطاء والنجاحات بل جرى وصم بعض ابناء المفرق بانهم قطعان وجرى التلويح بان عصر المليشيات قد بدأ فهل قصد القفز عن الحلفاء المحتملين وعدم الاستماع الى نداءاتهم .. فتخيلوا لو ان روحا طاهرة من المعارضة او الموالاة ازهقت ماذا سيحل بنا فقط لنفكر بالأمر وبعدها سيتضح تماما من الذي يريد استيراد الفوضى؟.