موسم الهجرة الى الصّناديق

 
منهج الفرديّة والتّسلّط في الحكم وما ينتج عنه ويتفرّع منه من فسادٍ مالي وإداري ، كان السّبب الأبرز في حالة الاحتقان والطّريق المسدود الّذي أوصل الأوضاع إلى أن تخرج الجماهير متمرّدةً على هذا الواقع ومتجاوزة لحاجز الخوف من المجهول والفوضى والخطوط الحمراء بعد صمتٍ طويل وصبرٍ جميل ظنّ الطّغاة أنّة قد ( استنوق الجمل ) و تنازل عن حقوقه مقابل الهدوء والاستقرار . وعندما خرجت طالبت بالحريّة والعدالة واستعادة سلطة الشّعب ووقف الفساد ومحاسبة المسئولين عن الممارسات الخاطئة .
وبمجرّد نجاح ثّورات ربيع العرب كان التّطلع إلى الوسائل والآليّات الّتي تؤدّي لديمقراطيّة حقيقيّة ، وهذا لا يتمّ إلاّ عند الاحتكام إلى صناديق الاقتراع في انتخابات حرّة ونزيهة تفرز من وقع عليهم الاختيار فيرضى الجميع عن النّتائج مهما كانت ، فيصبح هؤلاء هم الممثّلين الشّرعيين للشّعب . وقد بدأ موسم الهجرة إلى الصّناديق في تونس ثمّ تلاها المغرب وبعدها مصر .
إنّ الدّيمقراطيّة هي الحل للاحتقان ، وما الاضطرابات الّتي تحدث في أماكن مختلفة إلاّ بسبب الشّعور بعدم المشاركة الشّعبيّة في اتّخاذ القرار واستفراد جهات غير منتخبة أو غير معبّرة تعبيرا حقيقيّا عن تطلّعات ومشاكل النّاس .
لقد كان من المقرّر إجراء انتخابات بلديّة قبيل نهاية العام الحالي 2011 بعد حلّ المجالس السّابقة وتهيّأ الرأي العام لذلك ، إلاّ أنّ الحكومة الحاليّة ارتأت تأجيل الانتخابات للبتّ في طلبات فضّ الاشتباك وفصل مناطق ترغب في ذلك . أرجو أن لا يكون موعد إجراء هذه الانتخابات بعيدا وتتم في أقرب وقت ممكن لما للمجالس المنتخبة من دور قيادي في المجتمع إضافة لدورها الخدميّ والتّنمويّ الكبير . آمل أن نرى مجالس بلديّة جديدة قريبا ومن ضمنها أمانة عمّان والّتي يُفضّل أن يكون مجلسها منتَخبا بالكامل لتختار عاصمتنا الحبيبة مجلسا يعبّر عن سكّان العاصمة ويقوم بخدمتهم فأهلُ عمّان أدرى في الّذين يصلحون لهذا الدور الهام .
واستتباعا لذلك فانّ آراء كثيرة تطالب بحلّ المجلس النّيابي الحالي والدّعوة لانتخابات جديدة تكون مثالا للشّفافيّة والنّزاهة والعدالة ، فشعبنا العظيم ليس أقل من باقي الشّعوب الّتي تنتخب مجالسها النّيابيّة دون تأثير أو تدخّل . على أن يتم إجراء هذه الانتخابات وفق قانون جديد وأرى العودة إلى القانون الّتي حدثت وِفقَه انتخابات عام 1989 ثم يقوم المجلس العتيد المنتخب بوضع قانون انتخاب جديد .
كذلك هناك استحقاق انتخابيّ ينتظره معلمو الوطن بعد طول نضال ، نرجو أن يتمّ في أقرب وقت ودون إبطاء وبنظام انتخابيّ يتوافق عليه أغلب المعنيّين ، ينتج منه قيادة لنقابة المعلّمين لتؤدّي دورها في خدمة المهنة والعمليّة التّربويّة ولتشارك مع أخواتها باقي النّقابات المهنيّة في خدمة الوطن والإنسان .
أنّ أجراء هذه الانتخابات سيكون لها دور كبير بإذن الله في فتح آفاق جديدة بمشاركة شعبيّة لتحمّل المسئوليّة ومصارحة النّاس في قضايا كَثُر الحديث عنها اتّهاما وشكّا فتتوقّف الإشاعات والاتّهامات وتقوم السّلطات بالأدوار الّتي أناطها بها الدّستور . وسيلمس النّاس أثر هذا الانفراج السّياسي على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والتّربويّ ، تحسّنا في الأوضاع الاقتصاديّة وتماسكا في النّسيج الاجتماعيّ وتطوّرا في العمليّة التّربويّة . لذلك نأمل أن يشهد العام القادم انتخابات قريبة بلديّة ونيابيّة ونقابيّة للمعلّمين .... لنتحرّك في موكب موسم الهجرة إلى الصّناديق .