“النخبة تتعارك بالأيدي”

أخبار البلد-

 

"المقدمات تقود إلى النتائج”. هذه قاعدة بديهية ومعروفة، بل ومستهلكة.
وهناك قاعدة أخرى ابتذلت لشدة تكرارها تقول إنك لا تستطيع أن تستخدم نفس الأدوات في كل مرة، ثم تتوقع نتائج مختلفة!
هذه قواعد مضبوطة جداً، ودقيقة تماماً، حتى لو قلنا إنها مبتذلة.
فالابتذال هنا بمعنى أنها تستخدم وتقال وتُكتب كل يوم بلا فائدة، لكن الابتذال لا يطال حكمتها الرفيعة أبداً.
والمشكلة في التلقّي. أو للدقة في "عدم التلقّي”. في الذين لا يسمعون.
في الإصرار على "الأدوات القديمة” والإصرار في نفس الوقت على توقّع نتائج مختلفة.
المشكلة في البُنية.
فحين تكون البُنية بهذه الشروط الثقافية والاجتماعية لن تنتج إلّا ما يُشبهها. والصدمة التي تحدث لدى "المشاهدين” هي غالباً، صدمة مفتعلة، لأنهم صنيعة ذات البُنية، وذات الأدوات، وليس من حقهم أبداً توقع نتائج مخالفة. وليس من حقهم، أيضاً، الاستنكار والشجب، لأن ما يحدث هو صنيعتهم بل إن من واجبهم تحمّل تبعات هذه "النتائج”. ومحاسبتهم عليها.
والمشكلة في "السلطة”. بمعنى منح "السلطة” و”الصلاحية” لمجموعة من الناس غير المؤهلة لممارسة السلطة. وغير مؤهلة لفرض "الثواب والعقاب” على أقرانها المماثلين. ما لم تكن هذه المجموعة متفوقة وحازت على مستوى أكثر نضجاً ورجاحة، حتى في داخل هذه البُنية نفسها.
أحاول هنا ألا أكون قاسياً، وأن أنتقي المفردات بموضوعية قدر استطاعتي.
لذلك لن أستثني "المشاهدين الآخرين” الذين تحدثوا بشماتة عمّا حدث! الذين قالوا بطريقة ما ان هذه "المجموعة” هي اختياركم أنتم، وتمثلكم أنتم. موجهين كلامهم لمن قاموا بالتصويت والانتخاب.
مع ان الحقيقة قد تكون أيضاً على العكس من ذلك تماماً، فالمجموعة هي أيضاً اختيار أو خيار من قاطعوا ولم يذهبوا للتصويت او الانتخاب!
فعدم الانتخاب هو انتخاب بشكلٍ ما، وعدم التصويت هو تصويت مكتمل الأركان!
وهنا نعود لـ”البُنية” أيضاً، والشروط الثقافية والاجتماعية، فعدم المشاركة في صناعة مؤسسات المجتمع ليست "بطولة” كما يجري تصويرها أحياناً، والتخلّي هو بشكل من الأشكال مساهمة سلبية ضارّة تقف بدورها خلف هذه "النتائج”.
لذلك ليس مفاجئاً رؤية النخبة تتعارك بأيديها وأرجلها في مجتمع ترى كل أفراده صباحاً جاهزين للعراك بالأيدي والأرجل، وكل لقاء أو حديث بين اثنين هو مشروع شجار حادّ.
والبُنية القاسية بدورها، صاحبة الصلاحية غير المؤهلة، هي نفسها ما يجعلنا نتحدث في هذا الموضوع بهذه الطريقة الحذرة .. كمن يمشي في حقل من الشرور والألغام.