لماذا «تنفي» حركة حماس مقابلة صحافية «ساخنة».. ل«خالد مشعل»؟

اخبار البلد - 
 

ثمة «معركة».. نفيّ وتأكيد, تدور بين حركة حماس وموقع «أساس ميديا» الإلكتروني اللبناني (يُموله وزير الداخلية الأسبق والنائب الحالي نهاد المشنوق, القيادي المستقيل من تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري)

الموقع المذكور أعلاه نشر مقابلة مُطولة «على حلقتيْن» يومي الاثنين والثلاثاء 27 ـ 28/12 الجاري, مع خالد مشعل رئيس حماس في الخارج, خلال زيارته التي انتهت للتوّ إلى لبنان, تحدث فيها باستفاضة عن ملفات ووقائع جدلية, عكست من بين أمور أخرى تبايناً بل ربما يصِح القول «افتراقاً» في المواقف والرؤى, بين ما يمكن وصفه معسكر/جناح اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة, وجناح رئيس حماس في الخارج/خالد مشعل, خاصة الموقف من سوريا عند اندلاع الأزمة قبل أزيد من عشر سنوات.. وراهناً, وأيضاً في ما خص العلاقة مع إيران وحزب الله

وإذ وزّع مُتحدِث حماس في الخارج/هشام قاسم.. بياناً مُقتضباً جاء فيه: ان «الأخ القائد أبو الوليد لم يُدلِ خلال زيارته إلى جمهورية لبنان الشقيقة, بأي حديث خاص للموقع المذكور ولا لأي موقع إلكتروني أو وسيلة إعلامية». إلا أن «أساس ميديا» أكّد أن المُقابلة.. أسئِلة المُحرّر وإجابات مشعل.. مُسجّلة ومَحفوظة لدى الموقع. مضيفاً أن «حواراً مباشراً وأسئلة توجّه بها كاتب المقال, خلال اللقاء الذي جرى في مركز الجماعة الإسلامية في بيروت يوم السبت الماضي18/12, وحضره الكاتب بصفته الإعلامية الواضحة", عرّف عنه مُقدم اللقاء الشيخ علي اليوسف بصفته الإعلامية, وان الكاتب التزم حرفية الإجابات كاشفا ان إجابات مشعل على الأسئلة مُوثقة بالصوت, لافتاً الى ان عضو المكتب الإعلامي لحماس/وليد محمد إتصل به مُشيداً بما تضمنه «المقال» من «إنصاف وموضوعية». ولم ينسَ «أساس ميديا» التذكير بأن بيان النفي الذي أصدرته حماس الخارج, «جاء بعد 17 ساعة من نشر المقابلة, ما عكس ــ والقول للموقع ــ ان هذا التأخير, يعني «ان نقاشات استَهلَكت الكثير من الوقت للتبرّؤ من كلام مشعل»

تفاصيل مثيرة كهذه كانت ضرورية, توطئة للإضاءة على حقيقة المواقف والمصطلحات التي عبر فيها وعنها مشعل, إزاء ما عملت عليه وانخرطت فيه «حماس» تحت قيادته, عند اندلاع الأزمة السورية/ آذار 2011, خاصة قرار خروجها من دمشق وانضمامها لمعسكر الإرهاب المعادي لسوريا, وما رشح بل تأكّد انضمام عناصرها الى جانب الجماعات التكفيرية والإرهابية خاصة في مخيم اليرموك/والحجر الأسود والغوطة الشرقية, وتدريبهم على حفر الأنفاق

زيارة مشعل التي انتهت للتوّ إلى لبنان لم تحظَ بأيّ اهتمام أو تغطية إعلامية لافتة، بل قاطعها حزب الله وحركة أمل وفعاليات وقوى محسوبة عليهما، ناهيك عن عدم استقباله في قصر بعبدا أو السرايا الحكومية, إذ اكتفى رئيس الحكومة/نجيب ميقاتي باستقباله في بيته, فيما التقاه مفتي الجمهورية كما وليد جنبلاط, على عكس الحفاوة التي حظيَ بها رئيس المكتب السياسي للحركة/إسماعيل هنية، في زيارته الرسمية/التاريخية كما وصفتها «حماس", والتي تمّت نهاية شهر حزيران الماضي واستمرّت ثلاثة أسابيع

ذلك كلّه أثار حفيظة أنصار جناح مشعل في الحركة, الذين صوبوا سهام انتقاداتهم إلى محور الممانعة خاصّة حزب الله, وانبرى نفر منهم للدفاع عنه وتمجيده كـ"مجاهد حكيم»، في محاولة لإخفاء الصدع بين الجناحين. إذ يواصل هنية مساعيه لتمتين علاقاته مع إيران وحزب الله, يرشَح أنّ الأخير بذل ويبذل جهوداً بعضها مُعلن لدى دمشق, بهدف إعادة الدفء لعلاقتها بالحركة (بعدما غادر مشعل رئاستها), فيما لم تُبد دمشق حماسة ازاء هذا الملف, أو هي التريّث بانتظار التأكّد ربما- من أن جناح مشعل فقد تأثيره أو تراجَع عن رهاناته واصطفافاته السياسية والإقليمية المعروفة

لا يبدو أنّ مشعل تراجَع عن ذلك، إذ قال في «المقابلة» إنّه «لم يندم على القرار الذي اتّخذه بالخروج من دمشق, وإنّه لن ينحاز إلى إيران»، مضيفاً: أنّ الحركة رفضت الانحياز إلى النظام ضدّ الشعب السوري, وأنّه (مشعل) لم يُسئ لأحد، وليس نادماً على أيّ موقف اتّخذه في حياته بما يخصّ السياسة، مُستدرِكاً أنّه «رفض الوقوف مع أيّ نظام ضدّ شعبِه، أياً كان هذا النظام, وأنّه «لم يقاتل مع شعب ضدّ الأنظمة»، إلاّ أنّ الأكثر لفتاً للأنظار ذهابه بعيداً في «نفي» وجود أيّ زيارة لأيّ مسؤول في حركة حماس إلى العاصمة السورية دمشق، مُشيراً إلى أنّ «هذا السيناريو غير مطروح». وفي شأن العلاقة مع إيران «اعترف بأنّ طهران تُسلِّح حماس»، إلّا والقول له- أنّ هناك شعوباً متألمة من السلوك الإيراني, ويُمكن أضاف- أن يكون لي مؤيد وحليف، لكنّ أخاً لي تأذّى من سياساته»

مشعل بهذه المواقف والتصريحات يقطع الطريق على إسماعيل هنية, في محاولة لإغلاق الباب على الخيارات/الهوامش التي أطلقها سعى اليها هنية, تارة من طهران وخصوصاً من بيروت, خصوصاً باتجاه دمشق.. اللهمّ إلاّ إذا كانت «بينهما»...لعبة توزيع الأدوار, وهو أمر ربما يعكسه «النفي» القاطع لإجراء مشعل مقابلة مع الموقع اللبناني، ما يعني تراجُعه أو تنصّله من أقواله..المُسجّلة