"تداخل راداري".. كيف تهدّد تقنية "الجيل الخامس" حركة الطيران حول العالم؟

أخبار البلد ــ يحذِّر المسؤولون التنفيذيون في الخطوط الجوية ومسؤولو شركات الطيران الكبرى بقلق متزايد من حدوث تأخير واسع النطاق في الرحلات الجوية في ظل العواصف الثلجية وانخفاض مستوى الرؤية، وأنّه بمجرّد إطلاق خدمة تقنية "الجيل الخامس" (5G) اللاسلكية الجديدة بالولايات المتحدة في أوائل شهر يناير/كانون الثاني القادم، فستتعطّل حركة الطيران.

وتقول شركتا "إيرباص" و"بوينغ" وفاعلون آخرون في قطاع الطيران، إنّ الإشارات اللاسلكية الجديدة تهدّد بالتداخل مع معدّات ورادارات الطائرات والمروحيّات، والمنوط بها تعقّب مستوى ارتفاع الطائرات، ما قد يحيل دون هبوط الطائرة لا سيّما في حالة ضعف الرؤية، وهو ما سيخلق سلسلة من التأخيرات وعمليات التحويل والإلغاء.

فيما ينفي عمالقة صناعة الاتّصالات اللاسلكية تلك المزاعم ويؤكّدون أنّه لا أساس لها من الصحة.

و"5G" هو الجيل التالي من أنظمة اتّصالات شبكة الإنترنت، وتمتاز بسرعة نقل بيانات هائلة وموثوقية عالية جداً، إضافة إلى سعة نطاقها التردّدي.

"تداخل راداري"

تزعم شركات الطيران الأمريكية أنّ إشارات "5G" تعمل في موجات هوائية مماثلة لتلك المُستَخدمة بواسطة أجهزة قياس الارتفاع في رادار الطائرات، والتي تُحدّد الارتفاع عن طريق ارتداد موجات الراديو عن الأرض.

وحال تداخل إشارات رادار الطائرات مع مثيلاتها الخاصة بـ"5G"، فإّن ذلك قد يشكّل مخاطر خاصة أثناء الهبوط في الأحوال الجوية السيئة، وهو ما لا يهدّد حركة الطيران فحسب، بل يهدّد سلامة الركاب كذلك، حسبما ذكرت اختبارات أجرتها شركات مختصّة بصناعة الطيران.

وقدَّرت إحدى الشركات المصنِّعة لأجهزة قياس الارتفاع بالرادار، أنّ 70% من الطائرات المجهَّزة بأجهزتها قد تكون عرضة للتداخل مع إشارات "5G".

ويكافح مسؤولو البيت الأبيض والمجموعات الصناعية الكبرى بقطاع الطيران، دون نتيجة حتّى الآن، للتوصّل إلى اتفاق قبل بدء خدمة اللاسلكية بعد أقل من أسبوعين. ورغم عرض شركات الاتصال تخفيضات في طاقة الإشارات الخاصة بخدمة "5G"، غير أنّ قطاع الطيران الأمريكي يصف هذه التخفيضات بأنّها "غير كافية".


يُقدَّر مجموع خسائر شركات الطيران الأمريكية وحدها بنحو 2.1 مليار دولار حال بدء تشغيل خدمة 5G (Getty Images)
خسائر مليارية

وفي وقت تكافح فيه شركات الطيران للتعافي من تبعات جائحة كورونا التي أدّت إلى خسائر بمليارات الدولارات العام الماضي، تأتي احتمالية تعطُّل الرحلات الجوية بفعل تقنية الجيل الخامس، والّتي من المزمع دخولها الخدمة في 5 يناير/كانون الثاني 2022 بالولايات المتحدة الأمريكية.

وفي رسالة إلى وزارة النقل الأمريكية، أعربت شركتا "إيرباص" و"بوينغ" عن بالغ قلقهما حيال التقنية الجديدة، ووضحتا تفصيليّاً حجم المخاوف المشتركة للقطاع فيما يتعلّق بحركة الطيران.

وأوضحت شركة "بوينغ" الأمريكية في بيان صحفي لها: "نتعاون مع سلطات الطيران والمسؤولين الحكوميين وشركات الطيران والمجموعات التي تمثل القطاع لضمان سلامة عمليات تشغيل الطائرات في جميع أنحاء العالم".

وتُقدِّر مجموعة "الخطوط الجوية الأمريكية التجارية" أنّ الصراع مع شبكات "5G" سيكلّف القطاع ما يصل إلى 2.1 مليار دولار سنوياً جرّاء اضطراب الرحلات، وذلك لاحتمالية تعطّل ما يصل إلى 350 ألف رحلة طيران كل عام.

فيما قد تتضاعف تلك الخسائر حال دخول التقنية ذاتها الخدمة في بلدان أخرى حول العالم.

مخاوف مبالغ فيها

يشكّك مقدّمو خدمات الهاتف المحمول في مزاعم شركات الطيران، قائلين إنّ إشارات "5G" منفصلة بشكل كافٍ عن التردُّدات التي تستخدمها أجهزة قياس الارتفاع بالطائرات، وأنّ شبكات الجيل الخامس تعمل بالفعل حالياً بأمان ودون التسبّب في تداخل ضار في عمليات الطيران في ما يقرب من 40 دولة حول العالم.

ويرى نيك لودلوم، نائب رئيس مجموعة CTIA التجارية الّتي تضم كبرى شركات الاتصال المالكة لشبكات "5G" بالولايات المتحدة مثل "AT&T" و "فريزون"، أنّ شركات الطيران "تتعمّد إثارة الخوف، وذلك بناءً على معلومات تفقد المصداقية تماماً وتشويه متعمَّد للحقائق".

وأشار لودلوم إلى أنّ شركات الطيران الأمريكية تسافر من وإلى 40 بلداً دخلت فيها شبكات "5G" الخدمة بالفعل دون تعرّضها لأيّ ضرّر.

يُذكر أنّه كان من المقرّر أن يبدأ رائدا القطاع "فريزون" و"AT&T"، في استخدام نطاقات التردّد 3.7-3.8 جيغاهرتز بالولايات المتحدة في 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري، إلّا أنّهما وافقا على تأجيل إطلاق الخدمة إلى يناير/كانون الثاني، على خلفية مخاوف شركات الطيران.