"جليد يوم القيامة".. تعرّف أسباب ومخاطر ذوبان أكبر نهر جليدي في العالم
أخبار البلد ــ لا ينفك التغير المناخي من إظهار وجهه المدمر من خلال الكوارث الطبيعية والظواهر الجوية المتطرفة، ولعل أخطرها عملية الذوبان المتسارعة التي يشهدها نهر "ثويتس" للجليد في القارة القطبية الجنوبية، والذي من شأنه إذا ما انهار أن يرفع مستوى سطح البحر 65 سم على الأقل، ليتسبب بتدمير المجتمعات على الجزر والسواحل في جميع أنحاء العالم.
وتعتبر المنطقة الواقعة غربي القارة القطبية الجنوبية واحدة من أسرع مناطق الاحترار على وجه الأرض، والدليل هو ما يحدث الآن للمنطقة الجليدية المعروفة رسمياً باسم "ثويتس" (Thwaites)، والتي تحمل لقب "جليد يوم القيامة" لكونها واحدة من أسرع الأنهار الجليدية في القارة القطبية الجنوبية في معدل الذوبان.
كما حذر الباحثون من أن ارتفاع مستوى سطح البحر يمكن أن يؤدي إلى كارثة تلو الأخرى، ولهذا تسابق الدراسات العلمية الزمن من أجل الوقوف على الأسباب المباشرة التي تدفع "جليد يوم القيامة" إلى الانهيار بهذه السرعة، بالإضافة إلى محاولة معرفة الوقت المتبقي في ساعة "ثويتس" المؤقتة.
جليد يوم القيامة
انفصل أكبر نهر جليدي في العالم، ثويتس، بشكل غير متوقع عن القارة القطبية الجنوبية قبل 20 عاماً وانقسم إلى آلاف القطع المبعثرة.
ويبلغ حجم "ثويتس" الواقع غربي أنتاركتيكا حجم بريطانيا ويذوب بمعدل ينذر بالخطر. وإذا انهار، فسيؤدي ذلك إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بحوالي 65 سم.
ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، خسر "ثويتس" حوالي 595 مليار طن (540 مليار طن متري) من كتلته الجليدية، مما ساهم بمفرده بنسبة 4% من متوسط ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي بمعدل سنوي، وفقاً لما ذكرته مجلة (Live Science) في وقت سابق.
وأشار خبراء إلى أن التطورات في "جليد يوم القيامة" تعني أن الإنذار الأحمر قد دق في أزمة المناخ، مؤكدين أنه سوف يتحطم بشكل يشبه تحطم زجاج السيارة، وذلك بسبب تسارع معدل فقدان الجليد بشكل كبير في العقود الثلاثة الماضية.
الاحترار يدفع "ثويتس" للانهيار
إلى جانب عوامل التغير المناخي، أشارت دراسة نُشرت في شهر أغسطس/آب الماضي في مجلة (Communications Earth & Environment)، إلى أن بيانات المجال المغناطيسي الأرضي التي حللها الباحثون غربي أنتاركتيكا تشير إلى تدفق الحرارة الجوفية أسفل "جليد يوم القيامة".
فقد وجد الباحثون خلال محاولتهم لإنشاء خرائط جديدة لتدفق الحرارة الجوفية في المنطقة، أن القشرة الموجودة أسفل غرب أنتاركتيكا أرق إلى حد كبير مما هي عليه شرقي القارة القطبية الجنوبية فهي سميكة بحوالي 17 إلى 25 كيلومتراً مقارنة بحوالي 40 كيلومتراً في الشرق، الأمر الذي "ثويتس" إلى حرارة جوفية أكثر بكثير من الأنهار الجليدية على الجانب الآخر من القارة.
وهناك دراسات علمية أخرى تشير إلى مصدر احترار آخر مصدره ممرات المياه الدافئة الجديدة والمتدفقة أسفل كتلة "ثويتس" الجليدية الضخمة، مما سيسرع عملية ذوبان النهر الجليدي، مسبباً ما وصفوه بالنتائج الكارثية.
فيما كشفت البيانات التي جمعتها الغواصة غير المأهولة المعروفة باسم "آيسفين" بأن المياه أسفل "ثويتس" ذات درجات حرارة دافئة بشكل غير عادي وغير متوقع، حيث تتجاوز درجات التجمد بدرجتين على الأقل.
مخاطر كارثية
قال مدير مختبر ديناميكا الموائع البيئية في جامعة نيويورك وأحد الباحثين البارزين في البعثات الاستكشافية، ديفيد هولاند: "المياه دافئة في هذا الجزء من العالم، النائي كما قد يبدو، يجب أن يكون هذا بمثابة تحذير لنا جميعاً بشأن التغيرات الأليمة المحتملة على الكوكب الناجمة عن تغير المناخ".
وإذا ما تسارع الذوبان مسبباً انهيار "ثويتس" بالكامل في المحيط، ، فإن مستويات سطح البحر العالمية سترتفع 65 سم مما يسبب كوارث طبيعية لا يمكن مجابهتها، والتي يأتي على رأسها الفيضانات العارمة التي ستضرب الكوكب، والتي ستمحو العديد من الجزر من على الخريطة، فضلاً عن غمر المدن الساحلية وبالتالي تقلص الرقعة البرية لصالح البحار والمحيطات.
ويعتبر العلماء "جليد يوم القيامة" التي تقدر مساحته بحوالي 750 ألف ميل مربع، بمثابة حجر الزاوية في وسط الصفيحة الجليدية الغربية في أنتاركتيكا، أي ذوبانه سيحدث نفس تأثير الدومينو وبالتالي ذوبان مساحات شاسعة بالقارة القطبية الجنوبية.