حماية الصحفيين: الحريات العامة تراجعت في الأردن ووصفه بدولة قمعية غير مقبول
حماية الصحفيين يستضيف مفوض المركز الوطني لحقوق الانسان
•الحريات العامة تراجعت في الأردن لكن وصفه بدولة قمعية غير مقبول.
•إذا أردنا ان نعطي سلطة مباشرة للملك فإننا سنفتح بابا لن يسد
•أوامر الدفاع "زادت الطين بلة"، قانون منع الجرائم يستخدم لمنع المظاهرات لا الجريمة.
•الأردن ليس نظاما رئاسيا.. ومن يريد تحويله لنظام رئاسي يعمل على خراب البلد.
•لا يجوز حظر وتقييد الاحتجاج السلمي.
أخبار البلد - أكد المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الانسان علاء العرموطي ان حالة الحريات شهدت تراجعا، لكنه رفض وصف الأردن بالدولة القمعية قائلا: صحيح ان هناك تراجعا في حالة الحريات، وهناك تدابير بوليسية تحاول فكفكة أي مظاهرة، لكننا نظلم بلدنا إذا ما قلنا انه بلد قمعي كما هو حال كوريا الشمالية والدول القمعية في الجوار او التي تعيش في ظل أنظمة دكتاتورية "، مستدركا بالقول " هنا لا اقر مقارنة أنفسنا بالدول الفاشلة في مجال حقوق الانسان، بل يجب ان نقارن أنفسنا مع الدول الناجحة".
وقال العرموطي خلال استضافته في المنتدى الإعلامي الذي ينظمه مركز حماية وحرية الصحفيين كل شهر بدعم من شركة زين " ان المركز الوطني سجل ملاحظات ناقدة بلغة حقوقية على التعديلات الدستورية المقترحة مشيرا الى رفضهم المس بمبادئ " النظام النيابي الملكي"، ومحاولة تحويله الى نظام رئاسي عبر وضع " سلطة مباشرة" بيد الملك دون توقيع الوزراء، قائلا ان ذلك سيفتح " بابا لن يسد".
وقال العرموطي انه لو التقى جلالة الملك الان لقال له" شكرا على ما تم تحقيقه، لكننا اليوم بحاجة ماسة للتقدم وإنجاز مالم يتم إنجازه، فالمطلوب اهم بكثير مما انجز سابقا"
وفي تفاصيل الحوار في المنتدى الإعلامي أكد العرموطي أن الشعب مصدر السلطات، فلا يجوز أن يكون هناك سلطات غير تمثيلية وغير مستندة إلى ارادة الشعب كما هو الحال في المحكمة الدستورية.
وقال العرموطي: "إن النظام البرلماني قام أصلا على هذا الحجر الأساسي، فلا يجوز القول بعدم الجمع بين النيابة والوزارة، لأنك بذلك تكون قد هدمت النظام البرلماني كلّه".
وانتقد العرموطي سحب الصلاحيات من السلطة التنفيذية بحجة "منع التجاذبات السياسية" بعد أن تصبح الأحزاب تشكّل غالبية البرلمان، قائلا: الأحزاب ستحتاج إلى (20) سنة كي تصبح تشكّل (65%) من البرلمان، ولا يعقل أن نقوم بعرقلتها منذ اليوم من خلال القول "منعا للتجاذبات السياسية سأسحب من الحكومة الدفاع والمالية ...الخ، ولا علاقة لكم بشيء غير البرلمان" هذا لا يشجع على الديمقراطية ولا العمل الحزبي، وهذا كمن يطلق النار على قدميه.
وقال العرموطي: "في الأردن نحن لسنا نظاما رئاسيا، ومن يريد أن يحوّلنا إلى نظام رئاسي فهو يعمل على خراب البلد".
وشدد العرموطي على أن الحديث عن الانفتاح والاصلاح والمئوية الثانية ودخول مرحلة جديدة يقتضي أن يكون لها قرائن، فالنوايا لا تكفي دون وجود القرائن، ولا يصحّ الحديث عن تشجيع الشباب على الانخراط في الحياة السياسية ثمّ نعتقلهم.
وانتقد العرموطي محاولات حظر وتقييد أماكن الاحتجاج والاعتصام، مؤكدا على أنه "لا يجوز حظر وتقييد مكان الاحتجاج نهائيا، إلا إذا كان الموقع يؤثر على النظام والصحة العامة. والأصل أن المحتجّ عندما يريد أن ينفذ احتجاجا أو حراكا فإنه يختار موقعا حساسا كي ينجح في لفت الأنظار إليه".
ورأى العرموطي أن النخب السياسية جزء من مشكلة الخراب التي نعيشها اليوم، قائلا: "النخب جزء من مشكلة الخراب، فالنخب هي التي تصنع التغيير، ويُفترض أن تقدم التضحيات، لكن الواضح أن لا قناعة لديها حتى اليوم بقدرتها على دفع كلف التغيير".
وفي سياق آخر، لم يتردد العرموطي بالقول حول "استقلالية المركز” كجهة رقابية بأنها، استقلالية "ليست كاملة” من منظور قانوني، لارتباطه وارتباط العديد من المؤسسات في البلاد "بنيويا” بتعيينات حكومية.
وقال” لا أستطيع القول أنه لا يوجد استقلالية، فقانون المركز يمنح المفوض حصانة ومجلس الأمناء حصانة بمناسبة الأعمال التي يقومون بها أمام القانون، هذا يعطيك شعورا بالاستقلال".
لكن العرموطي اعتبر ان استكمال الاستقلال المنشود له اشتراطات، على غرار مشروع سابق صيغ لديوان المظالم لم ينجح عند تأسيسه آنذاك، يمنح البرلمان تعيين رئيس الديوان وأن يكون مسائلا أمام البرلمان، إلا أنه لم ينجح بسبب العقلية السائدة على حد تعبيره، مبينا أن رئيس الوزراء حينها قال، " إنه لن يكتب عليه أنه مكّن البرلمان من هذه الصلاحية".
وأقر العرموطي خلال حديثه بأن وجود المركز هو جزء من متطلبات "الحصول على المنح والديكور المطلوب دوليا”، معتبرا بالمقابل أنه "حاجة للاتساق مع منظومة الحداثة للمؤسسات الرقابية ..وأنه استطاع خلق حالة وعي في الثقافة المجتمعية لحقوق الانسان، وإن لم يكن قد "حقق اختراقات كبيرة” على حد قوله.
وأضاف موضحا بشأن مدى استجابة الحكومة لتقاريره الرصدية السنوية ودوره الرقابي” لا أستطيع القول أنه لا يحسب له حساب، وإن كان الخطاب الحقوقي السائد ليس بالمستوى المطلوب من خلال كشف الانتهاكات، لكننا أدخلنا خطاب حقوق الانسان في الثقافة العامة ونحل مشاكل يوميا ونخفف معاناة كبيرة ...ونمنع كثيرا من التفاقم المتوقع في كثير من القضايا، كما نخفف من الاحتقانات الاجتماعية لكن ليس على غرار الفاعلية التي تحدث في العالم الديمقراطي، مستخدما عبارة "الطرق المستمر” للمركز.”.
العرموطي الذي تسلم موقعه في تموز (يوليو) 2020 كمفوض عام اكد أن مؤشر الحريات العامة في البلاد قد تراجع بشكل كبير، متحفظا بالمقابل على تصنيف الأردن كدولة "قمعية” في تقرير منظمة" سيفيكوس"، وقال إن تصنيف الدول على أنها "قمعية له معايير ومؤشرات قياس، وأضاف” لدينا تدابير حكومية بوليسية تحاول أن تفكك مظاهرة ما..لكن ليس لدينا دم، ولدينا مظاهرات، ونظلم بلدنا إذا قلنا أننا دولة قمعية."
ورأى بالمقابل، أن الإصلاح السياسي المرتبط بالنوايا، يجب أن يكون مصحوبا بالقرائن، منتقدا الاعتقالات الاخيرة بحق طلاب جامعات بسبب احتجاجهم على إعلان النوايا، مؤكدا أن التوقيف الإداري اليوم بحد ذاته أصبح "عقوبة"، وأن المركز لا يوفر جهدا في إنهاء هذه الانتهاكات.
وبشأن قانون منع الجرائم المطبق منذ 1954، قال العرموطي إنه مخالف للاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وأنه بات يستخدم "لمنع المظاهرات لا لمنع الجريمة”، وقال "القضاء يجب أن يكون مسؤولا عن تقييد الحريات وأوامر الدفاع لدينا زادت الطين بلة ...نحن نتحدث عن دولة حكم القانون وليس الحكم بالقانون”.
وأوضح العرموطي أيضا أن المركز قدم العديد من البدائل لقانون منع الجرائم، المستخدم للتقييد بحجة التنظيم ويحمل نصوصا واسعة، وأن حظر أي مكان للاحتجاجات السلمية لا يجوز بالمطلق، إلا إذا كان يؤثر على النظام العام.
ومن بين تلك البدائل حصر التوقيف بقرار من المدعي العام في حال بقاء القانون، مشددا على أن المركز مع إلغائه، وشدد على أن المركز سيقدم للبرلمان مجددا توصياته.
ونوه العرموطي أن استراتيجية المركز الجديدة، تهدف إلى رفع قدراته ليتجه لتلقي نحو 1000 شكوى بدلا من 400، وربما إلى 1500 في وقت لاحق، قائلا في في سياق آخر، إن المركز كمؤسسة صغيرة لا تحقق لوحدها "اختراقا” وأن الاختراق لابد أن يكون على مستوى الدولة.
وأعاد العرموطي الى الاذهان عمل ديوان المظالم الذي وصفه بأنه "أصبح شهيدا الآن”، وأزعج كثيرا من السلطات "الشرعية وغير الشرعية”، بحسب تعبيره. وأضاف بالقول إن الديوان كان يستقبل نحو 5 آلاف شكوى من مختلف المؤسسات لكنهم "أجهضوه”، وأن المركز الوطني اليوم لا ينقصه شيء في حدود "ولايته”.
وبشأن التقرير السنوي الرصدي للمركز، قال العرموطي إنه "غير راض” عنه، برغم تطوّر منهجية عمله وصياغته وصدوره بمحتوى "أقل حشوا "من سابقيه وقال” هو تقرير جيد جدا ويمكن البناء عليه، مؤكدا أن العملية مستمرة بمضمون أقوى في الإصدارات اللاحقة.
ونفى العرموطي أن يكون مجلس أمناء المركز، معطلا لعمل المركز، مشيرا الى أن المركز بصدد تطوير أدواته خلال الفترة المقبلة، سواء عبر تسريع آليات الشكاوى وإنهاء الانتهاكات وإصدار تقارير دورية ذات جودة عالية، تتجاوز مرحلة الاكتفاء بالبيانات، إلى أيضا تقدير الموقف والدراسات القانونية الدورية.
ويعمل المركز أيضا وفقا للعرموطي، على تفعيل "المنتدى الرباعي”، الذي يضم البرلمان والمنسق العام الحكومي والمجتمع المدني، إضافة إلى المركز.
وفي معرض رده على تساؤلات الحضور، قال العرموطي بشأن قدرة المركز على "الاشتباك” مع القضايا الحساسة، كالدفاع عن الحريات الدينية، إنه في صلب عمل المركز طالما أنها "منسجمة مع الدستور والمواثيق الدولية والشريعة الإسلامية، وقال "لدينا الشجاعة أن نسلك هذا السبيل”.