جنرال إسرائيلي يواصل تحذيراته: ما يجري في النقب والجليل أخطر على إسرائيل من قنبلة إيران

أخبار البلد ــ فيما تفرط إسرائيل في تبيان خطورة المشروع النووي الإيراني عليها قال جنرال إسرائيلي بارز إنه في الوقت الذي انشغلت فيه دولة الاحتلال بإيران، نشأت لها تهديدات جديدة، محذرا من أن احتمال الانهيار الداخلي الكامن فيها أخطر بعدة أضعاف من التهديد النووي من طهران ومن جملة ذلك «النقب والجليل» في إشارة لفلسطينيي الداخل. منبها أيضا ان ذلك زاد من تعلق أكبر لها بالولايات المتحدة. وقال هكوهن المعروف بتوجهاته النقدية، إن «الانشغال بالتهديد النووي الإيراني في إعلانات الزعماء وفي الخطاب الإسرائيلي العام- وصل في الأسبوع الأخير إلى الذروة» ويتابع في مقال مطول نشرته صحيفة «يسرائيل هيوم»: «حكم آيات الله في طهران عن حق وحقيق يهدد إسرائيل ولكن يجدر بنا النظر ليس فقط إلى احتمال التهديد بحد ذاته- بل وأيضا إلى المكان الذي يحتل فيه هذا التهديد جدول الأعمال ووعي الهوية لدينا». كما ينبه إلى أن نمط القلق الذي يتصدر الخطاب الإسرائيلي في مسألة النووي الإيراني منذ أكثر من عشرين سنة، فيسرع إلقاء الرعب على الإسرائيليين أساسا. ويقول إنه يجدر بالإسرائيليين فحص ما الموجود في التهديد الإيراني خاصة في التهديد النووي. ويتسلل إلى عمق الحالة النفسية والثقافية لليهودي في إسرائيل. ويرى أن هذا السؤال يدعو المجتمع الإسرائيلي لان ينظر إلى داخله في التوترات غير المحلولة المغروسة في الوعي وفي الوعي الباطني لأساس هويته. وثبتت برأيه أن حرب 1948 في الوعي الإسرائيلي كحرب وجود بلا جدال، أما الحروب التي جاءت بعدها فلم تحظ بذات الاجماع: في المسعى للتمييز بين حرب عادلة وحرب غير عادلة انغرس في الإسرائيليين مسلمة بان الحرب العادلة هي حرب اللا مفر-الحرب التي نحمي فيها مجرد الوجود. ويضيف «هنا تكمن القوة المغرية للتهديد النووي الإيراني، الذي يعرض كتهديد وجودي صرف. هذا تهديد سطحي، ليس موجها ضدنا بسبب الاحتلال. وهكذا فإنه يضع دولة إسرائيل، بنظرها نفسها على الأقل في مكانة الضحية المحقة. يعد النووي الإيراني كتهديد الإبادة المعروف لنا من اوشفيتس. مثلما في معسكرات الإبادة، فان النووي الإيراني أيضا يهدد كل يهودي دون تمييز. بالمفارقة، يوحد التهديد بين اليهود بذات وحدة المصير التي تنشأ حيال تهديد مشترك».

الهوية اليهودية

ويستذكر هكوهن عرض الحاخام المعروف سلوبتشيك الهوية اليهودية كهوية مرتبطة معا في عهد مصير وعهد غاية أو هدف. في الهامه سعى مفكرون يهود في العصر الجديد بعد الكارثة وإقامة إسرائيل – إلى إقامة هوية يهودية على أساس غاية مشتركة وليس فقط على أساس مصير كارثي مشترك. ويقول هكوهن إنه في هذه الأثناء، وفي ظل قصر يد القيادة الإسرائيلية لان توفر هوية إسرائيلية – يهودية على القوة الجامعة لوعي غاية مشتركة – اختارت القيادة الفرار إلى البعد الموحد المركز حول قلق وجودي مشترك. هكذا بنيت الحاجة السياسية لرعب النووي الإيراني.

ليس ملجأ فقط

ويرى هكوهن بخلاف الموقف الإسرائيلي المعلن أن دراسة مهنية لاحتمال التهديد النووي الإيراني على إسرائيل ستبين كم هو مفهوم «التهديد الوجودي» أيضا ليس مفهوما لا لبس فيه. ويعلل تخفيفه من حدة الخطر النووي الإيراني بالقول: فحتى لو وصل الإيرانيون إلى القنبلة ستكون أمام ناظريهم اعتبارات غير قليلة للامتناع عن استخدامها. وحتى لو أطلقت القنبلة لا سمح لله، فالدول لا تختفي خطفا ولا تنهار بضربة واحدة، ولا حتى في هجوم نووي. كل ما مر على الدولة السورية منذ بدأت الحرب الأهلية، يدل كيف ان الدولة يمكنها ان تواصل الوجود حتى عندما تبدو بانها انهارت تماما. وحتى في السيناريو الأفظع، من ناحية عملية يوجد أساس للأمل في ألا يتدهور وضع إسرائيل إلى درجة وضع سوريا». في هذا الجانب يستنتج ان الهجوم على إسرائيل بسلاح نووي هو بالتأكيد تهديد جدي- ومع ذلك مع كل الثمن الباهظ، ستواصل إسرائيل الوجود، وهي ستواصل رد الحرب-والانتصار.
ويعتقد الجنرال الإسرائيلي في الاحتياط أنه على قيادة إسرائيل بان تفعل كل شيء في وسعها كي تمنع تحقق التهديد بهجوم نووي، وينبغي تطوير قدرات لرد مناسب ولكن جدير لجم قلق الوجود أيضا. ويفسر ذلك بالقول إن النظر إلى القلق سيبين كم هو متعلق قبل كل شيء بالإسرائيليين وبالقصة التي يروونها لأنفسنا عن سبب وجودهم كدولة في بلاد الآباء، على كل ما نسعى لان نحققه فيها.

الصهيونية بين غايتين

ويتابع «منذ بدايتها تأرجحت القصة الصهيونية بين غايتين؛ من جهة الغاية العتيقة لخلاص إسرائيل. من جهة أخرى غاية بالحد الأدنى لها كملجأ آمن ليهود مضطهدين. على الفجوة بين الغايتين وقف اللواء بيني بيلد بتهنئته للعام 2020». كتب بيلد: «لو كان بوسعي لأردت في السنة القادمة ان يشطب من القاموس ومن وعينا تطلع الصهيونية كما عرفه الكونغرس الأول في بازل في 1897 وبقي ساري المفعول حتى يومنا هذا: «لاقتناء ملجأ آمن على أسس محكمة علنية للشعب اليهودي في بلاد إسرائيل. أريد لهذا التعريف لمجال إقامة اليهودي في حدود معترف بها وآمنة من قبل الراعين والمال ان يشطب وان يأتي بدلا منه تعريف يتناسب وفكرة الدولة اليهودية لهرتزل ألا وهو إقامة دولة يهود في بلاد إسرائيل، من قبل اولئك اليهود الذين ملوا حياة المنفى والسكن الفرعي الهامشي ومستعدون لان يعطوا حياتهم من أجلها.

النقب قبل طهران

ويقول هكوهن إنه بالنسبة لأولئك الذين يرون في إسرائيل ليس أكثر من ملجأ آمن، فإن التهديد النووي الإيراني يبعث بالتأكيد على الإحباط لأنه رغم كل مساعي القرن الأخير، لم تنجح الصهيونية إلا باستبدال تهديد وجودي من نوع الجريمة الجماعية في كيشنوف، بتهديد وجودي من نوع قنبلة نووية إيرانية. ويقول إن النقاش الجوهري في أمن إسرائيل يجب ان يتطور، ولا يمكنه ان يجرى بشكل تقني فقط على أساس حسابات المخاطر والتهديدات. ويرى ان النقاش مطالب بنظرة ثاقبة إلى أساس الغاية والرؤيا بروح دافيد بن غوريون: لا الأمن هو الأساس بل خلاص إسرائيل: جمع المنافي، نهضة قومية. ويعتبر هكوهن أنه في إبعاد الإسرائيليين عن وعي غاية الخلاص، بات التهديد الإيراني بالنسبة للقيادة والمجتمع الإسرائيلي مهربا من التصدي لتحديات النهضة القومية. ويقول انه رغم المثابرة الإيرانية للوصول إلى قنبلة نووية، مطلوب فحص متجدد لتصنيف هذا التهديد في المكان الأول في سلم الأولويات القومي لإسرائيل.

الخطر الداخلي أكبر

موضحا أن السلاح النووي يندمج دوما في منظومة شاملة من الوسائل القتالية والميول الاستراتيجية ويقول إن هذا السلاح مخصص بشكل عام دور شبكة أمان، لأخذ مخاطر في مجالات الاحتكاك التقليدية. ويؤكد أن التركيز الزائد لحكومات إسرائيل على التهديد النووي على مدى السنين مس بقدر كبير بتركيز الجهد في ساحات أخرى بما فيها الساحة الداخلية المتضررة هي أيضا ففقدان السيادة الإسرائيلية في النقب وفي الجليل يهدد للمدى البعيد إسرائيل بقدر لا يقل عن التهديد الإيراني. ويمضي في تحذيراته «فضلا عن ذلك، في تركيز جهود الحكومات على المجال الإيراني، نشأ ارتباط واشتراط- حتى وان لم يكن صريحا- بين تأييد الإدارة الأمريكية لمطالب إسرائيل في الساحة الإيرانية وبين ما هو مطلوب من إسرائيل في الساحة الفلسطينية. لقد أدى هذا التعلق، ضمن أمور أخرى إلى امتناع متواصل من جانب حكومات إسرائيل عن البناء في القدس في المناطق المفتوحة، مثل قلنديا». ويخلص هكوهن للقول «في الوقت الذي انشغلنا فيه بإيران، نشأت لإسرائيل تهديدات جديدة: احتمال الانهيار الداخلي الكامن فيها أخطر بعدة أضعاف من التهديد النووي من طهران».