منع نحو 100 شخصية مهمة من السفر.. عملية واسعة لاستعادة أموال وعقارات الشعب
بسام بدارين - وسط أنباء عن قائمة منع سفر طالت 100 شخصية أردنية على الأقل بينها مدير المخابرات الأسبق محمد الذهبي سجل رئيس الوزراء الأردني عون الخصاونة أمس مفاجأة من العيار الثقيل أمام البرلمان وهو يعلن أن الحكومة ستراجع جميع عمليات الخصخصة وبيع شركات القطاع العام من دون استبعاد عودة الدولة لشراء بعض أصولها.
ويعتبر تصريح الخصاونة بالخصوص أول وأرفع تصريح رسمي بخطأ عملية الخصخصة التي يقال انها أهدرت من اموال الدولة والخزينة مليارات الدولارات، ولم يحدد الخصاونة تفاصيل المسألة، لكن حديثه عن مراجعات شاملة لملف الخصخصة ينطوي وبصورة نادرة على اعتراف ضمني بأخطاء فادحة ويدين عمليا الأداء الاقتصادي والبيروقراطي للدولة طوال أكثر من عشر سنوات.
ويمهد الإجراء إذا ما تحول إلى سياسة فعلية إلى العودة لدولة القطاع العام في محاولة منهجية هذه المرة لمحاربة الفساد المعلوم والمجهول وإصلاح الأمور، فيما سمته يوما عضو مجلس الأعيان المستقيلة ليلى شرف بدولة الفساد.
وكانت الحكومة الأردنية قد باعت مشاريع ومؤسسات في عملية طويلة ومعقدة لسلسلة من المستثمرين الأجانب، خصوصا في قطاعات النقل والاتصالات والاسمنت والبوتاس والفوسفات.
وطوال أعوام تحدثت المعارضة عن خسائر بالمليارات حصلت بسبب عمليات البيع للشركات الحكومية الكبيرة، فيما يتحدث كثيرون عن صفقات بيع مشبوهة تمت في عهد حكومات سابقة لكن تلويح الخصاونة بالعودة لشراء بعض الأصول في حال توفر السيولة النقدية ينطوي على جرأة كبيرة في تسجيل رسمي لأخطاء من الوزن الثقيل.
ويمكن ملاحظة أن المسألة أعلنت بعدما خصصت قمة زعماء الخليج الأخيرة خمسة مليارات لدعم الأردن في خمس سنوات وإذا ما طورت حكومة الخصاونة موقفها بالخصوص فالبلاد ستكون بصدد عملية 'إدانة' واسعة النطاق قد تشمل تحقيقات واتهامات بالفساد والإخلال الوظيفي توجه للعشرات من نخبة كبيرة من رجال الدولة ورموز النظام في العقد الأخير. وعليه بدأت عملية الاعتراف بوجود فساد كبير جدا تصبح منهجية أكثر فقد تسربت أنباء عن تزويد المراكز الحدودية بقائمة شخصيات ممنوعين من السفر تبلغ مئة شخص على الأقل وبين هؤلاء العشرات من المسؤولين سابقا في مناصب مدنية وأمنية في الدولة وبينهم كذلك رجال أعمال وموظفون كبار.
ويبدو كما فهمت 'القدس العربي' بأن إجراءات منع السفر الاحتياطية تهدف لخدمة تحقيقات موسعة جدا بالفساد أذن فيها القصر الملكي بعدما بدأ بنفسه في عملية شرح مسألة الأراضي والأخطاء التي حصلت بها، كما تهدف العملية نفسها 'لاستعادة' عشرات الملايين من الدولارات والعقارات المنهوبة أو التي حصل عليها كثيرون بصورة غير شرعية حيث بدأت أجهزة التحقيق القضائية بالاستعداد لعقد تسويات مالية موسعة جدا لاستعادة أموال الشعب والخزينة. وقد أبلغت هيئة مكافحة الفساد أنها تعمل رسميا على ملفات استعادة أموال تبلغ مئة مليون دينار على الأقل ضمن الملفات التي تحقق فيها الهيئة. وقال مصدر رسمي مسؤول لـ'القدس العربي' بأن التسويات المالية ستتوسع عبر تخيير الفاسدين وكل من حصلوا على أموال وعقارات بصورة غير شرعية ما بين السجن والمحاكمة أو إعادة ما نهبوه.
وضمن هذا الترتيب أعلن فعليا عن استعادة ما قيمته 12 مليون دينار من رجل الأعمال السجين خالد شاهين حتى يتجنب توجيه الاتهام له في قضية مشروع الديسي حيث حصل الرجل على المبلغ نظير عمولة.
ويتوقع ان تكمل السلطات قريبا أوراق استعادة نحو 100 دونم من الأرض سجلت سابقا باسم جنرال سابق مع نحو 30 دونما باسم آخرين خدموا في مواقع حساسة وفيما تسجن السلطات حاليا عمدة العاصمة الأسبق المهندس عمر المعاني رفع في الكواليس شعار'إعادة المنهوب أو السجن' ضمن تسويات مالية شرعية تدخل في سياق صلاحيات الادعاء التحقيقي.
ويفترض ان تنجز أيضا تسوية مماثلة مع رجل أعمال آخر هو المهندس أكرم أبو حمدان مع استعادة عقارات وعشرات الملايين التي حصل عليها مديرون سابقون لأجهزة أمنية في واحدة من أضخم الحملات الرسمية على الفساد تشهدها المملكة حاليا، وهي حملة تتوسع بعمق وهدوء حاليا بعدما اعترف النظام بحصول أخطاء فادحة في الماضي واعلن تطهير السجلات والمؤسسات حيث تغيرت الأمور عموما وأصبح 'الشارع' الأردني لاعبا أساسيا في المعادلة بعد الربيع العربي.