اسلاميو الاردن يخسرون شركاؤهم السياسيين
تامر الصمادي -تشهد العلاقة بين الحركة الإسلامية وأحزاب المعارضة منذ أشهر؛ أزمة "عميقة" نتيجة خلافات في الرؤى والتوجهات على الصعيد الداخلي والخارجي، الأمر الذي أكدته قيادات داخل اللجنة التنسيقية العليا لتلك الأحزاب.
سياسيون ومراقبون لم يترددوا عند توصيفهم للمشهد الحزبي الراهن، بالقول إن "الخلافات بين الحركة وباقي أحزاب المعارضة وصلت إلى أبعد مدى". سياسي بارز قال إن علاقة الطرفين "على مرجل يغلي".
الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب سارع إلى مهاجمة الإسلاميين عبر تصريحات صحافية أدلى بها أخيراً لإحدى الصحف اليومية.
وقال في تلك التصريحات إن "الخلافات على قضايا تتعلق بالإصلاح السياسي الداخلي، وتفرد الحركة الإسلامية بالحراك، إلى جانب الخلاف على الموقف من الأزمة السورية؛ شكلت في مجملها مرتكزات مبادرة الدعوة لتشكيل ائتلاف جديد يضم الأحزاب القومية واليسارية".
وتضم تنسيقية المعارضة حزب العمل الإسلامي - الذراع السياسية للإخوان المسلمين - وحزبي البعث التقدمي (جناح سوريا) والاشتراكي (جناح العراق)، وأحزاب الشيوعي والشعب الديمقراطي والوحدة الشعبية، وحزب الحركة القومية الذي يتبنى نظرية نظام الرئيس الراحل معمر القذافي في الحكم.
وبحسب مراقبين؛ فإن الانقسام داخل التنسيقية جاء لأول مرة إثر الحسم العسكري الذي نفذته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة عام 2007، الذي أيده الإسلاميون وعارضته بقية الأحزاب.
وتطور الانقسام في مواقف الأحزاب من الانتخابات البرلمانية العام الماضي التي قاطعها حزبا جبهة العمل الإسلامي والوحدة الشعبية.
وأدت ثورات "الربيع العربي" إلى مزيد من الانقسام بين الأحزاب التي تباينت مواقفها من ثورتي ليبيا وسوريا.
وتسببت الثورة السورية بتفاقم الأزمة داخل التنسيقية، إثر تأييد الإسلاميين لها، بينما اعتبرها حزب البعث التقدمي "مؤامرة" على سوريا ونظّم زيارات لدمشق مؤيدة لنظام بشار الأسد.
وتتجسد ملامح الأزمة داخل الأطر الإسلامية فيما يصفه قيادي إسلامي بدعوات القطع مع تلك الأحزاب، التي "يروج لها عدد من نشطاء الإخوان".
ويقول القيادي - الذي فضل عدم الإشارة إليه - إن "قيادات في الحركة الإسلامية يتملكها شعور قوي، بأن تنسيقية المعارضة باتت تشكل عبئاً عليهم، وأن لا مصلحة من استمرار التنسيق معها".
ويعزو قيادي رفيع المستوى في "العمل الإسلامي" الأزمة المذكورة، إلى انخفاض السقوف التي تتبناها أحزاب المعارضة، وتورط بعضها في صفقات حكومية "مشبوهة".
ويجزم هذا القيادي أن أحزاباً منضوية تحت مظلة التنسيقية "لا تمتلك استقلالية قرارها لارتباطها بجهات أمنية".
رئيس الدائرة السياسية في جبهة العمل الإسلامي زكي بني ارشيد؛ يحذر مما أسماها "تجارب سابقة صنعها النظام" في إشارة إلى بعض الأطر التنظيمية التي تشكلت في أكثر من محطة، لمواجهة مشروع الحركة الإسلامية، على حد وصفه.
لكنه في ذات الوقت يتمنى النجاح للإطار الجديد، الذي سيضم خليطاً من القوميين واليساريين. ويقول لـ"السبيل": "نأمل أن يشكل هذا الإطار منبراً قومياً يسارياً، كما تمناه الملك في عدة مناسبات".
وحول الاتهامات الموجهة للإسلاميين المتعلقة بـ"تفردهم في الشارع"، يؤكد بني ارشيد "حرص الحركة الإسلامية على إشراك كل مكونات المجتمع السياسية بالحراك الشعبي".
ويذهب القيادي في الجبهة إلى القول، إن الإسلاميين "لن يفتعلوا معارك جانبية مع أحد، ولن يعلنوا من طرفهم انتهاء التنسيقية".
أما رئيس الدائرة السياسية في جماعة الإخوان المسلمين الدكتور ارحيل الغرايبة؛ فيؤكد سعي الإسلاميين إلى البحث عن نقاط التقاء "تجمع مختلف الأحزاب والقوى السياسية"، مرحباً في ذات الوقت بأي إطار حزبي جديد "يكون قادراً على مواجهة الفساد".
لكنه يرى أن الأجهزة الأمنية جادة في تشتيت المعارضة، متهمها بـ"إحداث خروقات مهمة في جسم التنسيقية".
وكان الغرايبة قال في مقال سابق نشره موقع "الجزيرة نت"، إن الحكومة "استطاعت شق رأس المعارضة المتمثلة باللجنة العليا للتنسيق، وأصبحت معظم الأحزاب تناكف الحركة الإسلامية".
بيد أن الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب، يؤكد ما أسماه إحساساً عاماً داخل التنسيقية، بأن الإسلاميين "يسعون إلى التفرد بآليات العمل، فضلاً عن تبايننا معهم في أشكال العمل الميداني".
ويقول لـ"السبيل": "الإطار الجديد الذي نسعى لإعلانه قريباً، يهدف إلى تعزيز الحراك الشعبي، ولا يعني إعلان حالة العداء مع الإسلاميين".
ولا ينفي ذياب وجود ضغوطات أمنية تمارس على بعض أحزاب المعارضة، معتبراً أن "التدخلات الخارجية تسببت بانخفاض السقف أو ارتفاعه في أكثر من مناسبة".
لكنه ينفي بشكل قاطع أن يكون الإطار الجديد فرض على الأحزاب "بإملاءات خارجية".