"رايتس ووتش" تدعو القاضي الدولي لإنشاء لجنة تحقيق مستقلة بوفاة "العزايزة"‏

اخبار البلد_ دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” القاضي الدولي رئيس الوزراء عون الخصاونة لإجراء تحقيق مستقل ‏في وفاة الشاب نجم الدين أحمد العزايزة ”الزعبي”، (20 عاما) “خلال احتجازه في مقر المخابرات العسكرية ‏في منطقة ضاحية الرشيد في عمان”.‏

 

وأضافت المنظمة في رسالة موجهة لرئيس الوزراء الثلاثاء، أن الخبر المعلن عن التحقيقات الرسمية التي ‏أجريت حتى الآن، أدى إلى زيادة المخاوف بشأن معاملة العزايزة قبل وفاته، بدلا من تهدئتها.‏

 

ونقلت “هيومن رايتس ووتش”عن عدد من أقارب الشاب نجم، روايتهم التي تشير إلى وجود آثار تعذيب على ‏جثته، خلافا للرواية الرسمية المستندة إلى تقارير تشريح الجثة، والتي أفادت بانتحاره خنقا.‏وتساءلت المنظمة الحقوقية عمن يقوم بالتحقيق الجاري، وهل ستكون نتائجه علنية، ولماذا لم يتم تسليم نسخ من ‏التقرير الطبي للأسرة، وهل سيعطى لهم في المستقبل، ومن هم الشهود الذين استجوبهم المحققون، وإن كان من ‏بينهم السوريون، أو الضباط الذين نفذوا الاعتقال.‏

 

هنا نص الرسالة:

 

دولة الرئيس الدكتور عون الخصاونة

 

رئيس الوزراء

 

عمان

 

المملكة الأردنية الهاشمية

 

دولة رئيس الوزراء،

 

تكتب لسيادتكم هيومن رايتس ووتش تدعوكم لإجراء تحقيق مستقل في وفاة نجم الدين أحمد العزايزة  (الزعبي)، ‏‏20 عاما وهو من الرمثا، خلال احتجازه في مقر المخابرات العسكرية في منطقة ضاحية الرشيد في عمان، في ‏‏16 نوفمبر/تشرين الثاني 2011.‏لقد أدى الخبر المُعلن، عن التحقيقات الرسمية التي أجريت حتى الآن، إلى زيادة المخاوف بشأن معاملة العزايزة ‏قبل وفاته، بدلا من تهدئتها. وأجري حتى الآن تشريحان طبيان بعد الوفاة، الأول في 17 نوفمبر/تشرين الثاني، ‏من قبل فريق من الأطباء غير عسكري، شمل وزير الصحة، حسب موقعGerasanews.com، وهو موقع ‏إخباري معروف، والثاني في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، والذي تضمن فردا من أسرة الفقيد، والذي يعمل كطبيب. ‏وخلص التشريحان إلى أن العزايزة توفي “خنقا”.‏

 

وقد تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى سبعة أشخاص يدعون معرفة بعض التفاصيل المتعلقة باحتجاز، ووفاة، ‏والتحقيق في وفاة العزايزة، بمن فيهم والده أحمد، وشقيقه فتحي، وخمسة آخرين من الأقارب ومسؤولين فضلوا ‏عدم الكشف عن أسمائهم.‏

 

حسب العائلة، قاد العزايزة، الذي كان يعمل سائق سيارة ليموزين خاصة، ركاباً سوريين في الرمثا في 14 ‏نوفمبر/تشرين الثاني. وكانت والدته معه عندما تلقى الطلب على هاتفه الخلوي. بعد عدة ساعات، حينما حاولت ‏العائلة الاتصال به، وجدوا أن هاتفه الخلوي مغلق. وأبلغ متحدث مجهول العائلة بعد ذلك بوقت قصير بأن ‏العزايزة محتجز في مقر الاستخبارات العسكرية في منطقة ضاحية الرشيد في عمان.‏

 

وأكدت ذلك اتصالات الأب مع أحد معارفه البعيدة والذي كان يعمل في المخابرات العسكرية. ذهب الأخ، فتحي، ‏إلى مقر الاستخبارات العسكرية في 16 نوفمبر/تشرين الثاني حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر، ولكن حراسا ‏هناك منعوه من رؤية العزايزة، قائلين إنه “كان في لقاء مع المدير”، وفقا لـ فتحي.‏

 

في وقت لاحق من ذلك اليوم، تم استدعاء والده من قبل أحد شيوخ المنطقة، يرافقه مسؤول، وقال له إن ابنه قد ‏انتحر بشنق نفسه بحبل كان مُخيطاً في بطانيته، في مقر الاستخبارات العسكرية.‏

 

وقال شخص ادعى إنه رأى جثة العزايزة حوالي الساعة السابعة صباحا من يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني في ‏مستشفى الأمير حمزة، إن الجسم كان بالفعل في حالة التيبس الرمّي.‏

وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن أنفه كان ملطخا بالدماء وعليه كدمات، وأن الركبتين بهما تآكل، وأنه كانت هناك ‏علامات على الوجنتين. وقال فتحي، الذي سُمح لهم برؤية وجهه شقيقه فقط قبل الدفن أكثر من أسبوع بعد ذلك، ‏إنه كانت هناك بعض العلامات على شكل ثقوب على الأذنين وعلامات على الرقبة والخد والأنف.‏

 

ولم يقدم أي من التقريرين الطبيين للأسرة، التي اضطرت إلى الاعتماد على تقارير إخبارية وتأكيدات شفهية من ‏شيخ المنطقة، ومن مسؤولين في اجتماعاتكم مع العائلة، فيما يتعلق بمضمون التقريرين.‏

 

وقال شخص قرأ التقرير الطبي الثاني لـ هيومن رايتس ووتش إن التقرير خلص إلى أن العزايزة توفي بسبب ‏الاختناق وأن الجثة لا تحمل أية علامات واضحة على التعذيب”. ولاحظ الشخص، مع ذلك، إلى أن التقرير لم ‏يشرح تسلسل معقول للأحداث التي أدت إلى الوفاة عن طريق الخنق.‏

 

ويصف نموذج بعنوان ” تبليغ عن واقعة وفاة” المؤرخ في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، والذي تم تسليمه ‏للأسرة من أجل الحصول على تصريح بالدفن، سبب الوفاة بالاختناق شنقا. وتم ترك مكان “ساعة الوفاة” فارغا. ‏وتتوفر هيومن رايتس ووتش على نسخة من هذا التبليغ.‏

 

وتعتقد أسرة العزايزة أن هناك احتمالا قويا بأن نجم الدين قد تعرض لمعاملة سيئة حين كان رهن الاعتقال وأن ‏آخرين قد قاموا بخنقه. وقالوا إن العزايزة كان في حالة صحية جيدة، بعد أن خضع للتو لفحص طبي طُلب منه ‏من أجل الانضمام لأجهزة أمنية حكومية.‏

 

وقد أبلغت الحكومة الأسرة ووسائل الإعلام أن العزايزة أوقف ثم اعتقل من قبل الاستخبارات العسكرية جنبا إلى ‏جنب مع راكبين سوريين في 14 نوفمبر/تشرين الثاني بالقرب من سحاب، جنوب شرق مدينة عمان، بعد فترة ‏وجيزة من توقفهم هناك وحمل حقائب يدعي المسؤولون أن بها أسلحة.‏

 

ويتولى مكتب المدعي العام المدني لشرق عمان التحقيق في وفاة العزايزة، وفقا لتقارير وسائل الاعلام. (غازي ‏مرايات، “الحديدي: الزعبي توفى شنقا”)، الرأي، 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2011).‏

 

وليس واضحا، مع ذلك، إذا كان لدى المدعي العام المدني سلطة التحقيق مع الاستخبارات العسكرية، وهي فرع ‏من الجيش الأردني. ويعطي قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري رقم 34 لسنة 2006 بوضوح ‏الاختصاص للنيابة العسكرية في “القضايا التي يكون فيها أي من المشتكى عليهم من العسكريين” (المادة 3)، ‏مما يدع بعض شك في أن نظام القضاء العسكري له الاختصاص القضائي في قضية العزايزة.‏

 

حتى الآن، لسنا على علم بأي تحقيق يتم إجراؤه في القضية من قبل المدعي العام العسكري. وحتى لو كان الجيش ‏يجري التحقيق، فإن هيومن رايتس ووتش ستواصل المطالبة بتحقيق مستقل لأن القضاء العسكري في الأردن ‏يفتقر إلى معايير الاستقلال اللازمة: على سبيل المثال، لرئيس هيئة الأركان المشتركة، وهو أعلى ضابط ‏عسكري بعد الملك، سلطة تقرير إحالة القضية على المحكمة (قانون العقوبات العسكرية، المادة 58). بالإضافة ‏إلى ذلك، يخول أيضا قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري رئيس هيئة الأركان المشتركة التصديق على ‏الأحكام ضد أفراد عسكريين قبل أن تنفيذ هذه الأحكام (المادة 13).‏

 

معالي رئيس الوزراء، لقد اجتمعتم مع العائلة مرتين. والتقى الملك عبد الله بوالد وأقارب الفقيد ووعد بإجراء ‏تحقيق شفاف للكشف عن الحقيقة.‏

 

ومع ذلك، تظل هناك أسئلة مهمة لم يتم الجواب عليها:‏

 

•    من يقوم بالتحقيق الجاري، وهل ستكون نتائجه علنية؟

 

•    لماذا لم يتم تسليم نسخ من التقرير الطبي للأسرة، وهل سيعطى لهم في المستقبل؟

 

•    ما هي ساعة الوفاة؟

 

•    من هم الشهود الذين استجوبهم المحققون؟ هل من بينهم السوريين، أو الضباط الذين نفذوا الاعتقال، أو ‏محققين وحراس في الاستخبارات العسكرية؟ إذا كان الأمر كذلك، هل ستُوفر نصوص تصريحاتهم، أو ‏ملخصا لتلك التصريحات؟

 

ينص بروتوكول أسطنبول، وهو “دليل على التحقيق والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو ‏العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة” أقرته الأمم المتحدة والصادر في عام 2004، على أن “الاختناق” ‏يستخدم في بعض الأحيان كوسيلة من وسائل التعذيب، التي “لا يترك عادة علامات [ولكن تنتج عنها] مضاعفات ‏مختلفة مثل وجود نقط دموية صغيرة على الجلد، أو نزيف من الأنف أو الأذن، أو احتقان للوجه” (بروتوكول ‏أسطنبول، الفقرة 214).‏

 

ويُحدد بروتوكول أسطنبول المبادئ التوجيهية للتحقيق في التعذيب وسوء المعاملة من أجل توضيح الحقائق، ‏وتحديد المسؤولية، وتحديد التدابير اللازمة لمنع تكرارها، وتسهيل المقاضاة (بروتوكول أسطنبول، الفقرة 78). ‏ومن بينها أنه يجب على الدولة أن تحقق فورا في المزاعم، ولو لم تكن هناك شكوى رسمية، ويجب أن تكون ‏هيئة التحقيق مستقلة عن الجناة المشتبه فيهم أو الوكالة التي يعملون بها، وأنه يجب الإعلان عن نتائج التحقيق ‏‏(بروتوكول أسطنبول، الفقرة 79). ويجب أن يكون المحققون مؤهلين، ولديهم التسهيلات المالية والتقنية اللازمة، ‏فضلا عن السلطة القانونية لاستدعاء المشتبه بهم والشهود (بروتوكول أسطنبول، الفقرتان 79 و 80). وينبغي ‏أن تكون التقارير الطبية متاحة لممثلي الضحية (بروتوكول أسطنبول، الفقرة 84).‏

 

إن تحقيقا موضوعيا ونزيها لذو أهمية قصوى. إن الخطوات لإنجاز تحقيق خاص تكون ضرورية في الحالات ‏التي “يشتبه فيها أن يكون من الضالعين في التعذيب موظفون عموميون، بما في ذلك احتمال أن تكون أوامر ‏اللجوء إلى التعذيب صادرة من … كبار القادة العسكريين أو في الحالات التي يشتبه فيها في تغاضي هؤلاء عن ‏أفعال التعذيب” (بروتوكول أسطنبول، الفقرة 85). وتشمل بواعث مثل هذه اللجان الخاصة الحالات التي “شوهد ‏فيها آخر مرة دون أن يصاب بأذى مُحتجزا أو معتقلا” و “حاول فيها أشخاص في الدولة أو مُرتبطين بالدولة ‏عرقلة أو تأخير التحقيق في التعذيب” أو “التي يخدم فيها لجنة تحقيق مستقل المصلحة العامة”.‏

 

معالي رئيس الوزراء، نظراً لهذه التساؤلات المُقلقة، بما في ذلك مسألة اختصاص سلطة التحقيق، ونظرا لاهتمام ‏الرأي العام الشديد بالقضية بعد أيام من أعمال الشغب في الرمثا، مسقط رأس العزايزة،  فإن هيومن رايتس ‏ووتش تدعو سيادتكم إلى إنشاء لجنة تحقيق مستقلة، وينبغي  أن يكون من بين أعضائها ممثلين عن المركز ‏الوطني لحقوق الإنسان، وأن تقوم هذه اللجنة بإطلاع أسرة الفقيد وللجمهور على مستجدات التحقيق بشكل منتظم.‏

 

كريستوف ويلكي

باحث أول/ قسم الشرق الأوسط و شمال أفريقيا