الشيخ عماد عفت .. الأزهري الثائر
قدّمت قناة الحياة المصرية برنامجا خاصا عن الشيخ الشهيد عماد عفت الذي استشهد في أحداث مجلس الوزراء يوم الجمعة الفائت بعنوان "الشيخ عماد عفت .. الأزهري الثائر"، تحدث فيه اثنان من زملائه وأحد تلامذته بألم وحسرة تفطر القلوب على فقد شيخ أزهري جليل شارك في الثورة المصرية من بدايتها، وتواجد مع الثائرين في ميدان التحرير دون أن يظهر ولو مرة واحدة في وسائل الإعلام لأنه يؤمن إيمانا لا يرقى إليه شك بأن ما يقوم به هو واجب شرعي وعمل خالص لوجه الله سبحانه وتعالى، لا يريد من ورائه جزاء أو شهرة أو شكورا، وإنما ابتغاء مرضاة الله لتخليص الشعب المصري من الظلم والطغيان والفساد والفجور والحكم بغير ما أنزل الله سبحانه وتعالى.
ذكر المتحدثون في البرنامج أن الشيخ الشهيد كان قد قال لزملائه في الأزهر الشريف قبيل انطلاقه للمشاركة في الثورة أنه يشتم رائحة الجنة قرب ميدان التحرير، وقد نال الشهادة أخيرا عندما اخترقت رصاصات الحقد والغدر والخيانة قلبه العامر بالإيمان، ففاضت روحه وانتقل إلى الرفيق الأعلى بعد أن أدّى رسالته كما ينبغي لمثله أن يفعل في مثل هذه الظروف، وقد شيعته الجماهير المصرية في جنازة مهيبة شارك فيها الآلاف المؤلفة من المواطنين المصريين ورجال الدين والسياسة على اختلافهم. لقد انتقل الشيخ إلى رحمة الله وذهب إلى حيث كان يحب أن يذهب، وبقي السؤال الكبير: من قتل الشيخ؟ ولماذا؟
المرة الوحيدة التي ظهر فيها هذا الرجل إلى العلن قبل وفاته دون أن يظهر شخصيا على الشاشات الصغيرة أو صفحات الجرائد كانت عندما أفتى بعدم جواز ترشيح فلول النظام البائد للانتخابات في مصر، وهي الفتوى التي تناقلتها وسائل الإعلام على نطاق واسع وأحدثت جدلا واسعا في الأوساط المصرية. لقد أطلق الشيخ فتواه الشهيرة ثم عاد واختفى بين الجماهير التي تناضل لتحقيق أهداف الثورة، مؤمنا بأن الثورة لا بد أن تنتصر، وأن الحلم المصري لا بد أن يتحقق، لكن يد الغدر امتدت إليه فاختطفته قبل أن يشهد بأم عينيه انتصار الثورة وتحقيق الحلم.
من المؤكد أن الشيخ الثائر لم يقذف الحجارة على الجيش المصري، ولم يتقدم الصفوف ليحرق مبنى رئاسة الوزراء أو أي مرفق حكومي، وما كان ليقوم بأي فعل يُغضب به وجه الله، ليس مثله من يفعل ذلك، فهو العالم الجليل والرجل الهادئ الحليم المتزن الذي يشهد له أساتذته وزملاؤه وتلامذته وكل من يعرفه بأنه لا يحمل غلا أو حقدا على أحد، وإنما يفيض قلبه بالحب والإيمان، ويلهج لسانه بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب. رحمة الله عليك أيها العالم الجليل، وشُلَّت يد امتد إليك.