هل من العدل أن يقوم جلالة الملك بواجبات غيره؟
هل فكرت يوماً عزيزي القارئ بما تعنيه كلمة ثقة؟ وما هي النتائج المرجوة بعد منحها عند المجتمع؟ اعتقد بان الثقة هي علاقة اعتماد بين طرفان، أبرزهم الطرف المؤتمن عليه، والذي ومن المفترض أن يفي بوعده، والثقة هي رمز وقيمة أخلاقية وإيفاء بالوعود. فعندما وثق الأردنيون بالحكومة من خلال المجلس الذي يمثل الشعب فهذا يعني أننا نضمن عدم الشك في اعتقاد نوايا الشخصية الجيدة مع توقع أكيد بالنوايا الحسنة في المستقبل، وتبنى الثقة على معرفة المرء بالإنسان الآخر، الثقة هي كلمة عن المجهول حيث لا يمكن التحقق منها في الوقت الحالي (الواقع) ولكن من الممكن رؤية نتائجها في المستقبل (المأمول).
كباقي أفراد المجتمع الأردني المهتم برفعة الأردن وعزة مكانته ، والتطلع الى تحقيق عيش كريم لكل مواطن أردني ينظر بعين من الأمل إلى رؤية الأردن لكي تتقدم دوماً تحت ظل راية القيادة الهاشمية الدءوبة فأنني أفترض بالحكومة الحالية أن تبادر وتستمر ويكون العمل من جنس العمل، فكما وثق جلالة الملك حفظه الله والشعب الأردني الكريم من بعده بهذه الحكومة، فأننا نتمنى من الفريق الوزاري الشروع في تحقيق آمال الشعب المتواضعة والمتمثلة بتحقيق المتطلبات الأساسية ، والتي تضمن العيش الكريم للأسرة الأردنية.
أرى بأنه قد حان الأوان وقت الانتقال من مرحلة التنظير إلى مرحلة التطبيق من خلال ترك المكاتب الفخمة والنزول إلى الميدان، والاقتداء بجلالة الملك حفظه الله الذي ومنذ أن تشكلت الحكومة كانت مبادراته كثيرة بالنزول إلى الشارع متلمساً حاجات المواطنين والعمل على حلها، فمنها ما هو إنساني بدرجة امتياز وخير مثال على ذلك عندما أسعف مواطنان أصيبا بحوادث سير متفرقة تصادفت مع مرور موكبه وهذه نادرة من النوادر التي قد تسمع بمثلها في بلد غير الأردن، ومنها ما هو عام يعود بالفائدة الكبيرة على المجتمع كله كالزيارات المفاجئة لمؤسسات الدولة وتفقد سير العمل فيها. أضف إلى ذلك الاهتمام الكبير من قبل جلالته في السياسة الخارجية وما أكسبتنا نحن الأردنيون من ثقة عندما يصير الحديث عن الأردن ومليكها وما يمتلك من الحكمة في القول والعمل فينعكس ذلك علينا بالتقدير والاحترام من قبل الآخر.
برأيي الشخصي، كان يجب أن تأتي المبادرة من قبل أصحاب المعالي بالتفاني والإصرار على النجاح بالعمل. يجب أن تكون المبادرة من خلال عمل أجندة خاصة بالوعود التي قطعها دولة رئيس الوزراء على حكومته على مسامع الأردنيون. إن المرحلة القادمة لا تحتاج إلى الجلوس وراء المكاتب والتواكل أو التأجيل، بل تحتاج إلى تحليل مستمر لمطالب الشعب الأردني والبدء بما هو ضروري وملح مع عدم الإهمال لأي مطلب من المطالب. اعتقد بأنه على كل وزير من الوزراء المبادرة بتنظيم واجباته وعكسها على وزارته، ورسم سياسة واضحة وصالحة تقبل التعديل والتقويم تنظم العمل داخل الوزارة نفسها، وتضمن السلاسة في التنسيق مع باقي الوزارات وأجهزة الدولة المختلفة كم أشار جلالة الملك في إحدى خطاباته عندما وجه الحكومة إلى العمل بالتعاون والتنسيق مع جميع الجهات المعنية لوضع ميثاق أو آلية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، ويكمل جلالته: من خلال التزام كل الأطراف بالقيام بالأدوار والمهام المكلفة بها دون تداخل الصلاحيات أو ازدواجية الأدوار.
وهذا لا يمكن أن يكون إلا من خلال عمل أجندة أشبه ما تكون بخطة ناجعة وأشبه ما تكون بتلك التي يرسمها المدرس الناجح وصاحب البصيرة والتي يضعها بأول السنة الدراسية فتنفعه في السير بالعمل بنظام ودونما تخبط أو استعجال، كما يجب أن يندرج في هذه الخطة المهام التي سوف تنجز والتكلفة المفترضة في حدود المنطق، بالإضافة إلى الزمن أو الوقت المتوقع لإنجازها.
فيا حبذا لو أن الفريق الوزاري يقوم بتجهيز أجندتهم التي سيقومون بالعمل عليها سوا أكانت سنوية أو غير ذلك علماً بان هذا النوع من العمل يطمْئن المواطن ويجعله شريكاً مهماً في صناعة الاستقرار، وأخص بالذكر أولئك الذين يشغلون حقائب خدماتية كالمياه والطاقة والأشغال والبلديات والتعليم والصحة وغيرها من الوزارات التي تصيب حاجات المواطن الأساسية وتقليد جلالة الملك في جميع المواقف الإنسانية منها والتفقدية ثم متابعة الأخطاء المكتشفة حتى يتم التأكد من تصويبها دونما أدنى محاباة أو مغالاة في التكاليف، ففي كل حركة بركة، ومطالبة كل وزير على حده وبشكل عاجل بعرض أجندة وزارته بشفافية واضحة كل الوضوح على مجلس النواب والشعب بآن واحد من خلال بيان كالذي سمعناه منه عندما نال الثقة. عندها وعندها فقط سيكون الانجاز سيد الموقف لكل واحد منهم في تحديد مدى نجاحه أو إخفاقه بالمنصب الموكول إليه.
اللهم احفظ لنا أردننا وطناً ومليكاً وشعباً ملتحماً ملتفاً حول القيادة الهاشمية الحكيمة ...