ماذا بقي من أميركا في منطقتنا؟
أخبار البلد - قلما مّر أسبوع أو شهر خالل العقد الاول من القرن الواحد والعشرين دون زيارة لمسؤول أميريكي كبير للمنطقة العربية، ابتداء من الرئيس الى ما دون ذلك من سلم القيادة، لكننا نشهد في العقد يقوم بزيارات واضحًا في عدد الزيارات والاهتمام الاميركي بالمنطقة، فقلما نشاهد مسؤوًلا رفيعًا الثاني يقوم بزيارات مكوكية بين الدول لحل او تعقيد قضايا المنطقة..
في الماضي كان لكل قضية مبعوثها الخاص اما الان فلا نشهد سوى مبعوث لقطاع جغرافي كامل موكول إليه
أغلب القضايا، ليس هذا فحسب، ففي الماضي كان حجم التبادل التجاري مع الولايات المتحدة في اعلى مستوياته
، فمثًال دول الخليج العربي كانت علاقاتها
ويتربع على المركز الاول أما الان فقد تراجع حجم ذلك التبادل كثيرًا
التجارية مع الولايات المتحدة تحتل المرتبة الاولى أما الان فقد تراجعت إلى مستويات ادنى بكثير عما كانت بينما
قفزت الصين الى المرتبة الاولى وازداد حجم تبادلها التجاري بعشرات الاضعاف مع دول الخليج العربي، وقس على
ذلك بقية الدول العربية.
أما الثقافة الاميركية والتي هيمنت على العقليات خلال عقود طويلة فقد بدأ منافسون جدد يزاحمونها المكان،
صحيح انها ما زالت تقف في صدارة صناعة الذهنيات والقناعات لكن تلك المكانة مرشحة للتراجع بسبب تغّير
صورة الولايات المتحدة بالذات بعد معاركها الدينكوشوتية في المنطقة منذ غزو العراق.
أليس مستغرباً أن تغادر الولايات المتحدة بهذه السهولة بعد كل تلك الحروب؟ ومنافسوها على المنطقة ُكثر
أليس مستغربًا
والصين أولهم وأقواهم، هل تراهن على إسرائيل؟
الدلائل تشير الى ذلك، إذ نلحظ منذ حكم ترامب تركيزًا كبيرًا
على حسم ملف الصراع العربي الاسرائيلي لصالح الاخيرة، مع دفع اميركي للدول العربية للتطبيع معها، اما في
ان النية تتجه لايجاد شراكات أمنية واقتصادية مع دولة الاحتلال تحاول إيجاد تشابك
حكم بايدن فبدا واضحًا
اقتصادي أمني يكون نواة تحالف مستقبلي يحل محل الولايات المتحدة مع وجود إسناد خلفي من قبلها، وقد
وصل الامر أن?
أصبحت إسرائيل هي المنفذ الوحيد لتلك الدول الى قلب الولايات المتحدة والتي بدأت تمارس
عجرفتها وفوقيتها بالذات فيما يتعلق بحقوق الانسان، إذ بعد عقود طويلة من العلاقات والشراكات
الاستراتيجية، يبدو ان هذا الامر بات ُيتخذ حجة لجعل اسرائيل تبدو كمنقذ لتلك الدول من لوبيات السياسة
الاميركية، ويبدو انها نجحت في ذلك فأصبحت أفئدة الدول تهوي إليها في محاولة للخالص من مأزق حقوق
الانسان.
لكن هل ينجح كل ذلك في جعل الولايات المتحدة حاضرة ومؤثرة في مشهد الاقليم، الدلائل تشير إلى عكس
ذلك، فموجة العلاقات مع إسرائيل وجعلها قاعدة الارتكاز لتحالف امني اقتصادي يكون لها فيه اليد الطولى،
سترفضه شعوب المنطقة والقوى الاقليمية والدولية الطامحة لملىء الفراغ الامريكي.
والواضح ان الشركات الاقتصادية ستحدد مستقبل التحالفات الاستراتيجية المقبلة للمنطقة، وبالتالي فإن أهم
منافس للواليات المتحدة سيكون الحاضر الاكبر في مستقبل الاقليم )أعني الصين(، فهل هذا يتطلب عودة
عسكرية أميركية، حتى لو حصل هل تستطيع إعادة عقارب الساعة الى الوراء وقطع يد الصين الاقتصادية عن
المنطقة، اعتقد انه فات قطار هذه اللحظة، وعلى ذلك فإن إعادة إحياء الدور الامريكي من خلال إسرائيل هي
مراهنة فاشلة ولن تصمد طويًلا وما على الولايات المتحدة سوى الذهاب إلى الصين نفسها في محاولة يائسة
للدفاع عن إمبراطوريتها.