حكومة بينت أمام خيارات صعبة بعد عملية القدس

أخبار البلد - 

عملية القدس هي نتاج أبعاد سياسة حافة الهاوية التي تمارسها سلطات الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين واستهدافهم وقتلهم بلا مبرر ونتيجة لاستهداف المسجد ومحاولات التقسيم الزماني والمكاني بفعل تعرض المسجد الأقصى لهجمة غير مسبوقة من قبل المنظمات الصهيونية المتطرفة ، فقد حملت هذه العملية أهميه مكانية لكون مكان تنفيذ العملية يشكل مربع امني محصن ، واستهدفت كنيس يهودي في باحات المسجد الأقصى ، هي رسالة واضحة إلى المستوطنين والمتطرفين من كافة الأصناف والألوان بأن الاعتداء على المقدسات الاسلاميه و العربية سيؤدي إلى مهاجمة الكنس والأماكن المقدسة اليهودية. الفلسطينيون لا يعتدون على مقدسات الأديان الأخرى، لكنهم مستعدون أن ينقلوا الرسالة بوضوح لكل الذين يعتدون على مقدساتهم.


العملية بجرأتها تحمل أبعاد ودلالات استراتجيه ، وقد جاءت ضمن عدد من العمليات الجريئة قام بها الفلسطينيون في الآونة الأخيرة ضد المستوطنين وقوات الاحتلال وخاصة في مدينة القدس، لكن هذه العملية كانت الأكثر جرأة لأنها تمت بأسلحة بدائية.


 تناقلت وسائل الإعلام أن الفلسطينيين استخدما مسدسا آليا، لكن السلاح الأهم كان السلاح الأبيض المتمثل بالسكاكين والبلطات. لقد كانت عملية شجاعة، وتمت فجأة وبدون سابق إنذار.

 

عملية القدس حملت رسالة واضحة إلى المستوطنين والمتطرفين من كافة الأصناف والألوان بأن الاعتداء على المقدسات الاسلاميه العربية سيؤدي إلى مهاجمة الكنس والأماكن المقدسة اليهودية ، ولم تكن هذه ضمن منطق الإرهاب وفق ما يقوله الأميركيون والإسرائيليون ، وإنما كانت من منطلق الدفاع عن الذات، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.

 

الهجمة الاستيطانية غير المسبوقة وسياسة التطهير العرقي والفصل العنصري وتهجير المقدسيين قسرا وبالقوة من بيوتهم على مسمع المجتمع الدولي دون رادع لهذه الممارسات هو استهتار بحقوق الفلسطينيين ، خاصة أن المستوطنون يصولون ويجولون في القدس والمقدسات على هواهم وكأن الشعب الفلسطيني غير موجود، وألحقوا بالناس الإهانات والإذلال، وحرموهم من التجول بحرية على الطرقات الرئيسية التي تربط بين المدن والقرى في الضفة الغربية.

 

لقد تعرض الشعب الفلسطيني إلى أسوأ حالات الإهانة والإذلال من قبل سلطات الاحتلال ومستوطنيه ، وعدوان إسرائيل الأخير على غزه ضمن سلسلة اعتداءات تعد خرق فاضح لقواعد القانون الدولي والاتفاقات الدولية . وأن من حق الشعب الفلسطيني ووفق الاتفاقات الدولية حق مشروعية الدفاع عن النفس وعن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.

 

استمرار الاحتلال يشكل أكبر مبرر للفلسطينيين ليدافعوا عن أنفسهم. وإذا كان من سبب لأعمال العنف التي تتواصل في فلسطين فإنه الاحتلال الإسرائيلي.

 

تخطئ حكومة بينت ولابيد إن هي ظنت أن الاحتلال سيستمر بدون مقاومة من قبل الذين يقع عليهم الاحتلال. فإذا كان لدولة أو جهة أن تلوم، فإن عليها أن تلوم الاحتلال وتقف ضده، وتعمل على إزالته إذا أرادت للاستقرار أن يحل في المنطقة العربية الإسلامية والعالم.

 

تعليق وزير الخارجية الأميركي الذي قال بأن عملية القدس لا تمت إلى الإنسانية بصلة هو دليل تعامل أمريكا بمكيالين ومكافئه للمعتدي على عدوانيته، لم يذكر الاحتلال وجرائمه ضد الإنسانية. وقوله هذا يؤكد المؤكد وهو أن أميركا تنطق كفرا عندما تتحدث في القضية الفلسطينية بسبب انحيازها المطلق إلى إسرائيل، والذي يجعلها طرفا في الصراع لا حَكما.

 

حكومة بينت عليها أن تدرك أن أي خطأ في الحسابات والتقدير يجر المنطقة لدوامه من الصراع الذي لا ينتهي وأن دعوة المتطرفين الذين يطالبون في إمكانية دراسة إعادة نشر تلك البوابات التي تهدف للكشف عن أي أسلحة يحملها الفلسطينيين.

 

وفقا لتصريحات الوزير هندل ، فإن هندل قال للمسئولين الأمنيين الذين تحدث معهم، إن الحكومة الحالية لديها علاقات جيدة مع الأردن ومن الممكن التوصل إلى اتفاقيات حول هذا الموضوع ، وكان هندل خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية، طلب اليوم من الحكومة إعادة نشر البوابات لفحص الفلسطينيين قبل دخولهم للبلدة القديمة ومحيطها.

 

وكما يبدوا أن هندل تناسى أن الأردن هو صاحب الولاية والوصاية على الأماكن ألمقدسه في القدس وأن الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الاردنيه الهاشمية صرح مرارا وتكرارا أن القدس والمقدسات خط أحمر ولا يسمح بتغيير معالم المسجد الأقصى والقدس ، وكانت إسرائيل نصبت عام 2017 هذه البوابات، ما أحدث «ثورة جماهيرية» فلسطينية رافضة لها، قبل أن تتراجع الحكومة الإسرائيلية آنذاك عن تلك الخطوة وترضخ لمطالب المقدسيين بدعم من الأردن.

 

تدرك إسرائيل أن عملية القدس ومجمل العمليات هي رد طبيعي على ممارسات الاحتلال وعدوانيه ، وإذا كان لها أن ترفع مستوى الإجراءات القمعية ضد الشعب الفلسطيني فإن آثار ذلك سترتد على الإسرائيليين، أي أن إسرائيل في ورطة كيفما فكرت وعملت، فلهذه العمليات مردود على معنويات الإسرائيليين، ومن شأنها أن تعزز قناعة تبلورت لدى الإسرائيليين بأن إسرائيل آخر مكان آمن بالنسبة لليهود.

 

لقد صورت إسرائيل نفسها دائما أنها واحة الأمن التي يجد فيها اليهود أمنهم وراحتهم واسترخاءهم، لكن توالي الحروب وعمليات المقاومة أخذ يقنع الإسرائيليين بأن إسرائيل آخر بقعة في الأرض يمكن أن توفر الأمن للإسرائيليين. ولهذا فان العديد من الإسرائيليين بدئوا يدركون أن وجودهم في فلسطين يحفه المخاطر وأخذوا يفكرون بالرحيل عن فلسطين، وبعضهم -وخاصة من الميسورين ماديا- قد رحلوا فعلا.

 والنتيجة أن من يلعب دور الضعيف خاسر أبدا وأن ممارسات الاحتلال تدفع نحو تصعيد المقاومة وهذا يتطلب من حكومة الاحتلال مراجعة سياستها وضرورة الاعتراف بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وإنهاء احتلالها لفلسطين والقدس.