خيارات واشنطن عند فشل المحادثات مع إيران

أخبار البلد ـ لا يختلف اثنان أن آخر ما تريده أميركا وإدارة جو بايدن هو مواجهة عسكرية مع إيران لوقف برنامجها النووي. إنما مع التعطيل والعقبات في المفاوضات قيد الاستئناف في فيينا في 19 الجاري، هناك تشاؤم أميركي وغربي عموما من اختراق ديبلوماسي.

التشاؤم مرده اليوم تجاوزات إيران الضخمة في خرق الاتفاق النووي الموقع في 2015، من مضاعفة مستوى التخصيب إلى عرقلة مهام مفتشي وكالة الطاقة الذرية وعدم وضوح استراتيجية المتشددين وإبراهيم رئيسي، ومن صاحب القرار في الفريق التفاوضي. فضلا عن ذلك يرفض الفريق الجديد الالتزام بما وافق عليه حسن روحاني وجواد ظريف، مما يجعل أفق رفع العقوبات والعودة إلى الاتفاق أكثر انسدادا.

إيران أيضا تتردد في توقيع اتفاق مع إدارة بايدن كما فعلت مع إدارة باراك أوباما في 2015، لترى دونالد ترامب يفوز بالرئاسة بعد عام ويمزق الاتفاق النووي. اليوم شعبية بايدن هي في أدنى مستوياتها، وما من ضامن بأن ترامب لن يترشح في 2024 ويعيد الكرة. ومن دوم مصادقة الكونغرس على اتفاق خارجي، يضع التغيير في البيت الأبيض فرص أي اتفاق في مهب الريح.

هناك الانقسامات داخل الفريق الدولي الذي يفاوض إيران أي ممثلي الدول الخمس زائد واحد. ففي حين تسعى واشنطن وحلفائها الأوروبيون إلى زيادة الضغوط على إيران، لاتزال الصين تشتري النفط الإيراني وتمد شريان حياة للنظام، ما يجعله أقل رغبة بالتنازل حول طاولة فيينا. هناك روسيا أيضا التي تفاوض حول مصالحها مع الغرب قبل النقاش في إنعاش الاتفاق النووي.

أميركيا، تتراكم الضغوط على إدارة بايدن بين الأعباء الاقتصادية وتضخم في الأسعار هو الأعلى منذ 1990، وتتراجع شعبية الرئيس والديمقراطيين قبل أقل من عام على الانتخابات النصفية. أي تنازل سيقدمه بايدن لإيران يجب أن يلاقي المناخ الأميركي العام، الذي يرى اليوم في الانسحاب من أفغانستان مؤشر ضعف وتململ في القوة الأميركية. إدارة بايدن لا تريد الانغماس في وحول الشرق الأوسط، سواء كانت إيران أو سوريا أو العراق أو اليمن، ووزير الدفاع لويد أستن يصل المنطقة اليوم في محادثات لإعادة تصويب الوجود الأميركي في المنطقة، وترسيخ أولويات احتواء الصين قبل إيران من باب القواعد في الخليج.

هذا كله يقلص فرص الاختراق الديبلوماسي مع إيران في الجولة المرتقبة في فيينا، ويفتح الباب على سلسلة خيارات أهمها:

1- إقناع واشنطن والأوروبيين للصين بتبني مسار تصعيدي ضد إيران لتغيير نهجها في المفاوضات. هذا يشمل العقوبات الاقتصادية وكبح بكين لتعاملاتها النفطية مع إيران. قمة بايدن مع الرئيس الصيني شي جينغبينغ تمحورت حول تعاون في هذا الشأن إلى جانب رص تحالف آسيوي مع اليابان والهند لموازنة سعر النفط العالمي بعد تعنت أوبك.

نجاح هذا الخيار ورص تعاون صيني-أميركي سيزيد من دون شك الضغوط على إيران وعلى السعودية وروسيا، في الخلاف حول أسعار النفط.

2- توقيع اتفاق تمهيدي يخفض مستوى التخصيب ويرفع عقوبات محددة عن إيران من دون العودة الكاملة للاتفاق النووي. هكذا مقايضة نقلها موقع "أكسيوس" هذا الأسبوع ومقترحها مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سليفان. المشكلة فيها أنها لا تحل مسألة التفتيش ولا تؤخر الساعة النووية بالكثير كما تعارضها إسرائيل وهي نقلت موقفها للبيت الأبيض.

3- تصعيد وترك الكرة في ملعب إسرائيل: هذا يعني أن الفشل في فيينا سيضع عجلة المواجهة على نار ساخنة، ويزيد من احتمالات الضربات أو الهجمات السرية وأعمال القرصنة الإسرائيلية ضد البرنامج الإيراني.
على وقع هذا التوتر وتضاؤل فرص نجاح المفاوضات مع إيران، تتحرك الدول الإقليمية لمد جسور مع طهران ليس محبة بسياستها بل لحماية وتحصين موقع هذه الدول وأمنها في حال وقعت المواجهة مع إيران، سواء اقتصاديا أو إسرائيليا.