فرص نجل القذافي في خوض السباق إلى مقعد أبيه
اخبار البلد -
يترقب متابعون للمشهد الليبي، قرار مفوضية الانتخابات، بشأن ملف ترشح سيف الإسلام القذافي، للانتخابات الرئاسية، المقررة نهاية العام.
ويسود جدل كبير بخصوص ترشح نجل معمر القذافي، الدكتاتور الذي حكم ليبيا لأكثر من أربعة عقود، خصوصا وأنه كان يعتبر ذراع أبيه اليمنى، و"خليفته" المرتقب، قبل أن تسقط الثورة الشعبية حكم القذافي في 2011.
وقوبل خبر ترشح سيف الإسلام، بامتعاض كبير داخل ليبيا وخارجها، خصوصا وأن ثمة مذكرة توقيف دولية صادرة بحقه.
وتظاهر مئات الليبيين في العاصمة طرابلس ومصراتة غربي البلاد، الجمعة، للتنديد بترشح سيف الإسلام وكذلك المشير خليفة حفتر، للانتخابات الرئاسية.
والخميس، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، للحرة، إن "الولايات المتحدة لا تتخذ موقفا من الأفراد المرشحين، وأن الليبيين أنفسهم سيحددون من يجب أن يلعب دورا في مستقبل البلاد".
لكن المتحدث الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، كشف أن واشنطن تشارك كثيرا من الليبيين مخاوفهم من أن يصبح مرشح متورط في جرائم ضد الإنسانية رئيسا لهم.
وحول فرص القذافي في العودة المشهد السياسي الليبي، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، نبيل ميخائيل، إن المجتمع الدولي لن يقبل بترشح سيف الإسلام القذافي، وخص بالذكر الولايات المتحدة.
وأضاف ميخائيل لموقع "الحرة" إن "عودة" القذافي إلى المشهد الليبي، تعتبره واشنطن كعودة طالبان للحكم في أفغانستان، وعليه "لن ترضى بعودته، لأن ذلك سيشكل فشلا لمحاولات التغيير في ليبيا".
وتابع ميخائيل أن فرص قبول ترشح نجل القذافي، في ظل الرفض الدولي، قليلة، لافتا إلى ورود فكرة القبول المبدئي، شريطة إحالته على إجراء قانوني، يجبره على المثول أمام القضاء للإجابة على التهم الموجه إليه.
ويرجح ميخائيل أن يكون هناك إجراء قانوني لاستبعاد القذافي الابن، لو ثبتت في حقه الاتهامات الجنائية التي تلاحقه.
والأحد، نقلت قناة "ليبيا الأحرار" عن المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية، فادي العبدالله قوله إن مذكرة الاعتقال بحق سيف الإسلام لا تزال سارية المفعول، وذلك غداة تداول صور تقديم ملف ترشحه لانتخابات الرئاسة.
من جانبه، لفت الأستاذ في معهد الشرق الأوسط، في واشنطن، حسن منيمنة، إلى أنه لا يمكن التكهن بموقف نهائي لواشنطن حيال مسألة ترشح ابن القذافي.
وأضاف في اتصال مع موقع "الحرة" أن قبول الهيئة المكلفة بالانتخابات الليبية لترشحه قد يكون محرجا للولايات المتحدة، بينما لا يزال متابعا بمذكرة توقيف دولية.
ويخشى المجتمع الدولي، من عودة ليبيا إلى عهدها السابق في حال قبول ترشح سيف الإسلام، لو "نجح بشكل ما" في الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر المقبل.
وضع قانوني معقد
على الرغم من إعلان مفوضية الانتخابات في ليبيا استكمال سيف الإسلام "المسوغات القانونية" لعملية تقديم ترشيحه رسميا، يظل الوضع القانوني لنجل القذافي، المحكوم عليه غيابيا بالإعدام في ليبيا، والمطلوب من القضاء الدولي، محل جدل.
وقبضت مجموعة مسلحة نهاية العام 2011 على نجل القذافي، ونقل إلى مدينة الزنتان في غرب البلاد، وقُدّم للمحاكمة أمام القضاء الليبي.
وفي عام 2015، صدر حكم بـ"الإعدام" رميا بالرصاص في حقه، لتورطه بارتكاب جرائم حرب، خلال عملية قمع الانتفاضة التي أطاحت بنظام والده معمر القذافي، لكن الحكم لم ينفذ.
وفي 2017، أعلنت المجموعة المسلحة التي كان محتجزا لديها إطلاق سراحه وفقا لقانون "العفو العام" المثير للجدل، الذي أصدره وقتها، البرلمان الليبي.
وإطلاق سراح سيف الإسلام، لم يخضع لإجراءات قضائية وفق قانون العفو العام، إذ لم تصدر وزارة العدل أو المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية في ليبيا) أي قرارات رسمية ترفع عن سيف الإسلام الأحكام الصادرة بحقه.
ولا تزال مذكرة "التوقيف" الدولية الصادرة بحقه "سارية" حتى الآن.
مصير ملف الترشح
تداول ناشطون ليبيون الاثنين، ما قالوا إنه قرار لمفوضية الانتخابات، كانت نشرته على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن تحذفه.
ونشرت المفوضية، وفق وسائل إعلام ليبية، بيانا برفض ملف ترشح سيف الإسلام، ثم سرعان ما سحبت المنشور.
وجاء في البيان المقتضب: أمام ما تشهده المفوضية من زعزعة للاستقرار وإغلاق للمكاتب في الوقت الحالي، بسبب ترشح المدعو سيف الإسلام القذافي، قررت المفوضية رفض ترشح سيف الإسلام القذافي للانتخابات الرئاسية القادمة".
ورقة روسية؟
المحلل الليبي، عبد الله كبير، قال إن على سيف الإسلام القذافي أن يمثل أولا أمام المحكمة، ليسقط الحكم الغيابي المنطوق في حقه، وتعاد محاكمته مجددا.
وفي حديث لموقع "الحرة" لفت كبير إلى أن سيف الإسلام لا يزال محل أمر دولي بالقبض عليه، وذلك قد "يكون عائقا أمام قبول ملف ترشحه".
أما عن عودته للساحة السياسية، بعد غياب طويل عن المشهد الليبي، فيرى كبير أن لها علاقة بالصراع الدولي حول ليبيا، ويتابع: "بينما تريد الدول الغربية محاصرة الوجود الروسي في ليبيا، تريد الأخيرة فرض نفسها عن طريق ترشيح سيف الإسلام".
ويضيف أن "ترشح نجل القذافي ورقة روسية" تريد من خلالها موسكو فرض أجندتها.
ويرى كبير أن موسكو وبعد أن دفعت بسيف الإسلام القذافي، ستشترط، عدم ترشح رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، كي "تسحب ورقتها".
وقال إن قبول مفوضية الانتخابات لملف القذافي، سيهدد العملية الانتخابية برمتها، مذكرا أن المفوضية قبلت أوراق ترشحه فقط، ولم يحسم بعد في أمر ترشحه.
ورجح الرجل أن يخلط دخول الدبيبة للسباق الانتخابي الأوراق، في ليبيا، حيث أن الأطراف الدولية التي تقف وراء نجل القذافي (روسيا وحلفاؤها)، مستعدة لقبول أقصائه مقابل عدم ترشح الدبيبة، "لكن الأخير سيعلن ترشحه السبت أو الأحد المقبلين"، وفق قوله.
سيف الإسلام، نجل الزعيم القذافي
مرتديا جلباب أبيه ..القذافي الابن هل يعود ليحكم ليبيا؟
"هل يتصالح الليبيون مع رئيس قتلوا والده بشكل مُهين، وقطعوا أصابع من يُريد حكمهم لأنه لوح بها مُهددا؟"
ويرى كبير أنه إذا حصلت المفوضية على إذن من النائب العام بعدم قبول أوراق سيف لأنه مطلوب للقضاء، سيحتج أنصاره ويطالبون بإقصاء المشير خليفة حفتر أيضا "المطلوب دوليا هو الآخر، وموقفه شبيه بموقف سيف الإسلام"، على حد قوله.
كبير قال تعليقا على هذا الاحتمال: "إذا تم قبول ترشح سيف الإسلام وحفتر سيتم تخريب العملية الانتخابية بالكامل".
والخميس، أحالت مفوضية الانتخابات قائمة باسم 10 مرشحين لانتخابات الرئاسة، إلى كل من النائب العام، وجهاز المباحث الجنائية، والإدارة العامة للجوازات والجنسية.
وقالت المفوضية إن ذلك يأتي "عملا بالقانون رقم (1) لسنة 2021 بشأن انتخاب رئيس الدولة وتحديد صلاحياته، وتعديلاته، الذي يشترط على المترشح ألا يكون محكوما عليه نهائيا في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة".
ولم يرد المتحدث باسم حكومة الوحدة الوطنية الليبية، محمد حمودة، على طلبات موقع "الحرة" للتعليق على ترشح سيف الإسلام.
موقف الحقوقيين
لم يبد مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، في ليبيا، أحمد حمزة، اعتراضا على ترشح نجل القذافي، وقال في حديث لموقع "الحرة" إن من حق أي مواطن ليبي، تنطبق عليه اللوائح الخاصة بحق الترشح المنصوص عليها في قانون انتخاب الرئيس، أن يترشح.
وفي ما يتعلق بالتحفظات القانونية والقضائية المدرجة في حقه، فيرى حمزة أن النائب العام الليبي، هو من يفصل فيها، من خلال فرز ملفات المرشحين سواء كان سيف القذافي أو غيره.
وأكد أن القضاء "هو صاحب الاختصاص والولاية القضائية الأساسية وكل من يثبت أنه متورط في جرم أو مطلوب للسلطات القضائية الليبية فبكل تأكيد سيتم استباعده".
وغرقت ليبيا في الفوضى بعد ثورة 2011، وتسعى حاليا إلى تجاوز هذا الفصل بعد حوار سياسي أطلق في نوفمبر 2020 بين الأطراف الليبية في سويسرا برعاية الأمم المتحدة، أدى إلى وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية تشرف على الانتخابات الرئاسية في ديسمبر، تليها برلمانية في يناير من العام المقبل.