يا بخت من كان النرويجي خاله!

اخبار البلد - 
 

حين أقرأ خبرا يتعلق باستقالة مسؤول في العالم، بسبب يبدو بالنسبة لنا في الوطن العربي تافها ولا يستدعي حتى الاعتذار، أكاد اختنق من الغيظ، ويراودني شعور بأنهم يتعمدون تعذيبنا وإحباطنا بمثل هذه الاستقالات ودفعنا إلى الانزواء جانبا والوقوع في براثن الاكتئاب المزمن.
دعونا نقرأ الخبر التالي: رئيسة البرلمان النرويجي إيفا كريستين هانسن استقالت من منصبها بشأن شقة تحتفظ بها في العاصمة أوسلو، وأنها ربما تشغل شقة تابعة للبرلمان في أوسلو، بطريقة غير نزيهة.
هانسن قالت إنها تعتقد أنه من غير المقبول بالنسبة للبرلمان أن يكون له رئيس يخضع للتحقيقات من قبل الشرطة.
طبعا هانسن قالت إنها أساءت فهم القواعد، وهو أمر ربما سقط فيه ساسة آخرون مثل وزير شؤون الأفراد والأسرة الذي استقال لأنه لا يزال مسجلا مع والديه، في حين أنه كان يعيش مع أسرته في أوسلو.
المدعي العام في النرويج أعلن إجراء تحقيقات مع 6 من أعضاء البرلمان في مثل هذه القضايا. وتعتقد هانسن أنها ضمن الساسة المعنيين بهذه التحقيقات.
تخيلوا استقالت لأنها تعتقد أنها ربما تكون قيد التحقيق!!!!!!!!!!
لم يختلسوا ولم ينهبوا ولم يستثمروا المال العام ولم يُعينوا أقاربهم وأبناءهم، ولم يشتروا أصوات الناخبين، وإنما استخدموا شقة رسمية أثناء عملهم الرسمي دون وجه حق.
في الوطن العربي لا يعرف المسؤول ماذا تعني الاستقالة بسبب التقصير في أداء العمل، فهو لم يجربها!! هو يبقى في منصبه إلى حين إقالته رغما عنها، وغالبا لا يتهم بالتقصير بل يثنى عليه وعلى دوره في خدمة الوطن والمواطن.
لا عزاء لنا في الأطفال الذين استشهدوا بسبب عدم توفر أسرة أو علاج لهم في المستشفيات، ولا عزاء للسدود التي جفت و"نشفت"، ولا عزاء للمواطن الذي يواجه كابوس كورونا وهو يطارد من قبل مطربين أكل الدهر عليهم وشرب، ولا عزاء للعاملات في المصانع.
قضية واحدة من هذه كانت كفيلة بإسقاط حكومة بأكملها وليس وزيرا، لكن كما يقال "يا بخت من كان النرويجي خاله"، والسويدي والدنماركي جوز عمته.