قناة الجزيرة : كلمة حق يراد بها باطل ""
منذ الانطلاقة الأولى لقناة الجزيرة الفضائية كحالة غير مسبوقة في فــضاء الإعـــــلام العربي و هي تشكل قضية خلافية بين المثقفين و الإعلاميين العرب و المهتمين بهذا الشأن الأمر الذي جعلها على قائمة الدارسين و الباحثين بقضايا الإعلام العربي لما تركته من اثر على الساحة الإعلامية العربية سلبياً كان ذلك الأثر أم ايجابياً.
و مع علمنا بتعطش المواطن العربي للإعلام الحر البناء الهادف و المعني بإيصال الحقيقة للمتلقي فانه من نافلة القول أن الجزيرة قد لعبت دوراً ريادياً في رفع ســــقف الإعلام العربي و الابتعاد عن النهج الذي اختطه الإعلام الرسمي العربي طوال العقود الماضية و مع ذلك فإن تجربة قناة الجزيرة توحي بان وراء الأكمة ما وراءها.
فالـمتتبع لمسيرة هذه القناة يلاحظ أن ولادتها قد جـــــــاءت بعد أشـــــهر قلـــيلة من الانقلاب الأبيض الشهير لأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على والده الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني عام 1995و الكل يعلم مدى التغيير الذي طرأ على السياسة الخارجية القطرية منذ هذا التاريخ و الربط بين الأمرين ليس من الباب الصدفة أو لزوم ما لا يلزم.
و قد جــــــاءت انطلاقة الــــقناة بإمكانيات ضخمة سواء على مستوى الإمــــكانيات الــــمادية أو حـــــتى على مــستوى الكوادر و الخبرات البشرية التي استقطبتها لا سيـــما العاملين في هـــيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وهي أسماء يمتلك البعض منها من الخبرة ما يزيد على ربع قرن فلماذ لم تضخ هذه الإمكانيات في الفضائية القطرية و هي التلفزيون الوطني لدولة قطر الشقيقة؟؟؟؟ سؤال برسم الإجابة.
و لقد عمدت هذه القناة منذ انطلاقتها إلى خلق جو من التوتر و الشك و الريبة بين الدول العربية الشقيقة عبر المزج بين الغث و السمين و دس السم في الدسم و فتح ملفات حساسة بين هذه الدول فتناولت الـــخلافات البـينية العربية العربية و نكــأت جراحا قديمة يراد لها أن تلتئم فتناولت الـــــعلاقات الليبية السعوديـة و السورية العراقية و الـــلبنانية الــفلسطينية و الأردنية الفلسطينية و الجزائرية المغربية و غيرها الكثير من الملفـــــات الــــــتي كان يجب السكوت عنها أو تجاوز طرحها لرأب الصدع أحيانا و لعدم إثارة النعرات و القلاقل أحيانا أخرى بما يخدم المصلحة العربية العليا فكانت الجزيرة بمثابة الخنجر المغروس بخاصرة النظام الإقليمي العربي الذي يمتلك الاستعداد النفسي أصلا للتناحر و الخلاف لا الاختلاف.
و رغم إننا ندعو إلى إعلام حر سقفه السماء و نعارض كل داع إلى تكميم الأفواه و الحد من حرية الإعلام إلا إن المتابع بعين ثاقبة لا يجد كثير عناء في الوصول إلى حقيقة أن الجزيرة تقوم بأعمال مشبوهة باسم حرية الإعلام لان الحرية المطلوبة مقرونة بالمسؤولية فالإعلام المسؤول هو الذي يساهم بالبناء لا الهدم و جسر الهوة لا تعميق الجراح و ما قامت به قناة الجزيرة خلال الخمس عشرة سنة الماضية لا يتفق مع ما يسمى بحرية الإعلام و قد اتضح ذلك خلال الأشهر الأخيرة فيما اصطلح على تسميته بالربيع العربي.
و حتى لا يفهم البعض إننا نعارض حرية الرأي وحق الشعوب في تقرير المصير و التعبير عن رأيها أو حتى حق الشعوب بانتزاع حريتها وإعادة كرامتها التي امتهنتها الأنظمة الشمولية و السلطوية القمعية كما تابعنا في تونس و مصر و ليبيا التي نجحت بالتخلص من حكام عاثوا فسادا في بلادهم أو في اليمن التي تتجه نحو التغيير أو في سوريا التي لا زالت تراوح بين الثورة و اللا ثورة إلا أننا نجد ما تقوم به الجزيرة من تحريض للشعوب عبر بث وجهة نظر أحادية الجانب و قمع كل من يخالف توجهاتها يتنافى مع كل المبادئ و المواثيق التي تحكم العمل الإعلامي فمذيعوا الجزيرة و الشواهد كثيرة يقاطعون ويقمعون كل المحللين المخالفين لتوجهات القناة و سياستها في النيل من استقرار هذا البلد أو ذاك و تكون المفاجأة عندما يقوم مذيع النشرة أو مقدم البرنامج بمقاطعة الضيف إذا كانت اراؤه تعاكس رغبات القناة و توجهاتها الداعمة للثورات و الربيع العربي ثم يبدأ بالحديث بشكل متواصل منهيا حديثه بشكر الضيف نظرا لضيق الوقت فأين الرأي و الرأي الآخر ؟؟؟ يا من ترفعون شعار الرأي و الرأي الآخر.
ثم بماذا نفسر الاستقالات المتتالية لعدد من كبار مذيعي و موظفي القناة عبر مسيرتها رغم الامتيازات المادية التي تقدمها لكوادرها ؟؟؟و لماذا سكتت القناة عما جرى في الشقيقة قطر قبل أشهر قليلة من حراك شعبي و لماذا لم تضخم الأمور هناك ؟؟؟هل لان قطر حاضنة لهذه القناة؟؟؟ أم لان حكام قطر هم من يقودون مشروع الربيع العربي ؟؟؟؟لا بل أن الدور الرسمي القطري مما يحدث على الساحة العربية يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن للجزيرة أجندات خاصة تنفذها و دوراً سياسياً لا إعلاميا تلعبه و أن ما تقوم به من دعم للثورات ما .هو إلا " كلمة حق أريد بها باطل "
مخلد عواد البكر -
m_albaker75@hotmail.com