قادت حركة فكرية خلال 20 عاما.. مكتبة مصرية شاهدة على تغير الأزمان

أخبار البلد-في وسط أحد الشوارع الرئيسية الصاخبة في حي الزمالك بالعاصمة المصرية، القاهرة، تقدم إحدى المكتبات فترة من الهدوء والثقافة لزوارها تزينها نكهة القهوة وفناجينها. 

وبقيت مكتبة "ديوان"، صامدة بعد 20 عاما، "رغم الصعاب، مقدمة نكهة فريدة وجلسة مريحة وسط فوضى زحام ومزامير سيارات الأجرة، ومكافحة تغير الأزمان مع الثورة والانقلاب العسكري وقمع حرية التعبير، والانكماش الاقتصادي"، وفقا لتقرير نشرته "واشنطن بوست".

ترى رئيسة مكتب الصحيفة، سيوبان أوغاردي، أن "مفهوم إنشاء مكتبة مثل هذه كان يعتبر شذوذا في القاهرة عندما تم افتتاحها في عام 2002، حتى أن البعض حذر مؤسسيها من أن مشروعهم محكوم عليه بالفشل في ظل البيروقراطية المصرية ومعدلات معرفة القراء والكتابة المنخفضة نسبيا والقوة الشرائية التي تجعل مجموعة صغيرة تستطيع تحمل تكلفة الكتب". 

في ذلك الوقت، كانت المكتبات مملوكة في العادة إما لدور النشر أو للحكومة، كما تروي نادية واصف، المؤسسة المشاركة للمكتبة، حيث تقول في مذكراتها، التي صدرت الشهر الماضي، إن "كتب دور النشر كانت غالبا ما تكون مليئة بالعناوين والكتب القديمة". 

حلمت واصف وشقيقتها هند وصديقتهما نهال شوقي، بنوع مختلف المكتبات تكون متعددة اللغات تسمح للقراء بتصفح أعمال مؤلفين مصريين أسطوريين، مثل نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل، وأيضا مجموعة واسعة من الأصوات الناشئة من جميع أنحاء العالم العربي، وكذلك من الولايات المتحدة وأوروبا. 

كانت تهدف واصف وشريكاتها أيضا إلى إنشاء مكان تشعر فيه النساء بالأمان من التحرش الجنسي الذي يتعرضن له غالبا في شوارع القاهرة، ومتجر لا يبيع الكتب فحسب، بل يعمل على الارتقاء بالمجتمع. 

سريعا ما استغلت ثلاثتهن الفكرة في ظل فترة كانت تشهد فيه القاهرة زخما إبداعيا، مؤمنات بأن المكتبة يمكن أن تسد فجوة واضحة، فدخلن بالفعل في شراكة مع صديقهم زياد بهاء الدين وزوج شوقي آنذاك، علي الدسوقي. 

بدأ المشروع في الزمالك، وهو حي يسكنه أبناء الطبقة العليا إلى حد كبير على جزيرة في النيل، واستوحوا تصميمهم من مكتبات عالمية مثل شكسبير وشركاه في باريس وريزولي في نيويورك، حيث عرضوا كتبا باللغة الإنكليزية من جهة والعربية من جهة أخرى، رافقه إنشاء مقهى مريح في المنتصف يدعو العملاء إلى البقاء للقراءة أو الدردشة.

وسريعا ما أدرك بعض سكان القاهرة، أن المكتبة كانت مثل فقرة حاسمة مفقودة من نص أدبي رفيع. 

واستضافت "ديوان" حفلات إطلاق الكتب والتوقيع عليها، وهي أحداث كانت حتى ذلك الحين نادرة الحدوث في مصر، ما أدى إلى زيادة شهرة المكتبة والتوافد على المتجر لشراء الروايات وكتب التطوير الذاتي والشعر وحتى كتب الطبخ وغيرها. 

وبعد 9 سنوات، اندلعت ثورة 25 يناير، مطلقة معها ثورة فكرية وكتّابا جدد، لكن انقلب الجيش على حكم الإخوان المسلمين في منتصف 2013، فتخلى الكثير عن أحلامهم الثورية بعد حملة قمعية قادها النظام، بحسب الصحيفة. 

ووسط هذه الاضطرابات، كان مؤسسو "ديوان" يخشون مما سيأتي به المستقبل، فاختارت واصف وشقيقتها مغادرة البلاد. 

حصلت هند على شهادة بمجال الطهي في لندن، وانتقلت واصف إلى دبي قبل أن تلتحق بشقيقتها في إنكلترا.

لكن شوقي بقي في مصر، وبعد أن أخذ إجازة من مكتبة "ديوان"، انضم في النهاية إلى موظفين سابقين في المكتبة لتشكيل فريق جديد لإدارة المتاجر.

وتواصل مكتبة "ديوان" التكيف مع العصر، بعد أن افتتحت تسعة فروع في مصر، بما في ذلك موقعها الرئيسي في الزمالك، كما أن هناك شاحنتان للكتب، ومتجر موسمي واحد على الساحل، ولا تزال رفوفها تحمل ألمع الأسماء، ومقاهيها تستضيف مجموعات من الأصدقاء والجيران، وتجتذب الحشود لإطلاق الكتب والتوقيع عليها.