نظرة جادة في نظام التعليم الثانوي
يعد التعليم الثانوي في الأردن أكثر المراحل أهمية من حيث فلسفته الواضحة التي تحدد الغاية منه وتقيم كفاءته ومدى ملائمته لمتطلبات العصر الذي نعيشه , وخاصة أننا نعيش عصر الثورة التكنولوجية والتنمية الثقافية والاقتصاد الحر والنهج الديمقراطي .
فالثانوية العامة في الأردن هي أحد الحدود المهمة لنظام التعليم العام , إذ تعتبر بوابة النظام التي تخرج منها مخرجات التعليم العام إلى سوق العمل والجامعات على حدٍ سواء, لذلك فإن التعليم الثانوي يلقى اهتمامًا خاصًا ونوعيًا من وزارة التربية والتعليم, حيث تعمل على مراجعته وتطويره حتى يكون متوافقا مع السياسات التنموية والاجتماعية والاقتصادية، فلقد مر التعليم الثانوي في الأردن بمراحل تطويرية، ولكن رغم ذلك ما زالت النظرة العامة للتربويين تؤكد أن مخرجات التعليم العام ما زالت بحاجة إلى مستوى أفضل ، وعلى ذلك فنحن بحاجة إلى تحليل نظام التعليم الثانوي للتعرف على واقعه الحقيقي من خلال معرفة مكوناته ومدى تفاعل بعضها مع بعض وتفاعلها مع بيئتها الخارجية ، وكذلك مدى ملائمة مدخلاته ، وأسلوب الإدارة فيه ومدى مناسبته لتحقيق الأهداف. بمعنى أن الوقوف على جميع مكونات نظامنا التعليمي والتعرف على مستوى أدائه وتفاعله مع بقية المكوناته وبيئته الخارجية ومدى إسهامه بشكل مباشر في حل مشاكل النظام وتطويره. أصبح حاجة ملحة وضرورة مهمة يجب أن لا نغفلها .
إلا أننا حين نتحدث عن هذا الموضوع لا بدنا لنا أن نكون أكثر واقعية فتطبيق نظام التعليم الثانوي في الأردن لا يزال على صورة تحتاج إلى مراجعة وان تبنت وزارة التربية والتعليم فلسفات وسياسات حديثة في هذا الصدد إلا أن التعليم القائم داخل الغرف الصفية ما زال يعتمد إلى حد كبير على الأساليب التقليدية الجامدة .. إذ لم يرقى في بنيته وفلسفته وأهدافه إلا التغيير المنشود وفق المعطيات التي تأملها وزارتنا العتيدة .. فاستثمار مهارات التفكير وإتاحة الفرصة للطالب التعليم الذاتي وأسلوب حل المشكلات والتفكير العلمي مطلب حتمي .. بالرغم أن مناهج الثانوية العامة تعتبر من المناهج التربوية القوية على مستوى المنطقة إلا أن آليات تطبيقها ما زالت بحاجة إلى الكثير من التأهيل والتدريب للكوادر الإشرافية التي يجب أن تكون قادرة على تأهيل الكوادر التدريسية للتعامل من معطيات مناهجنا بكل همة ومسؤولية .. وبقدر عال من الجدية فليس غريبا أن فلسفتنا التقليدية بهذا الخصوص ما زالت قائمة على أفكار تسعى لتلبية الطلب الاجتماعي المتزايد على بعض التخصصات نتيجة الانفجار السكاني ونتيجة كثرة مخرجات التعليم الأساسي التي تعد مدخلات للتعليم الثانوي .
ووفق تقليد المجتمع الأردني نعتبر أن الثانوية العامة تحظى بمكانة اجتماعية عالية كونها الطريق المؤدية إلى التعليم العالي . وكما سبق وأسلفت ومع ذلك لازال التعليم الثانوي يعاني بعضا من المشكلات التطبيقية رغم أن هناك محاولات للتغيير والتطوير إلا إن هذه المحاولات لم تأخذ الطابع الجدي الموضوعي للوصول إلى حلول للمشاكل بصوره جذرية . ولكنها عبارة عن تصورات ومقترحات .. وبرأيي فنحن بحاجة إلى وضوح الرؤية لوظيفة المدرسة الثانوية .
وفي هذا الصدد يجب أن لا نغفل على أنفسنا بأننا السباقون في مجال التطوير التربوي من أجل تحسين أو ترقية الأفكار و الممارسات في التعليم خاصة في أساليب تطبيق المناهج والمقررات .. وهذا يتضح مما سبق بأن التجديد التربوي في الأردن سار في خطوات سريعة باتجاه تغيير في شكل التعليم وفلسفته وأهدافه وأساليبه
من هنا نعود إلى القول إننا بحاجة ماسة إلى معلمين وكوادر قادرة على تطبيق مناهج الثانوية العامة لتؤدي الوظيفة المطلوبة منها. تحت رقابه مشددة من الإشراف التربوي المؤهل .. والاتجاه إلى دراسة ثقافة تعليمية واحدة تخدم الطالب بحيث يكون خريج الثانوية مزوداً بمجموعة من المهارات الأساسية والقدرات العقلية والاتجاهات المرغوبة ولا أجد غضاضة في القول إن كوادرنا التدريسية العتيدة تحيير بحكم بلوغها سن التقاعد إلى المدارس الخاصة التي تقدم كفاءتها إلى المجتمع الأردني على أنها الأفضل متناسية أن أغلب كوادرها التدريسية هي في الأصل كوادر وزارة التربية والتعليم .
في النهاية هذه وقفة احترام وتقدير إلى كوادر وزارة التربية والتعليم أينما كانت وأينما وجدت والتي عملت
على الارتقاء بعملها وبواجبها ومهنتها إلى أعلى درجات التميز .
والله ولي التوفيق
مع تحياتي
الكاتب : فيصل تايه
البريد الالكتروني : Fsltyh@yahoo.com