طالع نازل على الفاضي

أخبار البلد تعرفون تلك الكائنات النشيطة دائمة الحركة، التي تنقل الأشياء التي تفوقها وزنا وحجما، وتقوم بتخزينها لليوم الأسود. تعرفون مجتمعها المنظم الفاعل، ولا شك تدركون أن تلك الكائنات الصغيرة لو تمتلك وعيا، فانها وفي غضون سنوات سوف تحتل الكرة الأرضية وتنوب عن البشرية في استغلالها بكل مكوناتها وكائناتها، وبطريقة صديقة لا بل محبة للبيئة.

 

هناك نوع آخر من النمل ، هو نمل الشجر. وهو نوع نشيط وسريع الحركة، يقضي حياته صعودا وهبوطا بين الجذور والأغصان، ويبدو للمراقب وكأنه نوع آخر من نمل التخزين الذي نعرفه على الأرض.

 

لكن المدقق والمراقب لنمل الشجر سوف يكتشف أن هذا النمل في صعوده وهبوطه وانتشاره السريع لا يحمل شيئا على الإطلاق . تصعد النملة بحثا عن الكلأ لتجد غصنا أخضر او ورقة ذات نسغ، وإن لم تجد تنهش اي عود يابس في طريقها، وتملأ معدتها ثم تعود إلى موطنها حول جذر الشجرة.

 

المشكلة أن النملة الشجرية، لكثرة حركتها وغثبرتها، ما أن تعود الى بيتها، حتى تكتشف أنها جاعت مرة ثانية، فتعود إلى أعالي الشجرة، فتأكل ثم تعود، ثم تجوع، ما أن تصل إلى البيت، فتعود إلى الشجرة وهكذا تقضي بقية يومها حتى تهمد وتنام جائعة.

 

أتحدث هنا عن الكائنات البشرية المشابهة التي لا تمارس الفعل الحقيقي في الحياة، بل أنها تتحرك باستمرار، لكن دون أن تفعل شيئا، عدا إشباع حاجاتها البيولوجية اليومية، دون فعل ودون تخزين ودون تراكم ودون تخطيط للمستقبل، ولليوم الأسود والأحمر وكافة الألوان المعروفة وغير المعروفة.

 

أتحدث عن كائنات بشرية مشابهة عابرة للتجمعات البشرية ومخترقة للجميع، نحن، أقصد الكائنات التي تشبه في سلوكياتها نمل الشجر كم أتمنى أن ننظر بعين الجدية إلى حركتنا الفراغية في الكثير من الأحيان-التي تشابه حركة نمل الشجر، لعلنا نكون أكثر فعالية.

 

أنا هنا لا اقوم بالنق والتهجم والتهكم علينا.... بل أسعى إلى محاولة تصحيح المسار... ومحاولة أن نسعى للوعي بالمشكلة على الأقل ...لعل وعسى.

 

مع التذكير بأن نمل الشجر في النهاية يحكم على نفسه بالموت عندما لا يجد سوى جذور الشجرة فيأكلها، ويموت بموت الشجرة، أو ينتقل الى شجرة أخرى، وهذا ما لا نرضاه لأنفسنا.