أمنيات السنة وتطلعات الشيعة
أخبار البلد-
حديثي اليوم سيكون بلغة (المذهب) مباشرة, لان الكثير منا مختبئ خلف مسميات اخرى والحقيقة أن المشكلة في منطقتنا اليوم باتت مشكلة مذاهب, وبالتحديد المذهب السني والمذهب الشيعي وما يقع خلفها من فكر قديم وأيدولوجيات حديثة, حيث تطور الفكر إلى أيدولوجيات, والصراع اليوم هو صراع فكر قديم تحوّل إلى أيدولوجيات حديثة.
كغيري من أبناء كافة المذهب السني أتمنى أن تزول تطلعات المذهب الشيعي في جانبه السياسي على منطقتنا العربية كاملة, وأن يسود مبدأ التفاهم والاحترام المشترك والمتبادل بين المذهبين السني والشيعي, وأن البقاء في دائرة تحليل التاريخ الماضي بجميع حيثياته لن ولم يخدم مصير ومستقبل أبناء شعوب المنطقة ككل, وللأسف الشديد المشهد اليوم والذي لا يساوره أدنى شك يُظهر أن للسنة أمنيات في المنطقة, وفي نفس الوقت للشيعة تطلعات في حدود المنطقة, والسؤال الجوهري هو من المحرك الرئيسي لأمنيات المذهب السني, وتطلعات المذهب الشيعي في المنطقة ككل؟
بكل صراحة لن يهدأ بال شعوب المنطقة بأسرها طالما أن هناك ثنائية مركبة من اتجاهين, الاتجاه الأول تتمثل في (أمنيات) أهل السنة في بناء علاقات جوار مع الكيان الصهيوني, في حين أن الاتجاه الثاني يتمثل في (تطلعات) أهل المذهب الشيعي في تحييد وأبعاد الأيدولوجية الصهيونية عن منطقة أهل السنة ومليء ذلك الفراغ بالفكر الشيعي, وما خروج تصريح من لبنان, أو تحريك طائرة مسيّرة من اليمن, أو إطلاق صاروخ من غزة, إلا ردود أفعال غاضبة من أهل المذهب الشيعي على (أمنيات) أهل المذهب السني في المنطقة.
وهذا يعني بالضرورة أن أهل السنة اليوم بين أمران أحلاهما مُر, بين مطرقة فكر المذهب الشيعي, وسندان الأيدولوجية الصهيونية, والسؤال المهم هنا هل من مخرج استراتيجي لذلك؟..الخروج من (أمنيات) أهل السنة والمتمثلة في بناء علاقات جوار مع الكيان الصهيوني, وبنفس الوقت تحاشي (تطلعات) أهل المذهب الشيعي في تحييد الأيدولوجية الصهيونية عن منطقة أهل السنة ومليء ذلك بالفكر الشيعي غاية في التعقيد, نعم غاية في التعقيد, في الوقت الذي يعيش فيه أهل السنة اليوم واقع مرير يتمثل في فرقة الصف, وضعف الارادة.
اهل مذهب السنة اليوم معنيين بتغيير (أمنياتهم) تلك التي تدفع باتجاه بناء علاقات جوار مع كيان صهيوني احتل ارض فلسطين من البحر إلى النهر, وبنفس الوقت معنيين ايضاً بتحاشي (تطلعات) أهل المذهب الشيعي والذي يرمي إلى مليء منطقة السنة بالفكر الشيعي وأيدولوجيته, وفي كلتا الاتجاهين يبقى السؤال الجوهري كيف يمكن لأهل السنة عمل ذلك؟
المشكلة ليست مشكلة جغرافية لبنان.. ولا جغرافية اليمن.. ولا جغرافية غزة.., المشكلة مشكلة تاريخ وفكر وبالتالي مذهب وحركة, مذهب سني ومذهب شيعي وحركة صهيونية, وإذا دخلنا أكثر..المشكلة في الأصل تقع من البداية في التجاذبات الثنائية بين الحركة الصهيونية والمذهب السني بشأن القضية الفلسطينية, وهذا بدوره لم يُعجب ولم يُقنع المذهب الشيعي لاعتبارات معينة لديهم, ومن هنا بدأ المذهب الشيعي بنشر أفكاره المعاكسة في الأوساط السنية, وتطور الأمر إلى ردود فعل من جهة المذهب السني وهذا هو ما أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم (حساسية مفرطة بين المذهبين) وسببها الحركة الصهيونية والمتمثلة في الايدولوجية الصهيونية والتي تدعوا إلى إيجاد تاريخ لهم في فلسطين.
لن يخرج مذهب اهل السنة من مطرقة فكر المذهب الشيعي, وسندان الأيدولوجية الصهيونية, إلا بطريقة واحدة وواحدة فقط, وهذه الطريقة تقضي بحل قضية الشرق الاوسط (القضية الفلسطينية), والمتمثلة بحل الدولتين, ورؤية حل الدولتين تقوم على وجود دولة إسرائيلية ودولة فلسطينية تتعايشان جنبا إلى جنب بسلام، وذلك بإقامة دولة فلسطينية ضمن الحدود التي رسمت في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية في 1967.
وبعد..
المشكلة يا سادة يا كرام ليست في الجغرافيا المشكلة في التاريخ..