لماذا غيرت «فيسبوك» هويتها؟
أخبار البلد - تتباين أسباب تغيير الشركات هوياتها وأسماءها بحسب حالة الشركة، وعادة ما تغير الشركات هويتها عند اندماجها مع شركة أخرى، وذلك لكي لا تغلب هوية شركة على أخرى. ويحدث هذا التغيير كذلك مزامنة مع تغير التوجه الاستراتيجي أو الطموحات المستقبلية للشركات. ويغيّر بعض الشركات هويته سعياً لفصل أسماء منتجاتها عن الهوية العامة للشركة، خصوصاً عندما تتعدد منتجاتها، ذلك أن المنتجات تخاطب المستهلكين، بينما تخاطب الشركة المستثمرين والشركات والمشرّعين والسياسيين.
وعندما غيرت «فيسبوك» هويتها الأسبوع الماضي لتصبح «ميتا»، أضيفَ إلى هذه الأسباب سبب رآه العديد من النقّاد السبب الرئيسي، وهو تجنّب اسم «فيسبوك» الذي أصبح مسموماً بعدما ارتبط خلال السنوات الأخيرة بفضائح عديدة؛ منها «فضيحة كامبريدج أنالاتيكا» عام 2018، التي اتهمت بجمع بيانات شخصية لمستخدمي «فيسبوك» واستخدامها لأغراض سياسية، وكان آخرها وأكبرها منذ تأسيس الشركة قبل 17 عاماً تسرّبُ آلاف المستندات التي أظهرت أن الشركة حريصة على الربحية أكثر من حرصها على سلامة المستخدمين.
إلا إن تغيير الهوية إلى «ميتا»، وبحسب التوجهات الاستراتيجية المعلنة من الشركة، يبدو في غاية المنطقية. فـ«ميتا»، بعد هذا التغيير، أصبحت تنقسم إلى قسمين، يشكّل القسم الأول منهما الأنشطة الحالية للشركة مثل «فيسبوك» و«إنستغرام» وغيرهما، بينما سوف يركّز القسم الثاني والجديد على ما يسمى «ميتافيرس»؛ وهو مفهوم يجدر بالمهتمين بالتقنية الاطلاع عليه وبشكل مكثف لما يشكله من أهمية في مستقبل التقنية.
ويراهن زوكربيرغ من خلال «ميتا» على تقنيات الـ«ميتافيرس»، وصرح بعد تغيير الهوية بأن العالم بحلول نهاية هذا العقد أو حتى بمنتصفه سوف يتحوّل إلى أجهزة الواقع المعزز مبتعداً عن الكومبيوترات الشخصية.
إلا إن الطريق أمام «ميتا» ليست بهذه السهولة، فالصعوبات التقنية عديدة أمامها للوصول إلى هذا المستوى المتقدم من التقنية، وقد حاول العديد من الشركات استثمار تقنيات الواقع الافتراضي، إلا إن الطلب من المستخدمين كان غالباً يتركز على جانب الألعاب من هذه التقنية، ولم تستخدم بشكل جدّي في عالم الأعمال إلا بشكل محدود.
وما قد يؤثر في خطة زوكربيرغ هو إرث «فيسبوك» السيئ، والذي ارتبط خلال سنوات باستغلال معلومات المستخدمين وعدم مراقبة محتوى شبكات التواصل. وفيما لم تكن التشريعات لشبكات التواصل الاجتماعي قوية عند تأسيس «فيسبوك» قبل أكثر من عقد، فهي الآن أكثر تركيزاً وإدراكاً لأبعاد وتأثير هذه الشبكات، ولن يتساهل المشرعون مع تقنيات جديدة تعطي زوكربيرغ قوة إضافية في العوالم الافتراضية. ولذلك؛ فإن التحدي الحقيقي الذي تواجهه «ميتا» هو كسب ثقة العالم ووضع الضمانات لعدم تكرار قصة «فيسبوك». وحتى ذلك الحين؛ يجب على زوكربيرغ إصلاح شركته من الداخل، فتغيير الهوية لن يمحو المشكلات التي تعاني منها شركته.